الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُرَيْرَةَ، وابنِ عمرَ. وقد ذكرنا خبرَ أبي هُرَيْرَةَ. وروَى أبو الشَّيْخِ (12)، في "كتاب الثَّواب"، بإِسْنادِه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"تَمَامُ الرِّباطِ أرْبَعُونَ يَوْمًا"(13). وروى عن (14) نافعٍ، عن ابن عُمَرَ، أنَّه قَدِمَ على عمرَ بنِ الخطَّابِ من الرِّباطِ، فقال له: كم رابَطْتَ؟ قال: ثلاثين يومًا. قال: عَزَمْتُ عليك إلَّا رَجَعْتَ حتّى تُتِمَّها أربعين يومًا (15). وإنْ رابَطَ أكثرَ، فله أجْرُه، كما قال أبو هُرَيْرَةَ: ومَن زادَ، زادَه اللهُ.
فصل:
وأفضلُ الرِّباطِ المُقامُ بأشَدِّ الثُّغورِ خَوْفًا؛ لأَنَّهُم أَحْوَجُ، ومُقامُه به أَنْفَعُ. قال أحمد: أفضلُ الرِّباطِ أشدُّهم كَلَبًا. وقيل لأبي عبد اللَّه: فأينَ أَحَبُّ إليك أن ينزِلَ الرجلُ بأهْلِه؟ قال: كلُّ مدينَةٍ مَعْقِلٌ للمُسْلِمين، مثلَ دِمَشْقَ. وقال: أرضُ الشامِ أرضُ المَحْشَرِ، ودِمَشْقُ موضِعٌ يجتْمِعُ إليه الناسُ إذا غلَبتِ الروم. قيل لأبي عبد اللَّه: فهذه الأحاديث التي جاءت: "إنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لِى بِالشَّامِ"(16). ونحو هذا؟ قال: ما أكْثَرَ ما جاءَ فيه. وقيل له: إنَّ هذا في الثُّغورِ. فأَنْكَرَه، وقال: أرضُ القُدْسِ أينَ هي؟ "وَلَا يَزَالُ أهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ" هم أهلُ الشام. ففسَّرَ أحمد الغَرْبَ في هذا الحديث بالشَّامِ، وهو حديثٌ صحيحٌ، روَاه مسلمٌ (17)، وإنّما فسَّرَه بذلك؛ لأنَّ الشامَ يُسَمَّى مَغْرِبًا، لأنَّه مَغْرِبٌ للعراق، كما يُسَمَّى العراقُ مَشْرِقًا، ولهذا قيل: ولأَهْلِ المَشْرِق ذاتُ عِرْقٍ. وقد جاء في حديثٍ مُصَرَّحًا بِه: "لَا تَزالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِىَ أمْرُ اللهِ وَهُمْ بالشَّامِ". وفي حديثٍ (18)، عن مالِكِ
(12) أبو الشيخ عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حبان الأصفهاني، محدث، مفسر، ثقة، توفى سنة تسع وستين وثلاثمائة. تاريخ التراث العربي 1/ 1/ 404 - 406. ولم يذكر الدكتور سزكين هذا الكتاب له.
(13)
أخرجه الطبراني، في الكبير 8/ 157.
(14)
سقط من: أ.
(15)
أخرجه عبد الرزاق، في؛ باب الرباط، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 280. عن يزيد بن أبي حبيب يقول: جاء رجل من الأنصار إلى عمر بن الخطاب.
(16)
أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 5/ 33، 34.
(17)
في: باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتى. . ."، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 3/ 1525.
(18)
في م: "الحديث".
ابن يُخَامِرَ، عن مُعاذٍ بن جَبَلٍ، قال:"وَهُمْ بالشَّامِ". روَاه البخارِىُّ، في "صحيحه"(19). وفي خبرٍ عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ بِدِمَشْقَ ظَاهِرِينَ". أخْرَجه البُخارىُّ، في "التاريخ"(20). وقد رُويَت في الشَّامِ أخبارٌ كثيرةٌ؛ منها حديثُ عبد اللَّه بن حَوالَةَ الأَزْدِيِّ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"سَتُجَنَّدُونَ أجْنادًا؛ جُنْدًا بالشَّامِ، وجُنْدًا بالْعِرَاقِ، وجُنْدًا بالْيَمَنِ" فقلتُ: خِرْ لي يا رسولَ اللَّه. قال: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإنَّهَا خِيرَةُ اللهِ مِنْ أرْضِهِ، يَجْتَبِى إلَيْها خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فمَنْ أبَى، فَلْيَلْحَقْ باليَمَنِ، ويُسْقَ (21) مِنْ غُدُرِهِ، فَإنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لِى بالشَّامِ وَأهْلهِ". روَاه أبو داوُدَ بمَعْناه (22)، وكان أبو إدْرِيسَ (23) إذا روَى هذا الحديثَ (24) قال: ومَنْ تكفَّلَ اللَّه به، فلا ضَيْعَةَ عليه. ورُوِىَ عن الأَوْزاعِىِّ، قال: أَتَيْتُ المدينةَ؛ فسألْتُ: مَنْ بِها مِنَ العُلماء؟ فقيل: محمدُ بن المُنْكَدِرِ، ومحمدُ بن كَعْب القُرَظِيُّ، ومحمدُ بن عليِّ بن عبد اللَّه بن العباسِ، ومحمدُ بن على بن الحُسينِ بن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِىَ اللَّه عنهم (25). فقلتُ: واللَّه لأَبْدَأَنَّ بهذا قبلَهم. فدخلتُ إليه، فأخذَ بِيَدِى، وقال: مِنْ أىِّ إخْوانِنا أنتَ؟ قلتُ: من أهلِ الشام. قال: مِن أيِّهم؟ قلتُ: من أهل دِمَشْقَ. قال: حَدَّثَنِى أبي، عن جَدِّى، عن رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: "يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلَاثُ مَعَاقِلَ؛ فمَعْقِلُهمْ فِي المَلْحَمَة الْكُبْرى الَّتى تَكونُ بِعُمْقِ أنْطاكِيَةَ (26) دِمَشْقُ، ومَعْقِلُهُمْ
(19) في: باب حدثني محمد بن المثنى. . .، من كتاب المناقب، وفي: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال. . ."، من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. صحيح البخاري 4/ 252، 9/ 125.
