المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أولاً: أن العناية بنقد التفسير

- ‌ثانياً: أهمية دراسة ظاهرة النقد عند المفسرين وتأصيلها

- ‌ثالثاً: حظيت بعض ظواهر التفسير بالدراسة والتحليل والتأصيل

- ‌رابعاً: أن هذه الدراسة تغطي جانباً مهماً من مناهج المفسرين في تعاملهم مع التفسير بمجالاته المختلفة

- ‌خامساً: أما الاقتصار على عصر الصحابة والتابعين فلأنهم الأصل

- ‌خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌أولاًالتعريف بالموضوع

- ‌1 - تعريف النقد:

- ‌2 - تعريف الصحابي:

- ‌3 - تعريف التابعي:

- ‌4 - تعريف التفسير:

- ‌ثانيًاالنقد النبوي للتفسير وأثره على الصحابة

- ‌نقد مناهج التفسير:

- ‌أ- نقد تأويل المتشابه:

- ‌ب - نقد الإسرائيليات:

- ‌ج - نقد الجدال في القرآن وضرب بعضه ببعض:

- ‌د - نقد التفسير بالرأي:

- ‌بيانه صلى الله عليه وسلم لوجه ضعف التفسير:

- ‌أثر النقد النبوي على الصحابة:

- ‌الباب الأول جهود الصحابة والتابعين في دفع الخطأ في التفسير قبل وقوعه

- ‌الفصلُ الأول تغليظ الخطأ في التفسير وبيان خطره

- ‌أولاً مظاهر تعظيم الصحابة والتابعين للتفسير وتغليظ الخطأ فيه

- ‌أولاً: اعتبار الخطأ في التفسير قولاً على الله بلا علم

- ‌ثانياً: النهي عن السؤال في التفسير، وترك مجالسة من يفعل ذلك

- ‌ثالثاً: اعتبار الكلام في التفسير أعظم من الكلام في العلوم الشرعية الأخرى

- ‌رابعاً: الامتناع عن تفسير القرآن

- ‌خامساً: الاستخارة عند تفسير القرآن

- ‌ثانياً دواعي الصحابة والتابعين في التغليظ على المخطئ في التفسير وإحجامهم عن تأويل القرآن

- ‌الفصلُ الثاني الاهتمام بالتفسير الصحيح والحث على ما يعين على فهم القرآن الكريم

- ‌أولاًالاهتمام بالتفسير الصحيح

- ‌أولاً: الرحلة في طلب تفسير القرآن

- ‌ثانياً: التثبت من المعنى الصحيح للآية

- ‌ثالثاً: الفرح بالتفسير الصحيح والحزن على فواته

- ‌رابعاً: الاهتمام برجال التفسير

- ‌ثانياًالحث على ما يعين على فهم القرآن

- ‌أولاً: الاستعانة بالسياق القرآني في فهم الآيات

- ‌ثانياً: الاستعانة بالسنة في فهم القرآن

- ‌ثالثاً: معرفة سبب نزول الآية

- ‌رابعاً: معرفة الناسخ والمنسوخ

- ‌خامساً: معرفة اللغة العربية

- ‌ومن أوجه عنايتهم بالعربية في بيان القرآن ما يأ

- ‌سادساً: التدرج في تعلم التفسير

- ‌الفصلُ الثالث الاختلاف في تفسير الصحابة والتابعين

- ‌أولاًطبيعة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: الاختلاف في الفروع دون الأصول

- ‌ثانياً: قلة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌وهناك أسباب أدت إلى قلة اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير، ومن أهمها

- ‌ثالثاً: اختلاف تنوع لا تضاد

- ‌رابعاً: مع الاختلاف مودة وألفة

- ‌خامساً: كراهة الاختلاف

- ‌ثانياًأدب الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: احترام الرأي الآخر

- ‌الأول: عدم إلزام الطرف الآخر بالرجوع عن رأيه، وبخاصة إذا كان صادراً عن اجتهاد

- ‌الثاني: عدم التعدي على المخالف

- ‌الثالث: بقاء المكانة العلمية بين المختلفين على ما هي عليه

- ‌ثانياً: الرجوع إلى العلماء عند الاختلاف

- ‌ومن شواهده عن الصحابة والتابعين:

- ‌ثالثاً: الرجوع إلى الحق

- ‌ومن تلك المراجعات:

- ‌الباب الثاني دواعي نقد الصحابة والتابعين للتفسير، وأساليبه ومميزاته

- ‌الفصل الأول دواعي النقد عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: ظهور الفتن والبدع

