الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال علي مقولته السابقة (1).
5 -
وعن ابن عباس أنه أرسل إلى زيد بن ثابت: «أفي كتاب الله ثلث ما بقي؟ ! ، فقال: أنا أقول برأيي وتقول برأيك» (2).
الثاني: عدم التعدي على المخالف
، والحكم عليه بسبب الاختلاف بفسق أو بدعة أو الشهادة عليه بكفر، فعن يحيى بن سعيد الأنصاري قال:«ما برح أولو الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه» (3).
الثالث: بقاء المكانة العلمية بين المختلفين على ما هي عليه
، وعدم تأثرها بالاختلاف، فقد ذكر ابن القيم في " إعلام الموقعين " اختلاف ابن مسعود مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في نحو مائة مسألة (4)، ومع ذلك بقي الحب والتقدير بين الرجلين، يتجلى ذلك في ثناء كل واحد منهما على الآخر، فعمر يقول عن ابن مسعود:«كُنَيف ملئ علماً» (5).
(1) فتح الباري لابن حجر (7/ 73).
(2)
جامع بيان العلم وفضله (2/ 58).
(3)
المصدر السابق (2/ 80).
(4)
إعلام الموقعين (2/ 237).
(5)
مصنف عبد الرزاق (10/ 13)، وكُنيف تصغير تعظيم للكِنْف وهو وعاء يجمع فيه الراعي أدواته، أراد عمر أن ابن مسعود وعاء للعلوم، تهذيب اللغة (10/ 275)، والنهاية في غريب الحديث (4/ 205)، مادة "كنف".
ويقول ابن مسعود في عمر: «ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر» (1)، ويقول:«لو وضع علم أحياء العرب في كفة، ووضع علم عمر في كفة لرجح بهم علم عمر» (2).
وتقدم اختلاف ابن عباس مع زيد بن ثابت، وقول ابن عباس: ليتق الله زيد، ومع ذلك يلتقيان ويرى ابن عباس زيد بن ثابت يركب دابته، فيأخذ بركابه ويقود به، فيقول زيد: تنحَّ يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فيقول زيد بن ثابت: أرني يدك، فيخرج ابن عباس يده، فيقبلها زيد، ويقول: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا (3).
ولنظرتهم إلى الخلاف بهذه الصورة كانت لديهم أريحية كبيرة للاختلاف وقبول الرأي الآخر، ولا يرى أحدهم مانعاً من مخالفة غيره صراحة، فعن ابن عباس قال: «قال ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم
(1) صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب (4/ 199).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (12/ 32)، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (2/ 419)، والمعجم الكبير للطبراني (9/ 162 - 163)، والمستدرك (3/ 86).
(3)
تاريخ دمشق (19/ 326)، وأخرج القصة مختصرة ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 2/116)، والحاكم في المستدرك (3/ 423).