الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: الطبقة الصغرى منهم، وهم الذين رأوا الواحد والاثنين ، ولم يثبت لبعضهم سماع من الصحابة، كالأعمش (1).
4 - تعريف التفسير:
يرجع مصطلح التفسير في أصله اللغوي إلى ثلاثة أحرف: " الفاء"، و"السين" ، و" الراء ".
وهل أصل التفسير مادة " فسر" ، أو" سفر"؟ ، ذكر الزركشي (2) في "البرهان"(3) قولان في ذلك ، والذي وقفت عليه في المعاجم اللغوية ذكر التفسير في مادة " فسر "، ولم أجد من ذكره في مادة " سفر" ، والتفسير بعد حذف الحروف الزوائد يرجع إلى فسر (4).
وبكل حال فالكلمتان فسر وسفر ترجعان إلى معنى واحد ، وهو الكشف
(1) تقريب التهذيب (ص 75).
(2)
هو بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المصري الشافعي، ولد عام (745)، عني بالفقه والأصول والحديث، من مصنفاته: الروضة، والبحر المحيط في أصول الفقه، توفي عام (794) بالقاهرة. انظر: الدرر الكامنة (4/ 17)، وشذرات الذهب (6/ 335).
(3)
(2/ 283 - 284) ، وتابعه السيوطي في الإتقان (2/ 221)، وانظر مقدمتان في علوم القرآن (ص 173)، والتيسير في قواعد علم التفسير (ص 21).
(4)
وانظر التفسير اللغوي (ص 19).
والبيان والإيضاح (1).
جاء في كتاب "العين":
وفي "تهذيب اللغة ": «وقوله: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (3) الفسر: كشف المغطى ، وقال بعضهم: التفسير: كشف المراد عن اللفظ المشكل» (4).
ويقال: فسرت الحديث أفسره فسراً؛ إذا بينته وأوضحته ، وفسرته تفسيراً كذلك (5).
ومن شواهد "سفر" قولهم: سفرت المرأة عن وجهها؛ إذا كشفته ، وأسفر الصبح؛ إذا بان وانكشف الظلام ، وسمي السفر بذلك؛ لأن المسافر ينكشف عن
(1) معجم مقاييس اللغة (ص 462) مادة "سفر"، و (ص 818) مادة "فسر"، والبرهان (2/ 284).
(2)
(7/ 247 - 248).
(3)
سورة الفرقان من الآية (33).
(4)
(12/ 407) مادة "فسر".
(5)
جمهرة اللغة (2/ 718).
مكانه (1).
* وأما المعنى الاصطلاحي للتفسير فهو مأخوذ من المعنى اللغوي من جهة كونه بياناً وكشفاً لمراد الله تعالى من كلامه ، وعلى هذا تدور تعريفات العلماء للتفسير، لكن يزيد بعضهم قيوداً وأوصافاً قد تخدم التفسير، ولها أثر - ولو يسير- في بيان القرآن ، فيذكر مثلاً في التعريف: أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد، ونحو ذلك:
وقد يذكر بعض العلماء ما ليس له أثر في بيان القرآن كقول أبي حيان (3): «التفسير: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها وأحكامها
(1) انظر: تهذيب اللغة (12/ 400 - 402)، والصحاح (2/ 686)، ومعجم مقاييس اللغة (ص 462) مادة "سفر".
(2)
البرهان (2/ 284).
(3)
هو محمد بن يوسف بن علي الأندلسي الغرناطي، ولد بغرناطة سنة (654)، برع في العربية والقراءات والتفسير، صنف البحر والنهر، وهما في التفسير، وله التذييل والتكميل، توفي بالقاهرة سنة (745).
انظر: الدرر الكامنة (5/ 70)، وبغية الوعاة (1/ 280)، وطبقات المفسرين للداودي (2/ 287).
الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتمات ذلك» (1).
وذكر أن المراد بكيفية النطق بألفاظ القرآن: علم القراءات.