- ‌ثانياً: مخالطة أهل الكتاب

- ‌ثالثاً: دخول الأعاجم في الإسلام

- ‌رابعاً: تصدر بعض من لا علم عنده لتفسير القرآن

- ‌خامساً: مؤثرات سياسية

- ‌سادساً: مؤثرات اجتماعية

- ‌الفصل الثاني أساليب الصحابة والتابعين في نقد التفسير

- ‌ومن مظاهر الشدة في النقد:

- ‌أولاً: الشدة مع أهل البدع، وإغلاظ القول لهم، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً

- ‌ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:

- ‌ومن مظاهر الرفق في النقد:

- ‌أولاً: الرفق مع أهل العلم والفضل، ومن أمثلته

- ‌ثانياً: الرفق مع الطلاب

- ‌ثالثاً: عدم الانتقاد المباشر للمخطئ

- ‌عبارات نقدية:

- ‌أولاً: التكذيب، وشواهده كثيرة

- ‌ومن أمثلة هذا الاستعمال في نقد التفسير:

- ‌ثانياً: زعم

- ‌ثالثاً: أخطأت التأويل

- ‌رابعاً: لم تصب.ومن أمثلته:

- ‌خامساً: بئسما قلت.ومن أمثلته:

- ‌سادساً: تَأَوَّلَ الآية على غير تأويلها.ومن أمثلته:

- ‌سابعاً: وَضَعَ الآية على غير موضعها.ومن أمثلته:

- ‌ثامناً: لقد حملتموها على غير المحمل.ومن أمثلته

- ‌تاسعاً: ليس بالذي تذهبون إليه

- ‌عاشراً: ما لكم ولهذه الآية

- ‌حادي عشر: لا تغرنكم هذه الآية.ومن أمثلته:

- ‌ثاني عشر: الضحك

- ‌الفصل الثالث مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌المبحث الأول مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاً: أهليتهم للنقد

- ‌ثانياً: الاطلاع الواسع على المناهج والأقوال

- ‌ثالثاً: الاستدلال للنقد

- ‌رابعاً: بيان الرأي الصحيح

- ‌المبحث الثاني أبرز نقاد الصحابة والتابعين

- ‌الباب الثالث مجالات نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌الفصلُ الأول نقد طرق التفسير ومناهجه

- ‌أولاًنقد التفسير بالرأي

- ‌ثانياًنقد التفسير بالإسرائيليات

- ‌صور نقد الإسرائيليات:

- ‌الأولى: النهي الصريح عن رواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌الصورة الثانية: تكذيب الإسرائيليات، ومن شواهده:

- ‌الصورة الثالثة: انتقاد بعض الناس بسبب روايتهم الإسرائيليات وتتبعهم لها، ومن الآثار في ذلك:

- ‌الرابعة: الأمر بإتلاف الصحف المشتملة على الأخبار الإسرائيلية، ومن شواهده:

- ‌دواعي نقد الإسرائيليات:

- ‌توجيه الرواية عن أهل الكتاب وسؤالهم:

- ‌ثالثاًنقد تفاسير أهل البدع

- ‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

- ‌منهج الصحابة والتابعين في الرد على أهل البدع:

- ‌الفرق التي انتقدها الصحابة والتابعون

- ‌أولاً: الخوارج

- ‌القضية الأولى: التكفير

- ‌القضية الثانية: قتال أهل القبلة

- ‌القضية الثالثة: تخليد أهل الكبائر في النار

- ‌القضية الرابعة: نفي الشفاعة عمن دخل النار

- ‌ثانياً: الشيعة

- ‌ثالثاً: القدرية

- ‌رابعاًنقد تفسير المتشابه

- ‌طرق الصحابة والتابعين في نقد تأويل المتشابه:

- ‌خامساًنقد الجدال في القرآن:

- ‌الجدال المحمود:

- ‌سادساًنقد تفاسير القُصَّاص

- ‌دواعي نقد القصاص

- ‌انتقاد القصاص في التفسير:

- ‌سابعاًنقد التكلف في التفسير

- ‌ثامناًنقد تدوين التفسير

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في انتقاد تدوين التفسير:

- ‌الفصل الثاني نقد رجال التفسير

- ‌أولاًالرجال المنتقدون في التفسير

- ‌أولاً: مجاهد بن جبر المكي

- ‌الأمر الأول: سؤال أهل الكتاب

- ‌الأمر الثاني: مما انتقد به مجاهد رحمه الله تفسير القرآن بالرأي

- ‌ثانياً: عكرمة مولى ابن عباس

- ‌ولانتقاد ابن المسيب احتمالان:

- ‌وقد جاء تكذيب عكرمة عن غير سعيد بن المسيب:

- ‌وأجيب عن تكذيب ابن المسيب وغيره لعكرمة بأجوبة منها:

