الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعظون الناس بآيات القرآن، وقد يحتاج المقام إلى تفسيرها، فربما أخطأ أحدهم في البيان، أو خلط التفسير ببعض الحكايات والغرائب، وهذا جعل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ينشطون لنقد آرائهم في التفسير، وسيأتي تخصيص مبحث مستقل في نقدهم.
خامساً: مؤثرات سياسية
.
أفضى التنافس على الحكم والخلافة، وما تبعه من صراعات واقتتال بين المسلمين إلى تبني بعض السياسين آراء باطلة في فهم القرآن لتحقيق مكاسب سياسية، إما غضاً من قدر منافسيهم وحطاً من مكانتهم، وإما تأييداً لآخرين، وقد تسربت تلك التأويلات إلى بعض الولاة والخلفاء، ومن المحتمل أن الذي قام بتسريبها بعض من يحب التزلف إليهم، فحكاها لهم فأخذوها عنه، مما دعا الصحابة والتابعين إلى الرد عليهم، وبيان التأويل الصحيح للقرآن، ومما يستشهد به هنا:
1 -
استعمل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مروان بن الحكم على الحجاز، فخطب الناس، فجعل يذكر يزيد بن معاوية؛ لكي يبايع له بعد أبيه، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه (1) شيئاً، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها فلم يقدروا
(1) هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي، أكبر ولد أبي بكر وشقيق عائشة، شهد بدراً وأحداً مع الكفار، ثم أسلم أيام الهدنة وحسن إسلامه، وتوفي فجأة ودفن بمكة سنة (53 أو 54).
انظر: أسد الغابة (3/ 466)، والإصابة (6/ 295).
عليه، فقال مروان: إن هذا أنزل فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} (1)، فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلا أن الله أنزل عذري (2).
2 -
وقرأ الوليد بن عبد الملك سورة النور، وعنده الزهري، فلما بلغ:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (3) قال للزهري: «يا أبا بكر، من تولى كبره؟ ، أليس علي بن أبي طالب؟ ، فقال الزهري: لا يا أمير المؤمنين، فضرب الوليد بقضيبه السرير مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: فمن؟ ، فقال الزهري: يا أمير المؤمنين! عبد الله بن أبي بن سلول» (4).
3 -
وعن حيان بن سريج (5): «أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز في
(1) سورة الأحقاف من الآية (17).
(2)
صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} (6/ 42).
(3)
سورة النور من الآية (11).
(4)
المعجم الكبير للطبراني (23/ 97)، والقصة في: المعرفة والتاريخ (1/ 393)، وحلية الأولياء (3/ 369)، وذكرها البخاري مختصرة في صحيحه، في كتاب المغازي، باب حديث الإفك (5/ 60).
(5)
والي عمر بن عبد العزيز على مصر، له ترجمة مختصرة في التاريخ الكبير (2/ 1/56)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 2/ 247).