الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا انضم إليهما في الإسناد محمد بن مروان السدي (1) فهي سلسلة الكذب (2).
خامساً: إسماعيل السدي
.
وهو المعروف بالسدي الكبير.
وقد انتقده الشعبي في التفسير والعلم بالقرآن، ولما قيل له:«إن إسماعيل السدي قد أعطي حظاً من علم بالقرآن، قال: إن إسماعيل قد أعطي حظاً من جهل بالقرآن» (3).
وكان يمر بالسدي وحوله شباب يفسر لهم القرآن، فيقول له: «لأن يضرب
(1) الكوفي المعروف بالسدي الصغير، روى عن الأعمش، متروك الحديث متهم بالكذب؛ قال البخاري:«سكتوا عنه» ، وقال أبو حاتم:«ذاهب الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه البتة» ، وقال ابن حبان:«لا تحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار، ولا الاحتجاج به بحال من الأحوال» .
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/232)، والجرح والتعديل (4/ 1/86)، والمجروحين (2/ 298)، والكامل لابن عدي (7/ 512)، وميزان الاعتدال (1/ 237، 5/ 157).
(2)
الإتقان (2/ 242).
(3)
العلل لأحمد (2/ 334)، والضعفاء الكبير للعقيلي (1/ 88)، والكامل لابن عدي (1/ 447)، قال أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري (1/ 157) ط. دار المعارف:«وعندي أن هذه الكلمة من الشعبي قد تكون أساساً لقول كل من تكلم في السدي بغير حق» .
على استك بالطبل خير من مجلسك هذا» (1).
وهناك أسباب دعت الشعبي لإطلاق هذه العبارات الشديدة في السدي، وهي تشبه إلى حد كبير الأسباب التي دعته لانتقاد أبي صالح، ومن هذه الأسباب ما يختص بالشعبي، ومنها ما يتعلق بالسدي.
فالشعبي رحمه الله عرف بالورع الشديد عن التفسير والقول في القرآن، وأما السدي فكان لا يرى بأساً في ذلك، ويكثر من التفسير ويطنب في ذكر الروايات عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم (2)، ومما زاد في نفور الشعبي من السدي أن الأخير يعقد المجالس لتفسير القرآن، ويجتمع الطلاب والناس حوله كما تشير إليه الروايات السابقة، وهذا الاختلاف في المنهج تسبب في كلام الشعبي فيه.
ومما ينبغي تأمله عند النظر في نقد الشعبي أن السدي الكوفي رحمه الله كان له اهتمام ظاهر بالروايات الإسرائيلية وتفسير القرآن بها، وكان يسهب في ذكرها إلى درجة تكون أقرب إلى السرد التاريخي منها إلى فهم النص القرآني (3)، والشعبي من أهل الكوفة المعروفين بالبعد عن الإسرائيليات والتحذير منها كما تقدم تقريره عنهم، ومن الممكن اطلاع الشعبي على الإسرائيليات التي يذكرها السدي، فأطلق فيه هذه
(1) جامع البيان (1/ 87)، والكامل لابن عدي (1/ 446).
(2)
مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 366).
(3)
انظر على سبيل المثال: جامع البيان (1/ 680، 695، 707، 2/ 63، 78، 344، 5/ 437، 13/ 80، 20/ 66، 91).
العبارات الشديدة.
وكأن السدي شعر ببعض النقد الموجه إليه بسبب تفسير القرآن، فرد على من أنكر عليه، وقال:«هذا التفسير أخذته من ابن عباس، فإن كان صواباً فهو قاله، وإن كان خطأً فهو قاله» (1).
ولشهرة السدي في التفسير لم يرتض بعض العلماء كلام الشعبي فيه، فالبخاري حين ترجم للسدي أعرض عن مقولة الشعبي وأورد ما يناقضها، فذكر قول إسماعيل بن أبي خالد:«كان السدي أعلم بالقرآن من الشعبي» (2).
وعلق الذهبي على قول الشعبي فقال: «قلت: ما أحد إلا وما جهل من علم القرآن أكثر مما علم، وقد قال إسماعيل بن أبي خالد: كان السدي أعلم بالقرآن من الشعبي رحمهما الله» (3).
ومن ثناء العلماء عليه أن إبراهيم النخعي كان يمر به وهو يفسر، فيقول:«أما إنه يفسر تفسير القوم» (4).
(1) تاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 247)، ومعجم الأدباء (2/ 725).
(2)
التاريخ الكبير (1/ 1/361).
(3)
سير أعلام النبلاء (5/ 265).
(4)
جامع البيان (1/ 87)، والجرح والتعديل (1/ 1/164)، والكامل لابن عدي (1/ 446)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 248).