- ‌ثالثاً: الضحاك بن مزاحم الهلالي

- ‌رابعاً: أبو صالح مولى أم هانئ "باذام

- ‌خامساً: إسماعيل السدي

- ‌سادساً: زيد بن أسلم العدوي

- ‌سابعاً: محمد بن السائب الكلبي

- ‌ثانياًأسباب نقد رجال التفسير

- ‌ثالثاًأثر نقد رجال التفسير على تفاسيرهم

- ‌الفصل الثالث نقد الأقوال

- ‌أولاً:طريقة الصحابة والتابعين مع القول الواحد في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: تصويب القول

- ‌الحالة الثانية: تصويب القول مع تقييده

- ‌الحالة الثالثة: تضعيف القول

- ‌القسم الأول: الاكتفاء بتضعيف القول فقط

- ‌القسم الثاني: تضعيف القول، وذكر القول الراجح

- ‌الحالة الرابعة: التوقف في معنى الآية، وعدم الجزم بصحة رأي معين، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً:طريقة الصحابة والتابعين عند تعدد الأقوال في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: ذكر الأقوال دون ترجيح.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثانية: ترجيح أحد الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثالثة: الجمع بين الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌ثالثاًالرجوع عن القول

- ‌الباب الرابع أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين وأثره

- ‌الفصل الأول أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الأول الأسس المتعلقة بالرواية

- ‌أولاًمخالفة القرآن الكريم

- ‌ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌صور نقد التفسير بالقرآن الكريم

- ‌الصورة الأولى: مخالفة سياق الآية

- ‌والرد بالسياق القرآني ثلاثة أقسام:

- ‌القسم الأول: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية، ويعرف هذا بالسباق

- ‌القسم الثاني: الاستدلال على ضعف التفسير بما بعد الآية، ويعرف هذا بلحاق الآية

- ‌القسم الثالث: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية وما بعدها

- ‌الصورة الثانية: مخالفة ظاهر الآية

- ‌الصورة الثالثة: نقد التفسير بآية أخرى

- ‌ثانياًمخالفة السنة النبوية

- ‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

- ‌ثالثاًمخالفة سبب النزول

- ‌رابعاًمخالفة التاريخ

- ‌خامساًالطعن في صحة نقل التفسير

- ‌المبحث الثاني الأسس المتعلقة بالدراية

- ‌أولاً: مخالفة اللغة العربية

- ‌ثانياًاشتمال التفسير على ما يخل بمقام الأنبياء والملائكة وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الأنبياء وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الملائكة

- ‌ثالثاًمخالفة الواقع

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌رابعاًمعارضة التفسير بالقياس

- ‌خامساًأن يكون التفسير غير مفيد

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌سادساًنقد التفسير بذكر ما يترتب عليه

- ‌الفصل الثاني أثر نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاًأثره في التفسير وأصوله

- ‌ثانياًأثره في علوم القرآن

- ‌أ- القراءات:

- ‌فمن شواهد ترجيح القراءة المتواترة:

- ‌ومن شواهد ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة:

- ‌ب - الناسخ والمنسوخ:

- ‌القسم الأول: نقد القول بنسخ الآية، ومن أمثلته:

- ‌القسم الثاني: نقد القول بإحكام الآية، ومن أمثلته:

- ‌ثالثاًأثره في العقائد

- ‌رابعاًأثره في المتلقين

- ‌وأما المخطئ في الفهم والتأويل فإن انتقاده يعود عليه بفوائد:

- ‌الخاتمة

- ‌الفهارس

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌ب - نقد الإسرائيليات:

فالإخبار عن الجنة بأنها تستغرق السموات والأرض قد يُفهم منه ألا يوجد مكان للنار؛ لذا أُورد هذا السؤال، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليس بلازم بالقياس على الليل والنهار؛ إذ لا يلزم من عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان، وإن كنا لا نعلمه، وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل (1).

‌ب - نقد الإسرائيليات:

يتخذ بعض المفسرين الروايات الإسرائيلية طريقاً لتفسير القرآن، وبخاصة فيما يتعلق بأخبار الأمم السابقة ، وما جرى للرسل مع أقوامهم، حتى أصبح ذلك سمة ظاهرة في بعض التفاسير؛ لما في الروايات الإسرائيلية من تفصيلات لا توجد في الكتاب والسنة.

وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديث عن بني إسرائيل، فقال:«حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» (2).

واستمع لحبر من أحبار اليهود قال له: «يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى

(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 99).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل (4/ 145) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

ص: 39

بدت نواجذه؛ تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} » (1).

ومع مجيء هذا الإذن الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، فقد جاء عنه ما يدل على أنه ليس مطلقاً، وانتقد صراحة من سأل أهل الكتاب أو تتبع كتبهم، فغضب صلى الله عليه وسلم من عمر رضي الله عنه حينما رأى في يده صحيفة من التوراة، وقال:«أَمُتَهَوِّكُوْنَ (2) فيها يا بن الخطاب؟ ! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني» (3).

