المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك: - نقد الصحابة والتابعين للتفسير

[عبد السلام بن صالح الجار الله]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أولاً: أن العناية بنقد التفسير

- ‌ثانياً: أهمية دراسة ظاهرة النقد عند المفسرين وتأصيلها

- ‌ثالثاً: حظيت بعض ظواهر التفسير بالدراسة والتحليل والتأصيل

- ‌رابعاً: أن هذه الدراسة تغطي جانباً مهماً من مناهج المفسرين في تعاملهم مع التفسير بمجالاته المختلفة

- ‌خامساً: أما الاقتصار على عصر الصحابة والتابعين فلأنهم الأصل

- ‌خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌أولاًالتعريف بالموضوع

- ‌1 - تعريف النقد:

- ‌2 - تعريف الصحابي:

- ‌3 - تعريف التابعي:

- ‌4 - تعريف التفسير:

- ‌ثانيًاالنقد النبوي للتفسير وأثره على الصحابة

- ‌نقد مناهج التفسير:

- ‌أ- نقد تأويل المتشابه:

- ‌ب - نقد الإسرائيليات:

- ‌ج - نقد الجدال في القرآن وضرب بعضه ببعض:

- ‌د - نقد التفسير بالرأي:

- ‌بيانه صلى الله عليه وسلم لوجه ضعف التفسير:

- ‌أثر النقد النبوي على الصحابة:

- ‌الباب الأول جهود الصحابة والتابعين في دفع الخطأ في التفسير قبل وقوعه

- ‌الفصلُ الأول تغليظ الخطأ في التفسير وبيان خطره

- ‌أولاً مظاهر تعظيم الصحابة والتابعين للتفسير وتغليظ الخطأ فيه

- ‌أولاً: اعتبار الخطأ في التفسير قولاً على الله بلا علم

- ‌ثانياً: النهي عن السؤال في التفسير، وترك مجالسة من يفعل ذلك

- ‌ثالثاً: اعتبار الكلام في التفسير أعظم من الكلام في العلوم الشرعية الأخرى

- ‌رابعاً: الامتناع عن تفسير القرآن

- ‌خامساً: الاستخارة عند تفسير القرآن

- ‌ثانياً دواعي الصحابة والتابعين في التغليظ على المخطئ في التفسير وإحجامهم عن تأويل القرآن

- ‌الفصلُ الثاني الاهتمام بالتفسير الصحيح والحث على ما يعين على فهم القرآن الكريم

- ‌أولاًالاهتمام بالتفسير الصحيح

- ‌أولاً: الرحلة في طلب تفسير القرآن

- ‌ثانياً: التثبت من المعنى الصحيح للآية

- ‌ثالثاً: الفرح بالتفسير الصحيح والحزن على فواته

- ‌رابعاً: الاهتمام برجال التفسير

- ‌ثانياًالحث على ما يعين على فهم القرآن

- ‌أولاً: الاستعانة بالسياق القرآني في فهم الآيات

- ‌ثانياً: الاستعانة بالسنة في فهم القرآن

- ‌ثالثاً: معرفة سبب نزول الآية

- ‌رابعاً: معرفة الناسخ والمنسوخ

- ‌خامساً: معرفة اللغة العربية

- ‌ومن أوجه عنايتهم بالعربية في بيان القرآن ما يأ

- ‌سادساً: التدرج في تعلم التفسير

- ‌الفصلُ الثالث الاختلاف في تفسير الصحابة والتابعين

- ‌أولاًطبيعة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: الاختلاف في الفروع دون الأصول

- ‌ثانياً: قلة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌وهناك أسباب أدت إلى قلة اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير، ومن أهمها

- ‌ثالثاً: اختلاف تنوع لا تضاد

- ‌رابعاً: مع الاختلاف مودة وألفة

- ‌خامساً: كراهة الاختلاف

- ‌ثانياًأدب الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: احترام الرأي الآخر

- ‌الأول: عدم إلزام الطرف الآخر بالرجوع عن رأيه، وبخاصة إذا كان صادراً عن اجتهاد

- ‌الثاني: عدم التعدي على المخالف

- ‌الثالث: بقاء المكانة العلمية بين المختلفين على ما هي عليه

- ‌ثانياً: الرجوع إلى العلماء عند الاختلاف

- ‌ومن شواهده عن الصحابة والتابعين:

- ‌ثالثاً: الرجوع إلى الحق

- ‌ومن تلك المراجعات:

- ‌الباب الثاني دواعي نقد الصحابة والتابعين للتفسير، وأساليبه ومميزاته

- ‌الفصل الأول دواعي النقد عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: ظهور الفتن والبدع

