الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: الفرح بالتفسير الصحيح والحزن على فواته
.
ولهذا الأمر شواهد:
1 -
عن عمر رضي الله عنه قال: «ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً» ، وذكر منهن الكلالة (1).
وفي رواية: «ثلاث لأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بينهن لنا أحب إلي من الدنيا وما فيها» (2).
وفي بعض الروايات يبدي عمر حرصه على معرفة معنى الكلالة، ويلحُّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكثر من سؤاله ليبين له معناها، يقول رضي الله عنه:«إني لا أدع بعدي شيئاً أهم من الكلالة، ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بأصبعه في صدري، وقال: «يا عمر! ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟ ! » (3).
وروي عن مسروق قال: «سألت عمر - وهو يخطب الناس - عن ذي قرابة لي ورث كلالةً، فقال: الكلالة! الكلالة! الكلالة! وأخذ بلحيته، ثم قال: والله
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب (6/ 242 - 243)، ومسلم في كتاب التفسير (4/ 2322) برقم (3032).
(2)
المستدرك للحاكم (2/ 304)، ومسند أحمد (1/ 38).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الفرائض (3/ 1236) برقم (1617).
لأن أعلمها أحب إلي من أن يكون لي ما على الأرض من شيء، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف؟ » ، فأعادها ثلاث مرات (1)، يريد قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} » (2).
2 -
ويشبه عمر رضي الله عنه في حرصه على معرفة المعنى الصحيح ابن عباس رضي الله عنهما، فقد أرقه حال طائفة من الذين ذكرهم الله تعالى في قصة أصحاب السبت، وهم الذين قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} (3)، وأشفق جداً على معرفة حالهم، وهل نجوا مع الذين نهوا عن السوء أو لا؟ ، وقال:«والله لأن أكون علمت أن القوم الذين قالوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا} نجوا مع الذين نهوا عن السوء أحب إلي مما عدل به» ، وفي لفظ:«من حمر النعم، ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت بهم جميعاً» (4).
وفي بعض الروايات أن عكرمة دخل عليه وهو يبكي من هذه الآية، ويقول: «ما أدري أنجا الذين قالوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} أم لا؟ ، قال عكرمة:
(1) جامع البيان (7/ 722)، وفي إسناده جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف كما في تقريب التهذيب (ص 136)، وانظر تعليق أحمد شاكر على تفسير الطبري (9/ 176) ط. دار المعارف.
(2)
سورة النساء من الآية (176).
(3)
سورة الأعراف من الآية (164).
(4)
الدر المنثور (3/ 138).