(1) سورة الزمر من الآية (67)، والحديث أخرجه البخاري في مواطن عدة من صحيحه؛ منها كتاب التفسير، باب قوله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (6/ 33) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(2)

متهوكون أي: متهورون من التهوك، وهو التهور والوقوع في الأمر بغير روية، وقيل معنى التهوك: التحير. النهاية في غريب الحديث (5/ 282) مادة "هوك".

(3)

رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 387) وهذا لفظه، وروى نحوه في (ص 338) من الجزء نفسه، ورواه الدارمي في سننه (1/ 122)، وابن أبي شيبة في مصنفه (9/ 47)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 27) كلهم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي إسناده مجالد بن سعيد الهَمْداني، وليس بالقوي؛ فقد تغير في آخر عمره كما في تقريب التهذيب (ص 520)، وانظر مجمع الزوائد (1/ 174)، وقد صحح إسناده ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 215)، وقال في موضع آخر (3/ 35):«إسناده على شرط مسلم» ، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (6/ 34).

ورواه أحمد في المسند (3/ 470، 4/ 265)، وعبد الرزاق في المصنف (6/ 113) من حديث عبد الله بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وفي إسناده جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف كما في تقريب التهذيب (ص 137)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 173) عن هذا الحديث:«رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابراً الجعفي، وهو ضعيف» ، وانظر فتح الباري لابن حجر (13/ 334)، وأشار البخاري في التاريخ الكبير (3/ 1/39) إلى عدم صحة إسناده، وللحديث شاهد عند ابن الضريس في فضائل القرآن (ص 54)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 161) عن الحسن البصري أن عمر بن الخطاب فذكر نحوه، وله شاهد آخر عند عبد الرزاق في مصنفه (6/ 112) عن أبي قلابة أن عمر فذكر نحوه، لكن هذان الشاهدان فيهما انقطاع بين عمر وبين الحسن وأبي قلابة.

والحاصل أن الحديث لا تخلو أسانيده من ضعف، لكنه ليس بالشديد، ثم هو ينجبر بتعدد طرقه وشواهده، قال ابن حجر في فتح الباري (13/ 525) بعد سياق طرقه:«وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به، لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلاً» .

ص: 40

وإنما غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر خشية انصراف الناس عما جاء به القرآن، وإقبالهم على كتب أهل الكتاب ركوناً إليها وإتباعاً لها؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:

«أمتهوكون فيها» أي: هل أنتم في شك مما جئتكم به؟ ، وأكد ذلك بأن موسى عليه السلام لو كان حياً ما وسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليم بما جاء به، وهذا يدل على أن المفسر لا ينبغي له الانصراف عن تفسير القرآن بالكتاب والسنة إلى أخبار إسرائيلية لا يمكن الوثوق بصحتها، بل فيها ما يتعارض مع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم (1).

(1) ويشهد لذلك قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت آية: 51]، وقد روي في سبب نزولها أن رجالاً من المسلمين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بكتب فيها بعض كلام اليهود، فلما نظر فيها ألقاها، وقال:«كفى بها حماقة قوم، أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم إلى قوم غيرهم» ، فنزلت الآية. رواه الدارمي في سننه (1/ 131)، وأبو داود في المراسيل (ص 149)، والطبري في جامع البيان (18/ 429) - وهذا لفظه - عن يحيى بن جعدة مرسلاً، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (5/ 148) للإسماعيلي في معجمه وابن مردويه عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو كذلك في معجم الإسماعيلي المطبوع (2/ 772).

ص: 41

ومما يؤيد ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تصديقهم فيما ينقلونه من الأخبار، فقال:«لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم» (1)، وهذا يضع الأخبار الإسرائيلية في مرتبة المشكوك فيه، ويقلل الثقة بها؛ لما دخلها من التحريف والتبديل، ولعدم الثقة بمن يرويها من أهل الكتاب، فقد تحملهم العصبية والحمية لدينهم إلى تحريف ما ينقلونه، فلا يجوز جعل تلك الأخبار المشكوك فيها معاني لكتاب الله مقطوعاً بها، والواجب التريث في قبولها، حتى ينظر فيها وتنتقد، فإن لم يوجد فيها محذور أو خطأ أذن في روايتها مع التوقف في تصديقها أو تكذيبها (2) ، وهذا وجه من أوجه النقد، وفيه تنبيه لمن يتصدى لتفسير القرآن أن يكون حذراً يقظاً تجاه الروايات الإسرائيلية، قادراً على نقدها ورد ما يعارض الكتاب والسنة، فلا يدخل في تفسيره

(1) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (5/ 150) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

انظر فتح الباري لابن حجر (8/ 170).

ص: 42