- ‌ثانياً: مخالطة أهل الكتاب

- ‌ثالثاً: دخول الأعاجم في الإسلام

- ‌رابعاً: تصدر بعض من لا علم عنده لتفسير القرآن

- ‌خامساً: مؤثرات سياسية

- ‌سادساً: مؤثرات اجتماعية

- ‌الفصل الثاني أساليب الصحابة والتابعين في نقد التفسير

- ‌ومن مظاهر الشدة في النقد:

- ‌أولاً: الشدة مع أهل البدع، وإغلاظ القول لهم، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً

- ‌ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:

- ‌ومن مظاهر الرفق في النقد:

- ‌أولاً: الرفق مع أهل العلم والفضل، ومن أمثلته

- ‌ثانياً: الرفق مع الطلاب

- ‌ثالثاً: عدم الانتقاد المباشر للمخطئ

- ‌عبارات نقدية:

- ‌أولاً: التكذيب، وشواهده كثيرة

- ‌ومن أمثلة هذا الاستعمال في نقد التفسير:

- ‌ثانياً: زعم

- ‌ثالثاً: أخطأت التأويل

- ‌رابعاً: لم تصب.ومن أمثلته:

- ‌خامساً: بئسما قلت.ومن أمثلته:

- ‌سادساً: تَأَوَّلَ الآية على غير تأويلها.ومن أمثلته:

- ‌سابعاً: وَضَعَ الآية على غير موضعها.ومن أمثلته:

- ‌ثامناً: لقد حملتموها على غير المحمل.ومن أمثلته

- ‌تاسعاً: ليس بالذي تذهبون إليه

- ‌عاشراً: ما لكم ولهذه الآية

- ‌حادي عشر: لا تغرنكم هذه الآية.ومن أمثلته:

- ‌ثاني عشر: الضحك

- ‌الفصل الثالث مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌المبحث الأول مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاً: أهليتهم للنقد

- ‌ثانياً: الاطلاع الواسع على المناهج والأقوال

- ‌ثالثاً: الاستدلال للنقد

- ‌رابعاً: بيان الرأي الصحيح

- ‌المبحث الثاني أبرز نقاد الصحابة والتابعين

- ‌الباب الثالث مجالات نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌الفصلُ الأول نقد طرق التفسير ومناهجه

- ‌أولاًنقد التفسير بالرأي

- ‌ثانياًنقد التفسير بالإسرائيليات

- ‌صور نقد الإسرائيليات:

- ‌الأولى: النهي الصريح عن رواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌الصورة الثانية: تكذيب الإسرائيليات، ومن شواهده:

- ‌الصورة الثالثة: انتقاد بعض الناس بسبب روايتهم الإسرائيليات وتتبعهم لها، ومن الآثار في ذلك:

- ‌الرابعة: الأمر بإتلاف الصحف المشتملة على الأخبار الإسرائيلية، ومن شواهده:

- ‌دواعي نقد الإسرائيليات:

- ‌توجيه الرواية عن أهل الكتاب وسؤالهم:

- ‌ثالثاًنقد تفاسير أهل البدع

- ‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

- ‌منهج الصحابة والتابعين في الرد على أهل البدع:

- ‌الفرق التي انتقدها الصحابة والتابعون

- ‌أولاً: الخوارج

- ‌القضية الأولى: التكفير

- ‌القضية الثانية: قتال أهل القبلة

- ‌القضية الثالثة: تخليد أهل الكبائر في النار

- ‌القضية الرابعة: نفي الشفاعة عمن دخل النار

- ‌ثانياً: الشيعة

- ‌ثالثاً: القدرية

- ‌رابعاًنقد تفسير المتشابه

- ‌طرق الصحابة والتابعين في نقد تأويل المتشابه:

- ‌خامساًنقد الجدال في القرآن:

- ‌الجدال المحمود:

- ‌سادساًنقد تفاسير القُصَّاص

- ‌دواعي نقد القصاص

- ‌انتقاد القصاص في التفسير:

- ‌سابعاًنقد التكلف في التفسير

- ‌ثامناًنقد تدوين التفسير

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في انتقاد تدوين التفسير:

- ‌الفصل الثاني نقد رجال التفسير

- ‌أولاًالرجال المنتقدون في التفسير

- ‌أولاً: مجاهد بن جبر المكي

- ‌الأمر الأول: سؤال أهل الكتاب

- ‌الأمر الثاني: مما انتقد به مجاهد رحمه الله تفسير القرآن بالرأي

- ‌ثانياً: عكرمة مولى ابن عباس

- ‌ولانتقاد ابن المسيب احتمالان:

- ‌وقد جاء تكذيب عكرمة عن غير سعيد بن المسيب:

- ‌وأجيب عن تكذيب ابن المسيب وغيره لعكرمة بأجوبة منها:

- ‌ثالثاً: الضحاك بن مزاحم الهلالي

- ‌رابعاً: أبو صالح مولى أم هانئ "باذام

- ‌خامساً: إسماعيل السدي

- ‌سادساً: زيد بن أسلم العدوي

- ‌سابعاً: محمد بن السائب الكلبي

- ‌ثانياًأسباب نقد رجال التفسير

- ‌ثالثاًأثر نقد رجال التفسير على تفاسيرهم

- ‌الفصل الثالث نقد الأقوال

- ‌أولاً:طريقة الصحابة والتابعين مع القول الواحد في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: تصويب القول

- ‌الحالة الثانية: تصويب القول مع تقييده

- ‌الحالة الثالثة: تضعيف القول

- ‌القسم الأول: الاكتفاء بتضعيف القول فقط

- ‌القسم الثاني: تضعيف القول، وذكر القول الراجح

- ‌الحالة الرابعة: التوقف في معنى الآية، وعدم الجزم بصحة رأي معين، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً:طريقة الصحابة والتابعين عند تعدد الأقوال في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: ذكر الأقوال دون ترجيح.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثانية: ترجيح أحد الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثالثة: الجمع بين الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌ثالثاًالرجوع عن القول

- ‌الباب الرابع أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين وأثره

- ‌الفصل الأول أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الأول الأسس المتعلقة بالرواية

- ‌أولاًمخالفة القرآن الكريم

- ‌ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌صور نقد التفسير بالقرآن الكريم

- ‌الصورة الأولى: مخالفة سياق الآية

- ‌والرد بالسياق القرآني ثلاثة أقسام:

- ‌القسم الأول: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية، ويعرف هذا بالسباق

- ‌القسم الثاني: الاستدلال على ضعف التفسير بما بعد الآية، ويعرف هذا بلحاق الآية

- ‌القسم الثالث: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية وما بعدها

- ‌الصورة الثانية: مخالفة ظاهر الآية

- ‌الصورة الثالثة: نقد التفسير بآية أخرى

- ‌ثانياًمخالفة السنة النبوية

- ‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

- ‌ثالثاًمخالفة سبب النزول

- ‌رابعاًمخالفة التاريخ

- ‌خامساًالطعن في صحة نقل التفسير

- ‌المبحث الثاني الأسس المتعلقة بالدراية

- ‌أولاً: مخالفة اللغة العربية

- ‌ثانياًاشتمال التفسير على ما يخل بمقام الأنبياء والملائكة وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الأنبياء وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الملائكة

- ‌ثالثاًمخالفة الواقع

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌رابعاًمعارضة التفسير بالقياس

- ‌خامساًأن يكون التفسير غير مفيد

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌سادساًنقد التفسير بذكر ما يترتب عليه

- ‌الفصل الثاني أثر نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاًأثره في التفسير وأصوله

- ‌ثانياًأثره في علوم القرآن

- ‌أ- القراءات:

- ‌فمن شواهد ترجيح القراءة المتواترة:

- ‌ومن شواهد ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة:

- ‌ب - الناسخ والمنسوخ:

- ‌القسم الأول: نقد القول بنسخ الآية، ومن أمثلته:

- ‌القسم الثاني: نقد القول بإحكام الآية، ومن أمثلته:

- ‌ثالثاًأثره في العقائد

- ‌رابعاًأثره في المتلقين

- ‌وأما المخطئ في الفهم والتأويل فإن انتقاده يعود عليه بفوائد:

- ‌الخاتمة

- ‌الفهارس

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

ويقول الآلوسي (1) حين ذكر تفسيراً يخالف ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير "المغضوب عليهم والضالين": «وهل بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين قول لقائل أو قياس لقائس؟ ، هيهات هيهات، دون ذلك أهوال! » (2).

‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

1 -

أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إلى آخر الآية (3) وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب» (4).

وفي رواية قال: «أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدونها

(1) هو أبو الثناء محمود بن عبد الله الحسينى الآلوسى البغدادي، ولد ببغداد سنة (1217)، وتقلد الإفتاء فيها، تغرب عن بلده مدة، من مصنفاته: روح المعاني، ودقائق التفسير، توفي ببغداد عام (1270).

انظر: هدية العارفين (2/ 418)، والأعلام (7/ 176)، ومعجم المفسرين (2/ 665).

(2)

روح المعاني (1/ 99). وانظر: البحر المحيط (5/ 465)، وفتح القدير (2/ 135)، وأضواء البيان (3/ 176).

(3)

سورة المائدة من الآية (105).

(4)

سبق تخريجه (ص 202).

ص: 519

رخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشد منها:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} » (1).

وقد وقع لابن عمر نحو ذلك، فقد قيل له:«لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه؛ فإن الله تعالى ذكره يقول: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب» ، فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم» (2).

وقد ذكر غير واحد من الصحابة نحو كلام ابن عمر في أنه لم يأت تأويل هذه الآية، فعن ابن مسعود أن رجلاً سأله عن قوله تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ، فقال رضي الله عنه:«إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها؛ تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا - أو قال: فلا يقبل منكم - فحينئذ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ}» (3).

