الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فباعَ بَيْعًا فاسِدًا، لم يَحْنَثْ. ولَنا، أَنَّ هذا لحمٌ حقيقةً وعُرْفًا، فيَحْنَثُ بأَكْلِه، كالمغْصوبِ، وقد سَمَّاه اللَّه تعالَى لحمًا، فقال:{وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} (11). وما ذَكَرُوه يبْطُلُ بما إذا حَلَفَ لا يلْبَسُ ثوبًا، فلبِسَ ثوبَ حَريرٍ. وأمَّا البيعُ الفاسِدُ، فلا يَحْنَثُ به؛ لأنَّه ليس بِبَيْعٍ فى الحقيقَةِ.
فصل:
والأسماءُ تَنْقَسِمُ (12) سِتَّة أقْسامٍ؛ أحدُها، ماله مُسَمًّى واحِدٌ، كالرَّجُلِ والمرأَةِ والإِنسانِ والحيوانِ، فهذا تنْصَرِفُ اليَمِينُ إلى مُسمَّاه بغيرِ خِلافٍ. الثانى، [مالَه](13) مَوْضُوعٌ شَرْعِىٌّ، ومَوْضُوعٌ لُغَوِىٌّ، كالوُضُوءِ والطَّهارَةِ والصَّلاةِ والزَّكاةِ والصَّومِ والحجِّ والعُمْرَةِ والبَيْعِ ونحوِ ذلك، فهذا تَنْصَرِفُ اليَمِينُ عندَ الإِطْلاقِ إلى مَوْضُوعِه الشَّرْعِىِّ دونَ اللُّغَوِىِّ، لا نَعْلَمُ فيه أيضًا خِلافًا، غيرَ ما ذَكَرْناه فيما تَقَدَّمَ. الثالِثُ، ماله مَوْضُوعٌ حَقِيقِىٌّ ومجازٌ لم يَشْتهِرْ أكثرَ من الحَقِيقَةِ، كالأسَدِ والبَحْرِ، فيَمِينُ الحالِفِ تَنْصَرِفُ عندَ الإِطلاقِ إلى الحقيقَةِ دون المَجازِ؛ لأنَّ كلامَ الشارِعِ إذا وَرَدَ فى مثلِ هذا، حُمِلَ على حَقِيقَتِه دونَ مجازِه، كذلك اليَمِينُ. الرابِعُ، الأسماءُ العُرْفِيَّةُ، وهى ما يَشْتَهِرُ مَجازُه حتى تصيرَ الحقيقَةُ مغمورةً فيه، فهذا على ضُرُوبٍ؛ أحدُها، ما يَغْلِبُ على الحقِيقَةِ، بحيث لا يَعْلَمُها أكْثَرُ الناسِ، كالرَّاويَةِ، هى فى العُرْفِ اسمٌ للمَزادَةِ (14)، وفى الحقيقَةِ اسمٌ لما يُسْتَقَى عليه من الحيوانات، والظَّعِينَةُ فى العُرْفِ المرأَةُ، وفى الحَقِيقَةِ الناقَةُ التى يُظْعَنُ عليها، والعَذِرَةُ والغائِطُ فى العُرْفِ الفَضْلَةُ المُسْتَقْذَرَةُ، وفى الحقيقَةِ العَذِرَةُ فِناءُ الدَّارِ، ولذلك قال علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لقومٍ: ما لَكُم لا تُنَظِّفُون عَذِرَاتِكم؟ يُرِيدُ أَفْنِيَتَكُم. والغائِطُ المكانُ المطمَئِنُّ [من الأرضِ](15). فهذا وأشباهُه تَنْصَرِفُ يَمِينُ الحالِفِ إلى المَجازِ دونَ الحقيقَةِ؛ لأَنَّه الذى يُريدُه بيَمِينِه، ويُفْهَمُ من كلامِه، فأشْبَهَ الحقيقَةَ فى غيرِه. الضَّرْبُ الثانِى، أَنْ يخُصَّ عُرْفُ الاسْتِعمالِ بعضَ الحقيقَةِ بالاسمِ،
(11) سورة البقرة 173.
