الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً
الرجال المنتقدون في التفسير
وترتيبهم حسب تاريخ وفاتهم، وهم:
أولاً: مجاهد بن جبر المكي
.
وجملة ما انتقد به رحمه الله أمران:
الأمر الأول: سؤال أهل الكتاب
، فقد قيل للأعمش رحمه الله:«ما بالهم يتقون تفسير مجاهد؟ ، فقال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب» (1).
والأعمش من أهل الكوفة، فقوله: كانوا يرون، يريد بهم - والله أعلم - أهل الكوفة، وأما مجاهد فمن أهل مكة، وقد عرفوا برواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، اعتماداً على الأدلة المرخصة في التحديث عن بني إسرائيل، واعتقاداً منهم بأن تلاميذهم وطلاب العلم في وقتهم سوف يتعاملون مع تلك المرويات وفق الضوابط الشرعية؛ هذا بوجه عام موقف المكيين من رواية الإسرائيليات.
وأما مجاهد فإنه إذا قورن بغيره من مفسري أهل مكة وجد أنه من أكثرهم
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 344)، وتاريخ دمشق (57/ 29)، وتهذيب التهذيب (4/ 26).
رواية عن بني إسرائيل (1)، ولذا جاء عنه روايات إسرائيلية غريبة جداً، وكان رحمه الله شغوفاً بمعرفة الغرائب والعجائب، فلا يسمع بغريبة إلا ذهب إليها.
يقول الأعمش: «كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب لينظر إليها، ذهب إلى حضرموت ليرى بئر برهوت
…
» (2).
وقد استتبع ذلك الشغف حبه للسفر، فكان كثير الأسفار والتنقل بين البلاد (3).
لأجل ما تقدم روى مجاهد رحمه الله بعض الإسرائيليات الغريبة، ومنها:
1 -
2 -
وقوله عن النملة التي كلمت سليمان عليه السلام: «إنها كانت مثل الذئب العظيم» (5).
(1) انظر تفسير التابعين (1/ 558).
(2)
حلية الأولياء (3/ 288)، وتذكرة الحفاظ (1/ 92).
(3)
سير أعلام النبلاء (4/ 452).
(4)
حلية الأولياء (3/ 289 - 290)، والدر المنثور (3/ 329)، وانظر الكامل لابن عدي (2/ 401).
(5)
حلية الأولياء (3/ 300).
3 -
وفي قول الله تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} (1) قال رحمه الله: «أقبلت السكينة والصرد (2) وجبريل مع إبراهيم من الشام» .
وفي رواية عنه: «السكينة لها رأس كرأس الهرة وجناحان» .
وفي رواية ثالثة: «لها جناحان وذنب مثل ذنب الهرة» (3).
فهذه الروايات الإسرائيلية الغريبة ونحوها قدم بها الكوفة (4)، وكان يرويها ويفسر القرآن بها بناءً على منهجه في التعامل معها، غير أن هذا الصنيع لم يعجب بعض الكوفيين فتجنبوا تفسيره، وقد عرف أهل الكوفة بتوقي الإسرائيليات والبعد عنها، ولعلهم ورثوا ذلك عن إمامهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد كان شديد الانتقاد لمن يسأل أهل الكتاب، وكان يقول:«لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فتكذبوا بحق وتصدقوا الباطل» ، وكان شديد الإنكار لما يأتي به كعب الأحبار.
(1) سورة البقرة من الآية (248).
(2)
الصرد بضم الصاد وفتح الراء: طائر أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر ويصطاد العصافير، نصفه أبيض ونصفه أسود، انظر: لسان العرب (4/ 2428)، وتاج العروس (2/ 396) مادة " صرد ".
(3)
جامع البيان (4/ 469)، وانظر آثاراً أخرى عنه في (8/ 291، 20/ 73، 89).
(4)
قال الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة (101 - 120 ص 237): «سكن الكوفة بأخرة» .