كما أخرجه مسلم، في: باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة. . ."، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 3/ 1523. والترمذي، في: باب ما جاء في الشام، من كتاب الفتن. عارضة الأحوذي 9/ 45. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 101، 5/ 279.
(20)
أخرجه البخاري، في: باب حسان. التاريخ الكبير 2/ 1/ 35.
(21)
في م: "ويشق" وهو أمر بالسقيا من الأحواض.
(22)
في: باب في سكنى الشام، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 4. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 110.
(23)
لعله: عائذ اللَّه بن عبد اللَّه بن عمرو الخولاني، تابعى، كان عالم الشام بعد أبي الدرداء، توفى سنة ثمانين. تهذيب التهذيب 5/ 85 - 87.
(24)
في م: "الخبر".
(25)
في م: "عنه".
(26)
في النسخ: "أناطاكية". وأنطاكية من مدن الشام. انظر: معجم البلدان 1/ 382.
مِنَ الدَّجَّالِ بَيْتُ الْمَقْدِس، ومَعْقِلُهمْ مِنْ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ طُورُ سَيْناءَ". روَاه أبو نُعَيْمٍ، في "الحِلْيةِ" (27)، وفي خبرٍ آخَرَ، عن أبي الدَّرْداء، أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ، إلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدائِنِ الشَّامِ". أخرجَهُ أبو داود (28). وروَى سعيدُ بن منصور، [في "سُنَنِه"] (29) بإسْنادِه عن أبي النَّضْرِ، أنَّ عَوْفَ بن مالكٍ، أتَى رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّه، أَوْصِنِى. قال: "عَلَيْك بِجَبَلِ الْخَمَرِ (30)". قال: وما جَبَلُ الخَمَرِ؟ قال: "أَرْضُ الْمَحْشَرِ". وبإسْناده (31)، عن عَطاء الخُراسانِيِّ: بلَغَنِي أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "رَحِمَ اللَّه أهْلَ المَقْبَرَةِ". ثلاثَ مَرَّاتٍ، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: "تِلْكَ مَقْبَرةٌ تَكُونُ بعَسْقَلَانَ" (32). فكان عطاءُ يُرابِطُ بها كُلَّ عامٍ أربعين يومًا حتَّى ماتَ. ورَوَى الدّارَقُطْنِىّ، في "كتابه المُخرَّج على الصَّحِيحَيْن"، بإسْناده عن ابن عُمَرَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على مَقْبَرةٍ، فقيل له: يا رسولَ اللَّه، أىُّ مَقْبَرةٍ هي؟ قال: "مَقْبَرَةٌ بأرْضِ العَدُوِّ، يُقَالُ لَهَا: عَسْقَلَانُ، يفْتَتِحُهَا نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى، يَبْعَثُ اللهُ مِنْهَا سَبْعِينَ ألْفَ شَهِيدٍ، فَيَشْفَعُ الرَّجُلُ فِي مِثْلِ رَبِيعَةَ ومُضَرَ، ولِكُلٍّ عَرُوسٌ، وعَرُوسُ الْجَنَّةِ عَسْقَلَانُ" (33). وبإِسْنادِه، عن ابن عَبَّاس، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ رجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ. فقال: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ الْزَمْ مِنَ الشَّامِ
(27) الحلية 6/ 146.
(28)
في: باب في المعقل من الملاحم، من كتاب الملاحم. سنن أبي داود 2/ 426.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 5/ 197.
(29)
سقط من: الأصل، أ.
وأخرجه سعيد، في: باب ما جاء فيما تنفل به النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 255.
(30)
الخمر؛ بالتحريك: الشجر الملتف وما واراك من شجر. والمراد جبل بيت المقدس.
(31)
في: باب ما جاء في فضل الرباط، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 160.
(32)
عسقلان: مدينة بالشام، من أعمال فلسطين، على ساحل البحر، بين غزة وبيت جبرين. معجم البلدان 3/ 673، 674.
(33)
وأخرجه ابن حجر، في: باب فضائل البلدان، باب فضائل عسقلان. المطالب العالية 4/ 161، 162.