(12)
فى م زيادة: "إلى".
(13)
سقط من: م.
(14)
فى م: "المزادة".
(15)
سقط من: الأصل، م.
وهذا يَتَنَوَّعُ أنْواعًا؛ فمنه ما يَشْتَهِرُ التَّخْصِيصُ فيه، كلَفْظِ الدَّابَّةِ، هو فى الحقيقَةِ اسمٌ لكلِّ ما يَدِبُّ، قال اللَّه تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِى الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (16). وقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (17). وفى العُرْفِ اسمٌ للبغالِ والخَيْلِ والحَمِيرِ، ولذلك لو وَصَّى إنسانٌ لرَجُلٍ بدَابَّةٍ من دَوابِّه، كان له أحَدُ هذه الثَّلاثِ، فالظَّاهِرُ أنّ يَمِينَ الحالِفِ تَنْصَرِفُ إلى العُرْفِ دونَ الحَقيقَةِ عندَ الإِطْلاقِ، كالذى قبلَه. ويحْتَمِلُ أَنْ تَتَناوَلَ يَمِينُه الحقيقَةَ؛ بِناءً على قولِهم فيما سَنَذْكُرُه، وعلى قولِ مَنْ قال فى الحالِفِ على تَرْكِ أكْلِ اللَّحْمِ: إِنَّ يَمِينَه تتناوَلُ السمَكَ. ومن هذا النَّوعِ إذا حَلَفَ لا يَشُمُّ الرَّيْحان، فإنَّه فى العُرْفِ اسمٌ يَخْتَصُّ (18) بالرَّيْحان الفارِسِىِّ، وهو فى الحقيقَةِ اسمٌ لكُلِّ نَبْتٍ أو زَهْرٍ طَيِّبِ الرِّيحِ، مثل الوَرْدِ والبَنَفْسَجِ والنَّرْجسِ. وقال القاضى: لا يَحْنَثُ إِلَّا بشَمِّ الرَّيْحانِ الفارِسِىِّ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ، لأَنَّ الحالِفَ لا يُرِيدُ بيَمِينِه فى الظَّاهِرِ سِوَاهُ. وقال أبو الخطَّاب: يَحْنَثُ بشَمِّ ما يُسَمَّى فى الحقيقَةِ رَيْحانًا؛ لأَنَّ الاسْمَ يتناوَلُه حَقِيقَةً. ولا يَحْنَثُ بشمِّ الفاكِهةِ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنّها لا تُسَمَّى رَيْحانًا حَقِيقَةً ولا عُرْفًا. ومن هذا لو حَلَفَ لا يَشُمُّ وَرْدًا، ولابنَفْسَجًا، فشمَّ دُهْنَ البَنَفْسَجِ، وماءَ الوَرْدِ، فقال القاضِى: لا يَحْنَثُ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأَنَّه لم يَشُمّ وَرْدًا ولا بَنَفْسَجًا. وقال أبو الخَطَّاب: يَحْنَثُ؛ لأنَّ الشَّمَّ إنَّما هو للرَّائِحَةِ دونَ الذاتِ، ورائِحَةُ الوَرْدِ والبَنَفْسَجِ مَوْجُودَةٌ فيهما. وقال أبو حنيفةَ: يَحْنَثُ بشَمِّ دُهْنِ البَنَفْسَجِ؛ لأنَّه يُسَمَّى بَنَفْسَجًا، ولا يَحْنَثُ بشَمِّ ماءِ الوَرْدِ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى وَرْدًا، والأَوَّلُ أقْرَبُ إلى الصِّحَّةِ، إِنْ شاءَ اللَّهُ تعالى. وإِنْ شَمَّ الوَرْدَ والبنَفْسَجَ اليابِسَ، حَنِثَ. وقال بعضُ أصحابِ الشافِعِىِّ: لا يَحْنَثُ، كما لو حَلَفَ لا يأكُلُ رُطَبًا، فأكلَ تَمْرًا. ولَنا، أَنَّ [هذا اسْمُه و](19) حَقِيقَتُه باقِيَةٌ، فيَحْنَثُ (20) به، كما لو حَلَفَ لا يَأْكُلُ لَحْمًا، فأَكَلَ قَدِيدًا، وفارقَ ما ذَكَرُوه، فإِنَّ التَّمْرَ ليس [برُطَبٍ، ولا يُسَمَّى](19)، رُطَبًا. وإِنْ حَلَفَ لا يأكُلُ شِوَاءً، حَنِثَ بأَكْلِ
(16) سورة هود 6.
