الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديد» (1).
والأظهر - والله أعلم - أن الآية أعم من قول زيد وابن كيسان؛ إذ تشمل المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وسياق الآيات يدل على ذلك، فما قبلها جاء بصيغة العموم:{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ} ، ثم ذكر بعدها مصير المؤمن والكافر، وهذا ترجيح الطبري وابن عطية وابن كثير (2).
سابعاً: محمد بن السائب الكلبي
.
طعن في عدالته الأعمش، فقد أورد ابن جرير في الباب الذي عقده في مقدمة تفسيره عمن كان من قدماء المفسرين محموداً علمه بالتفسير، ومن كان منهم مذموماً علمه به أثراً عن الحسين بن واقد (3) قال: «حدثنا الأعمش قال: حدثني
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (7/ 379)، قال ابن عطية في المحرر الوجيز (15/ 176):«وهذا التأويل يضعف من وجوه: أحدها: أن الغفلة إنما تنسب أبداً إلى مقصر، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا تقصير له قبل بعثه ولا بعده، وثان: أن قوله بعد هذا: {وَقَالَ قَرِينُهُ} يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور، وهو الذي يقال له: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}، وإن جعلناه عائداً على ذي النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الكلامين غير متمكن فتأمله، وثالث: أن معنى توقيف الكافر وتوبيخه على حاله في الدنيا يسقط، وهو أحرى بالآية وأولى بالرصف» ، وانظر أيضاً تضعيف ابن كثير لهذا القول في تفسيره (7/ 379).
(2)
انظر: جامع البيان (21/ 433)، والمحرر الوجيز (15/ 177)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 379).
(3)
هو أبو عبد الله الحسين بن واقد المروزي قاضي مرو، يروي عن ثابت البناني وعمرو بن دينار، وعنه ابن المبارك، خرَّج له مسلم وأهل السنن، ووثقه ابن معين وغيره، توفي عام (159 أو 157).
انظر: التاريخ الكبير (1/ 2/389)، والجرح والتعديل (1/ 2/66)، وتهذيب التهذيب (1/ 438).
سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، قال الحسين بن واقد: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي إلا أنه قال: إن الله قادر أن يجزي بالسيئة السيئة، وبالحسنة عشراً، فقال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير» (2).
وكلام الكلبي من حيث المعنى صحيح دل عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (3)، قال ابن عطية:«{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} أي يجازي الحسنة بعشر، والسيئة بمثل» (4)، لكنَّ انتقاد الأعمش للكلبي من حيث صحة روايته عن ابن عباس، وهو يروي تفسيره من طريق أبي صالح عنه.
وتقدم قول أبي صالح للكلبي: «كل شيء حدثتك فهو كذب» .
(1) سورة غافر من الآية (20).
(2)
جامع البيان (1/ 86 - 87، 20/ 303)، والأثر في الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 276)، وحلية الأولياء (1/ 323) مختصراً.
(3)
سورة الأنعام آية (160).
(4)
المحرر الوجيز (14/ 127).
وأقر الكلبي على نفسه بذلك، فقال لسفيان الثوري:«ما سمعت عني عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب، فلا تروه عني» (1).
واتفقت كلمة الحفاظ على القدح في عدالة الكلبي:
فقد سئل الإمام أحمد عن تفسير الكلبي، فقال:«كذب، فقيل: أيحل النظر فيه؟ ، قال: لا» (2).
وقال أبو حاتم: «الناس مجمعون على ترك حديثه، لا يشتغل به، هو ذاهب الحديث» (3).
(1) المجروحين (2/ 263)، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 274).
(2)
المجروحين (2/ 263)، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 163)، وميزان الاعتدال (5/ 4).
(3)
الجرح والتعديل (3/ 2/271).
(4)
المجروحين (2/ 264).
وانتقد ابن كثير الكلبي وضعفه في بعض المواطن من تفسيره (1).
وأما أقوال الكلبي في التفسير فقد أثنى عليه بعض العلماء، كقول قتادة:«ما بقي أحد يجري مع الكلبي في التفسير في عنان» (2).
وقال وكيع: «كان سفيان الثوري لا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة من أولها إلى آخرها مثل الكلبي» (3).
وقال ابن قتيبة: «كان نساباً عالماً بالتفسير» (4).
وقال ابن عدي في ترجمته بعدما ساق بعض مروياته عن أبي صالح في التفسير: «وللكلبي غير ما ذكرت من الحديث أحاديث صالحة، وخاصة عن أبي صالح، وهو رجل معروف بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه .... ورضوه في التفسير» (5).
(1) انظر (1/ 18، 60، 3/ 130، 214).
(2)
جامع البيان (1/ 87).
(3)
تقدمة الجرح والتعديل (ص 79)، وانظر أيضاً (3/ 2/270) من الكتاب نفسه.
(4)
المعارف (ص 536).
(5)
الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 282) باختصار، وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 250):«وكان محمد بن السائب عالماً بالتفسير» ، ونعته ابن خلكان في وفيات الأعيان (4/ 309) بأنه إمام في التفسير والأنساب، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة (141 - 160/ص 267):«هو آية في التفسير واسع العلم على ضعفه» .
علق الذهبي على قول ابن عدي بأنه ليس لأحد تفسير أطول منه بقوله: «قلت: يعني من الذين فسروا القرآن في المائة الثانية، ومن الذين ليس في تفسيرهم سوى قولهم» (1).
وقد جاء عن الأعمش أنه كان يختبر معرفة الكلبي بتفسير القرآن، ووافقه في بعض تفسيراته، فعن أبي بكر بن عياش (2) قال:«سألني الأعمش عن " المتقين "، فأجبته، فقال لي: سل عنها الكلبي، فسألته، فقال: الذين يجتنبون كبائر الإثم، قال: فرجعت إلى الأعمش، فقال: نرى أنه كذلك، ولم ينكره» (3).
(1) تاريخ الإسلام حوادث سنة (141 - 160/ص 267).
(2)
ابن سالم الأسدي الكوفي المقرئ، اختلف في اسمه على أكثر من عشرة أقوال؛ أشهرها قولان: شعبة، والآخر أن كنيته اسمه، ولد سنة (95)، وهو قرين حفص في الرواية عن عاصم؛ قرأ عليه القرآن ثلاث مرات، توفي سنة (193).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 269)، ومعرفة القراء الكبار (1/ 134)، وغاية النهاية (1/ 325).
(3)
جامع البيان (1/ 238).