الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1619 - مسألة؛ قال: (والْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إِذَا قَامَ بِهِ قَوْمٌ، سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ)
معنى فَرْضِ الكِفايةِ، الذي إن لم يَقُم به مَنْ يَكْفِى، أَثِمَ النَّاسُ كلُّهم، وإن قامَ به مَنْ يَكْفِى، سَقَطَ عن سائِرِ النَّاسِ. فالخِطَابُ في ابْتِدائِه يتَناولُ الجميعَ، كفَرْضِ الأعيانِ، ثم يخْتلِفانِ في أنَّ فَرْضَ الكِفَايَةِ يسْقُطُ بفِعْلِ بعضِ النَّاسِ له، وفرْضُ الأعْيانِ لا يَسْقُطُ عن أحَدٍ بفعلِ غيرِه. والجهادُ من فُرُوضِ [الكِفَاياتِ، في قَوْلِ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن سعيد بن المُسَيَّبِ، أنَّه من فُروضِ](1) الأعْيانِ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (2). [ثم قال](3): {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (4). وقولِه سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (5). ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ". [رَواهُ أبو دَاوُدَ](6). ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (7). وهذا يَدُلُّ على أنَّ
(1) سقط من: أ، م.
(2)
سورة التوبة 41.
(3)
كذا في النسخ. والآية التالية سابقة.
(4)
سورة التوبة 39.
(5)
سورة البقرة 216.
(6)
سقط من: أ، م.
وأخرجه أبو داود، في: باب كراهية ترك الغزو، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 10.
كما أخرجه مسلم، في: باب ذم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 3/ 1517. والنسائي، في: باب التشديد في ترك الجهاد، من كتاب الجهاد. المجتبى 6/ 7، 8. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 374.
(7)
سورة النساء 95.
القاعِدينَ غيرُ آثِمين مع جِهادِ غيرِهم، وقال اللهُ تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} (8) ولأنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يبْعَثُ السَّرايا، ويُقِيمُ هو وسائِرُ أصحابِه. فأمَّا الآيةُ التي احْتَجُّوا بها، فقد قال ابنُ عَبَّاسٍ: نسخَها قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} . روَاه الأثْرَمُ وأبو داودَ (9). ويحتَمِلُ أنَّه أرادَ حين اسْتَنْفَرَهم النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إلى غَزْوةِ تَبُوكَ، وكانتْ إجابَتُهم إلى ذلك واجِبَةً عليهم، ولذلك هَجَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم كعبَ بنَ مالِكٍ وأصحابَه الذين خُلِّفوا، حتى (10) تابَ اللَّه عليهم بعدَ ذلك (11)، وكذلك يجبُ على من اسْتَنْفَرَه الإِمامُ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". مُتَّفَقٌ عليه (12). ومعنى الكِفَايَةِ في الجهادِ أنْ ينْهَضَ للجهادِ
(8) سورة التوبة 122. ولم يرد في الأصل: {لِيَتَفَقَّهُوا}.
(9)
أخرجه أبو داود، في: باب في نسخ نفير العامة بالخاصة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 10.
(10)
في أ، م زيادة:"إذا".
(11)
أخرجه البخاري، في: باب حديث كعب بن مالك. . .، من كتاب المغازى، وفي: باب: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ. . .} ، وباب:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. . .} في تفسير سورة براءة، من كتاب التفسير، وفي: باب إذا أهدى ماله على وجه التوبة والنذر، من كتاب الأيمان. صحيح البخاري 6/ 3 - 9، 87، 88، 8/ 175. ومسلم، في: باب حديث توبة كعب بن. مالك، من كتاب التوبة. صحيح مسلم 4/ 2120 - 2129. والنسائي، في: باب الرخصة في الجلوس فيه والخروج منه بغير صلاة، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 42، 43. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 456. وعبد الرزاق، في: باب حديث الثلاثة الذين خلفوا، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 397 - 405. وابن أبي شيبة، في: باب ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك، من كتاب المغازى. المصنف 14/ 540 - 545.
(12)
أخرجه البخاري، في: باب لا يحل القتال بمكة، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفي: باب فضل الجهاد، وباب وجوب النفير. . .، وباب لا هجرة بعد الفتح، من كتاب الجهاد، وفي: باب إثم الغادر للبر والفاجر، من كتاب الجزية. صحيح البخاري 3/ 18، 4/ 18، 28، 92، 127. ومسلم، في: باب تحريم مكة وصيدها وخلاها. . .، من كتاب الحج، وفي: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإِسلام. . .، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 2/ 986، 3/ 1487.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الهجرة، هل انقطعت؟ ، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 4. والترمذي، في: باب ما جاء في الهجرة، من أبواب السير. عارضة الأحوذي 7/ 88. والنسائي، في: باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، من كتاب البيعة. المجتبى 7/ 131. وابن ماجه، في: باب الخروج في النفير، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 926. والدارمي، في: باب لا هجرة بعد الفتح، من كتاب السير. سنن الدارمي 2/ 239. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 226، 266، 316، 355، 3/ 401، 6/ 466.