(17)
سورة الأنفال 55.
(18)
فى م: "مختص".
(19)
سقط من: م.
(20)
فى م: "فحنث".
اللَّحْمِ الْمَشْوِىِّ، دونَ غَيْرِه من البَيْضِ المَشْوِىِّ وما عَداه. وبه قال أصحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ (21)، وابنُ المُنْذِرِ: يَحْنَثُ بأَكْلِ كُلِّ ما يُشْوَى؛ لأَنَّه شِوَاءٌ. ولنا، أَنَّ هذا لا يُسَمَّى شِواءً، فلم يَحْنَثْ بأَكْلِه، كالمَطْبوخِ، وقَوْلُهم: هو شِواءٌ فى الحقيقَةِ. قُلْنا: لكنَّه لا يُسَمَّى شِواءٌ فى العُرْفِ، والظاهِرُ أنَّه إنَّما يُرِيدُ المُسمَّى شِوَاءً (22) فى عُرْفِهم. وإِنْ حَلَفَ لا يَدْخُلُ بيتًا، فدَخَلَ مَسْجدًا، أو حَمَّامًا، فإنَّه يَحْنَثُ. نَصَّ عليه أحمدُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ. وهو قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى بَيْتًا فى العُرْفِ، فأشْبَهَ ما قَبْلَه من الأَنْواعِ. والأَوَّلُ المذهبُ، لأَنَّهما بَيْتانِ حقيقَةً، وقد سَمَّى اللَّه المساجِدَ بُيوتًا، فقال:{فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} (23). وقال: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} (24). ورُوِى فى حديثٍ: "الْمَسْجِدُ بيتُ كُلِّ تَقِىٍّ"(25). ورُوِى فى خَبَرٍ: "بِئْسَ الْبَيْتُ الحَمَّامُ"(26). وإذا كان بيتًا فى الحقيقَةِ، ويُسَمِّيه الشارِع بَيْتًا، حَنِثَ بدخولِه، كبيتِ الإِنْسانِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّه من الأَنْواعِ، فإِنَّ هذا يُسَمَّى بَيْتًا فى العُرْفِ، بخلافِ الذى قبلَه. وإِنْ دَخَلَ بيتًا من شَعَرٍ، أو غيرِه، حَنِثَ، سَواءٌ كان الحالِفُ حَضَرِيًّا أو بدَوِيًّا، فإِنَّ اسْمَ البيتِ يقَعُ عليه حقيقةً وعُرْفًا، قال اللَّه تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} (27). فأمَّا ما لا يُسَمَّى فى العُرْفِ بَيْتًا، كالخَيْمَةِ، فالأوْلَى أَنْ لا يَحْنَثَ بدُخولِه مَن لا يُسَمِّيه بَيْتًا؛ لأنَّ يَمِينَه لا تنْصَرِفُ إليه. وإِنْ دَخَلَ دِهْلِيزَ دارٍ أو صُفَّتَها (28)، لم يَحْنَثْ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافِعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَحْنَثُ؛ لأنَّ جميعَ الدَّارِ بَيْتٌ. ولنا، [أَنَّ هذا](29) يُسَمَّى بَيْتًا، ولهذا يُقال: ما
(21) فى م: "أبو يوسف".
