الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
أحمد الله العلي الكبير الذي منَّ علي بإتمام البحث، وأسأله جل وعلا أن ينفع به ويبارك فيه، وإليك أخي القارئ أهم ما توصلت إليه:
1 -
أن الحديث في نقد التفسير متقدم زمنياً، فترجع أصوله إلى عصر النبوة من خلال نقد النبي صلى الله عليه وسلم بعض المناهج والتفسيرات القاصرة بحسب ما وقع في زمنه صلى الله عليه وسلم من خطأ في فهم القرآن، ثم تبعه على ذلك الصحابة والتابعون رضي الله عنهم.
2 -
يعتبر علم التفسير بمجالاته المختلفة من أوسع العلوم الشرعية التي تناولها الصدر الأول بالنقد، إن لم يكن أوسعها على الإطلاق، وبناء على هذا والذي قبله يصح القول بأن نقد تفسير القرآن من أقدم وأوسع المجالات النقدية في العلوم الشرعية.
3 -
لم يصرف انتقادُ الأخطاء الواقعة في التفسير الصحابة والتابعين عن العناية بحماية القرآن من الدخيل والاجتهاد في دفع الخطأ في فهمه، فاعتنوا بوضع القواعد والضوابط التي تقي من الخطأ في فهم القرآن، أو على الأقل تحد من انتشاره.
4 -
لم يكن نقد التفسير في عصر الصحابة والتابعين ترفاً فكرياً، أو رغبة في الظهور على الخصوم، وإبراز المقدرة العلمية والتفوق على الأقران كما حدث في العصور اللاحقة، وإنما فرضته الحاجة ودعت إليه الضرورة، فرأوا لزاماً عليهم القيام بالواجب.
5 -
لم يقتصر الصحابة والتابعون في نقد التفسير على مجال واحد، بل وسعوا دائرة النقد لتشمل مناهج التفسير ورجاله وأقواله ومروياته.
6 -
يستطيع المتأمل لنقد الصحابة والتابعين الخروج بمنهج سليم لفهم القرآن وتفسيره، كما يمكنه الانتفاع بمنهجهم في النقد باكتشاف الأخطاء في التفسير وبيانها.
7 -
تنوعت مبررات الصحابة والتابعين في نقد رجال التفسير، فشملت ما يختص بعلم التفسير، وما يتصل بعدالة رواته وضبطهم وإتقانهم، وتبين أن النقد الموجه لرجال التفسير لم يؤثر على أكثرهم، فقد استقر الأمر على إمامتهم وتقدمهم في علم التفسير كمجاهد وعكرمة وزيد بن أسلم.
8 -
لم يكن نقد الصحابة والتابعين للتفسير عارياً عن الحجة والبرهان، وإنما بُني على أسس صحيحة، وإن اختلف مع بعضهم في الفرعيات، فاختلافنا مع بعضهم في المعنى الذي ذهب إليه في نقد قولٍ ما لا يعني بالضرورة عدم صحة الأصل والأساس الذي اعتمد عليه في نقده، وتبين من خلال البحث تنوع أدلة
الصحابة والتابعين وأسسهم النقدية، فلم تقتصر على نوع أو اتجاه واحد في الاستدلال، وإنما اتسع أفقهم النقدي في هذا الباب، فاعتمدوا الأدلة النقلية والعقلية التي تقوي النقد وتقنع المخطئ، وترده إلى جادة الصواب.
ومن الضروري أن تكون هذه الأدلة والقواعد النقدية أمام أعين المفسرين والمطالعين لكتب التفسير، ليتمكنوا من سبر الأقوال والمرويات، ونقد ما يخالف القواعد التي قررها الصحابة والتابعون رضي الله عنهم.
9 -
ينبغي لمن يقرأ في تفسير الصحابة والتابعين معرفة مصطلحاتهم الخاصة المختلفة عن المصطلحات التي قررها العلماء بعد عصرهم، وتتميز مصطلحاتهم بالشمولية والاتساع، مثل مفهومهم للنسخ والمتشابه.
10 -
حاجة نقد التفسير إلى دراسات أعمق وأشمل، فالحديث عن تأصيله وبيان مناهج العلماء فيه لم يأخذ حقه من الدراسة والتحليل، ويبدو أن الاشتغال بممارسة النقد شغل عن ذلك، فالحاجة ماسة لدراسات أوسع عن هذا الموضوع المهم تتمم النقص في هذه الرسالة، سيما وأن هذه الدراسة اقتصرت على عصر محدد لم تأخذ فيها الاختلافات الشكل الخطير الذي آلت إليه فيما بعد، كما أن الأخطاء في فهم القرآن في عصر الصحابة والتابعين أقل بكثير مما وقع بعد عصرهم، ومعلوم أنه كلما اتسعت دائرة الخطأ والاختلاف اتسعت دائرة النقد تبعاً لذلك، وقد يرى القارئ أن ثمة مناهج ومذاهب في التفسير لم نتناولها بالدراسة، وما ذاك إلا لأنها لم تكن موجودة في عهد الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فلم ينتقدوها، وقد قام العلماء بعدهم
بجهد مشكور في نقدها، وهذا يؤكد الاهتمام بها والإفادة منها في تأصيل نقد التفسير، إما بزيادة طرق وأساليب نقدية، أو تأسيس بعض القواعد والأدلة النقدية وتأصيلها ونحو ذلك.
ومن المجالات النقدية الجديرة بالدراسة والتحليل ما يتعلق بنقد كتب التفسير الذي لم نتحدث عنه؛ لعدم نقل شيء عن الصحابة والتابعين يتصل به، وهذا المجال النقدي اهتم به كثير من نقاد التفسير، مثل كلام ابن تيمية في مقدمة التفسير وغيرها (1)، فهو بحاجة إلى دراسة تبين منهج العلماء في نقد كتب التفسير، والأمور التي دعتهم إلى ذلك.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(1) انظر مجموع الفتاوى (13/ 354 - 361، 29/ 377).