الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسرائيلية كما تقدم الكلام عنه في التمهيد.
وهذا التعدد في المواقف لا يعني التناقض البتة، بل ينبغي حمل كل موقف على حالة بعينها.
والذي نريد الكلام عليه هنا هو نقد الصحابة والتابعين للأخبار الإسرائيلية وروايتها، ودوافعهم في ذلك، وعلى أي شيء يحمل انتقادهم للإسرائيليات وذم التحديث بها؟ .
والنقد المنقول عنهم منه ما هو خاص بالإسرائيليات التفسيرية، ومنه ما هو نقد للإسرائيليات بعامة، سواء في التفسير أو غيره، وهذا الأخير فيه عدة آثار، وهي وإن لم تشر إلى تفسير القرآن الكريم إلا أنه أول ما يندرج تحتها؛ لما تقدم من قوة العلاقة بين المرويات الإسرائيلية والتفسير.
صور نقد الإسرائيليات:
وانتقاد الصحابة والتابعين للإسرائيليات لا يخرج عن الصور الآتية:
الأولى: النهي الصريح عن رواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، ومن أقوالهم في ذلك:
1 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فتكذبوا بحق وتصدقوا الباطل، وإنه ليس من أحد من أهل الكتاب إلا في قلبه تالية تدعوه إلى الله وكتابه كتالية المال» .
زاد بعض الرواة عنه: «إن كنتم سائليهم لا محالة، فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه» (1).
2 -
ويبدي ابن عباس دهشته من سؤال بعض الناس لأهل الكتاب مع أن معهم القرآن غضاً طرياً لم يشب بشوائب التحريف والتبديل، بينما كتب أهل الكتاب غيرها أهلها بأيديهم زاعمين أنها التي أنزلها الله على أنبيائه، يقول رضي الله عنه:«كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرؤونه محضاً لم يشب؟ ! ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله، وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ! ، لا والله ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذي أنزل عليكم» (2).
ومما يزيد في دهشة ابن عباس أن المسلمين يسألون أهل الكتاب في حين أن الآخرين لا يبادلونهم هذا الأمر، فيسألونهم عما أنزل إليهم.
والنهي عن سؤال أهل الكتاب يدخل فيه بالدرجة الأولى سؤال من لم يسلم منهم ممن لا يبالي بالتحريف والتبديل، ولذلك أورد البخاري قول ابن عباس في
(1) مصنف عبد الرزاق (6/ 112)، ومصنف ابن أبي شيبة (9/ 48)، وجامع بيان العلم وفضله (2/ 42)، وفتح الباري لابن حجر (13/ 334)، وفي مصنف عبد الرزاق تفسير التالية بأنها البقية.
(2)
صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء» (8/ 160)، وكتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها (3/ 163).