(22)
سقط من: ب.
(23)
سورة النور 36.
(24)
سورة آل عمران 96.
(25)
أخرجه بنحوه أبو نعيم، فى: حلية الأولياء 6/ 176.
(26)
أخرجه ابن عدى، فى: الكامل 7/ 2679.
(27)
سورة النحل 80.
(28)
الصفة: البهو الواسع العالى السقف.
(29)
فى أ، م:"أنه لا". وفى ب: "أنه ما".
دَخَلَ (30) البَيْتَ، إنَّما وَقَفَ (31) فى الصَّحْنِ. وإِنْ حَلَفَ لا يَركَبُ، فرَكِبَ سَفِينَةً، فقال أبو الخَطَّاب: يَحْنَثُ؛ لأَنَّه ركوبٌ، قال اللَّه تعالى:{ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} (32). وقال: {فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ} (33). الضَّرْبُ الثالث، أَنْ يكونَ الاسمُ المحْلوفُ عليه عامًّا، لكن أضافَ إليه فِعْلًا لم تَجْرِ العادَةُ به، إِلَّا فى بَعْضِه، أو اشْتُهِرَ فى البعْضِ دونَ البَعْضِ، مثل أن يحْلِفَ (34) لا يَأْكُلُ رأْسًا، فإنَّه يَحْنَثُ بأَكْلِ [كُلِّ رأْسٍ] (35) من النَّعَمِ والصُّيودِ والطُّيورِ والحِيتانِ والجَرادِ. ذكرَه القاضى. وقال أبو الخَطَّاب: لا يَحْنَثُ إِلَّا بأَكْلِ رأسٍ جَرَتِ العادَةُ بِبَيْعِه للأَكْلِ مُنْفَرِدًا. وقال الشافِعِىُّ: لا يَحْنَثُ إلَّا بأَكْلِ رُءُوسِ بَهيمَةِ الأَنْعامِ دُونَ غيرِها، إلا أَنْ يكونَ فى بلَدٍ تكْثُرُ فيه الصُّيُودُ، وتُمَيَّزُ رُءُوسُها، فيَحْنَثُ بَأَكْلِها. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَث بأَكْلِ رُءوسِ الإِبِلِ؛ لأنَّ العادَةَ لم تجرِ ببَيْعِها للأكْلِ (36) مُفْرَدةً. وقال صاحِباه: لا يحْنَثُ إِلَّا بأَكْلِ رُءوسِ الغَنَمِ؛ لأنَّها التى تُباعُ فى الأَسْواقِ دونَ غيرِها، فيَمِينُه تَنْصَرِفُ إليها، وَوَجْهُ الأَوَّلِ، أَنَّ هذه رُءوسٌ حَقِيقَةً وعُرْفًا، مَأْكُوَلَةٌ، فيَحْنَثُ (37) بأَكْلِها، كما لو حَلَفَ لا يأْكُلُ لَحْمًا، فأَكَلَ من لحمِ النَّعامِ والزَّرافَةِ، وما يَنْدرُ وجودُه وبَيْعُه، ومن ذلك إذا حَلَفَ لا يأكُلُ بَيْضًا، حَنِثَ بأكْلِ بَيْضِ كُلِّ حَيوانٍ، سواءٌ كثرَ وجودُه، كبَيْضِ الدَّجاج، أو قَلَّ (38) كبَيْضِ النَّعامِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا يَحْنَثُ بأَكْلِ بَيْضِ النَّعامِ. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يَحْنَثُ إِلَّا بأَكْلِ بَيْضِ الدَّجاجِ، وما يُباعُ فى السُّوقِ. ولَنا، أَنَّ هذا كلَّه بَيْضٌ حقيقَةً وعُرْفًا، وهو مَأْكُولٌ، فيَحْنَثُ بأكْلِه، كبَيْض الدَّجاجِ، ولأنَّه لو حَلَفَ لا يَشْرَبُ ماءً،
(30) فى ب، م:"دخلت".