وعن أبي مازن (4) قال: «انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قوم من

(1) جامع البيان (9/ 52).

(2)

جامع البيان (9/ 44)، والحديث الذي رواه ابن عمر أخرجه البخاري أيضاً من حديث ابن عباس في كتاب الحج، باب الخطبة بمنى (2/ 191).

(3)

المصدر السابق (9/ 45).

(4)

الأزدي الحداني، انظر الجرح والتعديل (4/ 2/444).

ص: 520

المسلمين جلوس، وفي رواية: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ أحدهم هذه الآية:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ، فقال أكثرهم: لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم» (1).

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فعن أبي ثعلبة الخشني (2)، وجاءه رجل فقال له:«كيف تصنع في هذه الآية؟ ، قال: أية آية؟ ، قال: قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر؛ الصبر فيهنَّ مثل قبض على الجمر، للعامل فيهنَّ مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله» (3).

(1) جامع البيان (9/ 44، 46).

(2)

مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقيل: جرهم وقيل: جرثوم، بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وأسلم قومه على يديه، روى عنه أبو إدريس الخولاني وابن المسيب، سكن الشام وتوفي بها في أول خلافة معاوية.

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 2/134)، والاستيعاب (11/ 166)، وأسد الغابة (6/ 44).

(3)

سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي (4/ 123)، وسنن الترمذي، أبواب التفسير، باب ومن سورة المائدة (8/ 222)، وسنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ {(2/ 1330)، وصحيح ابن حبان (1/ 301)، والمستدرك (4/ 322)، قال الحاكم:«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

ص: 521

2 -

وعن علي رضي الله عنه قال: «إنكم تقرؤون هذه الآية: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (1) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية» (2).

وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية يدل على أن الترتيب الذي فهمه بعض الناس من الآية غير مراد.

3 -

وعن مسروق أن عائشة رضي الله عنها قالت له: «يا أبا عائشة من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله، والله يقول:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (3)، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (4) قال: وكنت متكئاً فجلست، وقلت: يا أم المؤمنين انتظري ولا تعجليني ألم يقل الله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (5)، {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} (6)؟ ، فقالت: أنا أول هذه الأمة سألتُ

(1) سورة النساء من الآية (11).

(2)

سنن الترمذي، أبواب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الإخوة (6/ 276)، وسنن ابن ماجه، كتاب الوصايا، باب الدين قبل الوصية (2/ 906)، ومصنف عبد الرزاق (10/ 249)، ومصنف ابن أبي شيبة (10/ 160، 11/ 402)، ومسند أحمد (1/ 131)، وجامع البيان (6/ 469)، وتفسير ابن أبي حاتم (3/ 883)، والسنن الكبرى للبيهقي (6/ 232، 239)، وقد حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 212).

(3)

سورة الأنعام من الآية (103).

(4)

سورة الشورى من الآية (51).

(5)

سورة النجم آية (13).

(6)

سورة التكوير الآية (23).

ص: 522

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:«لم أر جبريل على صورته إلا هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عِظَمُ خلقه ما بين السماء والأرض» (1).

فهم مسروق أن الضمير "الهاء" في الآيتين يعود إلى الله تعالى، فردته عائشة بما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

4 -

وعن سعيد بن جبير قال: «قلت لابن عباس: إن نوفاً يزعم أن الخضر ليس بصاحب موسى (2)، فقال: كذب عدو الله، حدثنا أبيُّ بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن موسى قام في بني إسرائيل خطيباً، فقيل: أي الناس أعلم؟ ، فقال: أنا، فعتب الله عليه حين لم يرد العلم إليه، فقال: بلى عبدٌ لي عند مجمع البحرين، فقال: يا رب كيف به؟ ، فقيل: تأخذ حوتاً، فتجعله في مكتل، فحيث تفقده فهو هناك، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثم قال لفتاه: إذا فقدتَ هذا الحوت فأخبرني» الحديث (3).

(1) جامع البيان (22/ 29)، وهو في صحيح مسلم، في كتاب الإيمان (1/ 159) برقم (287/ 177).

(2)

انظر علة من قال ذلك في الكشاف (2/ 492)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 219).

(3)

جامع البيان (15/ 324). والحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب العلم، باب ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم (1/ 38)، وفي كتاب التفسير باب:{فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} (5/ 230).

ومن الشواهد إنكار كعب الأحبار تفسير الوفاة في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} بأنها موت حقيقي، ورده ذلك بحديث:«كيف تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى في آخرها» ، انظر جامع البيان (5/ 449)، وتقدم ذكر بعض الشواهد على نقد التفسير بالسنة (ص 348).

ص: 523