والأولى في التعريفات الاختصار وأن تكون جامعة لحدود المعرَّف ، ومن أحسنها: تعريف الكافيجي (2) لولا أن فيه تكراراً، فإنه قال:«وأما التفسير في العرف فهو: كشف معاني القرآن وبيان المراد» (3)، وبيان المراد داخل في كشف معاني القرآن.
وعرف ابن عثيمين (4) التفسير بتعريف قريب منه، فقال:«بيان معاني القرآن الكريم» (5).
(1) البحر المحيط (1/ 13).
(2)
هو أبو عبد الله محمد بن سليمان الرومي الحنفي، ولد سنة (788)، كان بارعاً في علم الكلام واللغة والفقه وأصوله، زادت مؤلفاته على المائة، منها: شرح قواعد الإعراب، وشرح كلمتي الشهادة، توفي سنة (879).
انظر: الضوء اللامع للسخاوي (7/ 259)، وبغية الوعاة (1/ 117)، وشذرات الذهب (7/ 326).
(3)
التيسير في قواعد علم التفسير (ص 21).
(4)
هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن سليمان العثيمين، أحد كبار المجتهدين في هذا العصر، ولد سنة (1347)، وتلمذ على ابن سعدي، ولازم الإفتاء والتدريس طيلة حياته، وتوفي سنة (1420).
انظر في ترجمته كتاب الجامع لحياة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين العلمية والعملية.
(5)
أصول في التفسير (ص 28)، وهناك تعريفات أخرى مختصرة للزركشي في البرهان (1/ 104 - 105)، والزرقاني في مناهل العرفان (1/ 471)، وابن عاشور في التحرير والتنوير (1/ 10).
وأما ما يذكره المفسرون في كتبهم من معاني بعض المفردات التي لا يؤثر بيانها في المعنى التركيبي للآية، فالقارئ يفهم المراد من الآية دون الحاجة إلى معرفة حقيقة تلك المفردات، وتفسير هذه الأمور يعد بياناً لها، لكنَّ الاختلاف وقع في فائدة البحث في معناها بالنسبة للمفسر، ومن أمثلته ما وقع لعمر رضي الله عنه عندما أراد معرفة معنى الأب ثم عدل عن ذلك، وعده من التكلف؛ لأن معرفة المعنى التركيبي للآية مفهوم دون الوقوف على حقيقة الأب.
ومن أمثلته تفسير المبهمات في القرآن، فتفسيرها يعد بياناً لها، ولا يمكن إخراجها من البيان، فإذا قلنا إن المراد بضمير التثنية في قول الله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} (1) عائشة وحفصة رضي الله عنهما (2) فإنه يعد بياناً للآية، لكن جهلنا باسميهما لا يؤثر في فهم المراد من الآية، وسيأتي تفصيل أكثر عن هذه القضية، وتوجيه كلام عمر رضي الله عنه عند الحديث عن نقد التكلف في التفسير.
والمعيب حقاً أن تكون هذه المعاني التي لا تؤثر في بيان المعنى العام للآية هي ما يشغل المفسر ويصرفه عن البحث عن الفوائد والأحكام والعبر والهدايات التي
(1) سورة التحريم من الآية (4).
(2)
جامع البيان (23/ 94).
من أجلها نزل القرآن، وأحياناً لا تجد في بعض التفاسير سوى البحث عن هذه المعاني الفرعية، ويعظم الخطأ عندما يكون البحث في معاني تلك الأشياء غير ذي جدوى لعدم إمكانية الترجيح بين الأقوال في تفسيرها، وكونها متلقاة من الأخبار والروايات الإسرائيلية.
وهناك أشياء يذكرها المفسرون وهي ليست من بيان القرآن في شيء، مثل فضائل السور والآيات، وكذا ما أشار إليه أبو حيان في تعريف التفسير وأنه يشمل كيفية النطق بألفاظ القرآن كالإمالة والمدود ونحوهما.