(31)
فى م: "وقفت".
(32)
سورة هود 41.
(33)
سورة العنكبوت 65.
(34)
فى م زيادة: "أن".
(35)
فى أ، ب، م:"رأس كل حيوان".
(36)
سقط من: ب، م.
(37)
فى م: "فحنث".
(38)
فى م زيادة: "وجوده".
فشرِبَ ماءَ البحرِ، أو ماءً نَجِسًا، أو لا يأكُلُ خُبْزًا، فأكَلَ خُبْزَ الأُرْزِ أو الذُّرَةِ (39)، فى مكانٍ لا يُعْتادُ أَكْلُه فيه، حَنِثَ. فأمَّا إِنْ أَكَلَ بَيْضَ (40) السَّمَكِ أو الجرادِ، فقال القاضِى: يَحْنَثُ؛ لأنَّه بَيْضُ حيوانٍ، أشْبَهَ يَيْضَ النَّعامِ. وقال أبو الخَطَّاب: لا يَحْنَثُ إِلَّا بأَكْلِ بَيْضٍ يُزايِلُ بائِضَه فى الحياةِ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، أكثرِ العُلماءِ. وهو الصَّحِيحُ؛ لأنَّ هذا لا يُفْهَمُ من إطْلاقِ اسمِ البَيْضِ، ولا يُذْكَرُ إِلَّا مُضافًا إلى بائِضِه، ولا يحنَثُ بأَكْلِ شىءٍ يُسمَّى بَيْضًا غير بَيْضِ الحيوانِ، ولا بأَكْلِ شىءٍ يُسَمَّى رَأْسًا غير رُءُوسِ الحيوانِ؛ لأنَّ ذلك ليس برَأْسٍ ولا بيْضٍ فى الحقيقَةِ، واللَّهُ أعلمُ.
1848 -
مسألة؛ قال: (وإذا (1) حَلَفَ لَا (2) يُأْكُلُ سَوِيقًا، فَشَرِبَهُ، أو لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ، حَنِثَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ)
وجملتُه أَنَّ مَنْ حَلَفَ (3) لا يأْكُلُ شيئًا، فشَرِبَه، أو لا يَشْرَبُه، فأَكَلَه، فقد نُقِلَ عن أحمدَ، ما يَدُلُّ على رِوايَتَيْن؛ إحْداهما، يَحْنَثُ؛ لأنَّ اليَمِينَ على تَرْكِ أكْلِ شىءٍ أو شُرْبِه يُقْصَدُ بها فى العُرْفِ اجْتِنابُ ذلك الشىءِ، فحُمِلَتِ اليَمِينُ عليه (4)، ألَا ترَى أَنَّ قَوْلَه تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} (5). و: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (6). لم يُرِدْ به الأَكْلَ على الخُصوصِ؟ ولو قال طبيبٌ لمريضٍ: لا تأكُلِ العَسَلَ. لَكانَ ناهِيًا له عن شُرْبِه. والثانِيَةُ، لا يَحْنَثُ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الأفعالَ أنْواعٌ كالأعيانِ، ولو حَلَفَ على نَوْعٍ من الأعْيانِ، لم يَحْنَثْ بغيرِه، كذلك (7) الأفْعالُ. وقال القاضِى: إنَّما الرِّوايتان، فى مَن عيَّنَ المحْلوفَ
(39) فى أ، ب:"والذرة".
(40)
سقط من: م.
(1)
فى م: "وإن".
(2)
فى م: "ألا".
(3)
فى أ، ب زيادة:"أن".
(4)
فى م زيادة: "إلا أن ينوى".
(5)
سورة النساء 2.
(6)
سورة النساء 10. ولم يرد فى الأصل، أ، ب: {ظُلْمًا}.
(7)
فى م: "وكذلك".