الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما امتناع بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عن كتابة العلوم وكراهية تدوينها، فقد جاءت عنهم نصوص كثيرة في ذلك، وجاء أيضاً عنهم إباحتها (1)، ولذا حملت كراهيتهم على أوجه أوجزها ابن عبد البر بقوله:«من كره كتابة العلم، إنما كرهه لوجهين: أحدهما: ألا يتخذ مع القرآن كتاب يضاهى به، ولئلا يتكل الكاتب على ما كتب، فلا يحفظ فيقل الحفظ» (2).
ومما جاء عن الصحابة والتابعين في انتقاد تدوين التفسير:
1 -
كتب رجل في عهد عمر مصحفاً، وكتب عند كل آية تفسيرها، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين (3).
2 -
وسأل رجل سعيد بن جبير أن يكتب له تفسير القرآن، فغضب وقال:
(1) انظر في ذلك: سنن الدارمي (1/ 126 - 137)، وجامع بيان العلم وفضله (1/ 64 - 77)، وتقييد العلم (ص 36 - 63، 87 - 116).
(2)
جامع بيان العلم وفضله (1/ 68)، وانظر تقييد العلم (ص 57، 58، 93)
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (10/ 513)، وأما ما جاء عن عمر أنه كتب كتاباً في تفسير الكلالة ثم استخار فيه، ثم محاه، فمحوه للكتاب ليس كراهية للكتابة، بل لأنه عدل عن رأيه في نشر الكتاب، ورأى أن بقاء الناس على ما هم عليه أولى؛ يقول رضي الله عنه:«إني كنت كتبت في الجد والكلالة كتاباً، وكنت أستخير الله فيه، فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه» ، انظر ما تقدم (ص 86).
«لأن يسقط شقي أحب إلي من ذلك» (1).
وكان رحمه الله يكره كتابة الحديث (2).
فهذه الروايات محمولة على ما تقدم، والذي استقر عليه الصحابة والتابعون جواز كتابة التفسير، ومما ورد عنهم في جواز تدوين التفسير:
1 -
طلب عبد الملك بن مروان من سعيد بن جبير أن يكتب له تفسير القرآن ففعل، فوضعه عبد الملك عنده في الديوان (3).
2 -
وعن سعيد بن جبير قال: «ربما أتيت ابن عباس فكتبت في صحيفتي حتى أملأها، وكتبت في نعلي حتى أملأها، وكتبت في كفي، وربما أتيته فلم أكتب حديثاً حتى أرجع، لا يسأله أحد عن شيء» (4).
3 -
وكان عزرة (5) يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب ومعه
(1) وفيات الأعيان (2/ 371).
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 179).
(3)
انظر الجرح والتعديل (3/ 1/332).
(4)
الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 179).
(5)
هو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي الكوفي، روى عن أبي الشعثاء والشعبي، وعنه سليمان التيمي وقتادة، وثقه ابن معين وابن المديني، وخرج له مسلم.
انظر: الجرح والتعديل (3/ 2/21)، وتهذيب التهذيب (3/ 98).
الدواة يغير (1).
فهذه الروايات الثلاث عن سعيد ترجح عدم صحة ما نقل عنه من الامتناع عن تدوين التفسير، أو أنه رجع عن رأيه في ذلك.
4 -
وعن ابن أبي مليكة قال: «رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله» (2).
5 -
وكان تلاميذ مجاهد يكتبون التفسير عنده (3).
6 -
وجاء عن الحسن أنه أملى تفسير القرآن (4).
7 -
وكتب رجل إلى عروة بن الزبير رحمه الله يسأله عن قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} (5)، فكتب إليه
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 186)، والعلل لأحمد بن حنبل (2/ 429).
(2)
جامع البيان (1/ 85).
(3)
تاريخ ابن معين (2/ 550)، وسنن الدارمي (1/ 135)، وتقييد العلم (ص 105).
(4)
جامع بيان العلم وفضله (1/ 74).
(5)
سورة الممتحنة من الآية (10).
بتفسيرها (1).
8 -
وكان لزيد بن أسلم كتاب في تفسير القرآن (2).
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 6)، وجامع البيان (22/ 579).
(2)
تاريخ دمشق (19/ 282)، وتاريخ الإسلام حوادث سنة (121 - 140 ص 429).