الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبارات نقدية:
للصحابة والتابعين رضي الله عنهم أساليبهم الخاصة التي يعبرون بها عن انتقادهم للأقوال، ولم تكن العبارات التي نشأت بعدُ، واستخدمها العلماء في النقد مستعلمة في وقتهم؛ مثل: هذا القول ضعيف، أو ساقط، أو مرجوح، أو فيه نظر ونحوها، ومن عباراتهم النقدية ما يلي:
أولاً: التكذيب، وشواهده كثيرة
، ومنها:
1 -
قال رجل لابن مسعود رضي الله عنه: «إن كعب الأحبار حدثني أن السموات تدور على منكب ملك، فقال ابن مسعود: فصدقته أو كذبته؟ ، قال: ما صدقته ولا كذبته، قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، وكذب كعب! إن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}» (1).
2 -
ومر تكذيب ابن عباس رضي الله عنهما لنوف البكالي.
ويأتي التكذيب في كلام السلف ويراد به التخطئة، لا حقيقة الكذب والإخبار بخلاف الواقع، ومن أمثلته:
(1) سورة فاطر من الآية (41)، والأثر أخرجه ابن جرير في جامع البيان (19/ 391).
1 -
قيل لعبادة بن الصامت رضي الله عنه: «إن أبا محمد (1) يزعم أن الوتر واجب، قال: كذب أبو محمد، أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه» (2).
قال الخطابي (3): «قوله: كذب أبو محمد، لم يذهب به إلى الكذب الذي هو الانحراف عن الصدق والتعمد للزور، وإنما أراد به أنه زل في الرأي، وأخطأ في الفتوى، وذلك أن حقيقة الكذب إنما يقع في الإخبار، ولم يكن أبو محمد في هذا مخبراً عن غيره، وإنما كان مفتياً عن رأيه، وقد نزه الله أقدار الصحابة عن الكذب،
(1) هو مسعود بن أوس بن أصرم بن زيد بن ثعلبة الأنصاري النجاري، شهد بدراً، وفتح مصر، وسكن دمشق، توفي في خلافة عمر، وقيل شهد صفين مع علي.
انظر: الاستيعاب (12/ 138) بذيل الإصابة، وأسد الغابة (5/ 157).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلوات (1/ 115)، وفي باب من لم يوتر (2/ 62)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات الخمس (1/ 230)، ومالك في الموطأ في كتاب الصلاة، باب الأمر بالوتر (1/ 181)، وأحمد في المسند (5/ 115، 117، 119)، والدارمي في سننه، في كتاب الصلاة، باب في الوتر (1/ 394).
(3)
هو أبو سليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي الفقيه الأديب، من شيوخ الحاكم، من مصنفاته: غريب الحديث، ومعالم السنن، وشان الدعاء، توفي في مدينة بست سنة (388).
انظر: وفيات الأعيان (2/ 214)، وتذكرة الحفاظ (3/ 1018).