الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو حنيفةَ، وابنُ الْمُنْذِرِ، ولا نعلَمُ لهم مُخالِفًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ". والقولُ هو النُّطْقُ، ولأنَّ اليَمِينَ الا تَنْعَقِدُ بالنِّيَّةِ، فكذلك الاسْتِثْناءُ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ: إنْ كان مَظْلومًا فاسْتَثْنَى فى نَفْسِه، رَجَوْتُ أن يجوزَ، إذا خافَ على نفسِه. فهذا فى حَقِّ الخائِفِ على نفْسِه؛ لأنَّ يَمِينَه غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، أو لأَنَّه بمنزلَةِ المُتأوِّلِ، وأمَّا فى حَقِّ غيرِه فلا.
فصل:
واشْتَرطَ القاضِى أَنْ يقْصِدَ الاسْتِثْناءَ، فلو أرادَ الجَزْمَ، فسبَقَ لسانُه إلى الاسْتِثْناءِ من غيرِ قَصْدٍ، أو كانَتْ عادَتُه جارِيَةً بالاسْتِثْناءِ، فجَرَى لِسانُه [إلى الاسْتِثْناءِ](12) من غيرِ قَصْدٍ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ اليَمِينَ لمَّا لم ينعَقِدْ من غيرِ قَصْدٍ، فكذلك الاسْتِثْناءُ. وهذا مذهبُ الشافعِىِّ. وذَكر بعضُهم، أنَّه لا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ حتى يَقْصِدَه مع ابْتداءِ يَمِينِه، فلو حَلَفَ غيرَ قاصِدٍ للاسْتِثْناءِ، ثم عَرَضَ له بعدَ فَراغِه من اليَمِينِ فاسْتَثْنَى، لم يَنْفَعْه. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذا يُخالِفُ عمومَ الخَبرِ، فإنَّه قال:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ". ولأنّ لفظَ الاسْتِثْناء يكونُ عَقِيبَ يَمِينِه، [فكذلك نِيَّتُه](13).
فصل: ويَصِحُّ الاسْتِثْناءُ فى كُلِّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ، كاليَمِينِ باللَّهِ تعالى، والظِّهار، والنَّذْرِ. قال ابنُ أبى موسى: مَنْ اسْتَثْنَى فى يَمِينٍ تَدْخُلُها كفّارَةٌ، فله ثَنْيَاهُ (14)، لأَنَّها أيْمانٌ مُكفَّرَة، فدَخَلَها الاسْتِثْناءُ، كاليَمِينِ باللَّه تعالى، فلو قال: أنتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّى، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. أو: أنتِ علىَّ حَرامٌ، إنْ شاءَ اللَّه. أو: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فأنْتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّى، إنْ شاءَ اللَّه. أو: للَّهِ علىَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بمائَةِ دِرْهَمٍ، إنْ شاءَ اللَّهُ. لم يَلْزَمْه شىءٌ؛ لأنَّها أيْمانٌ، فتدْخُلُ فى عُمومِ قولِه:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ".
فصل: فإنْ قال: واللَّهِ لأَشْرَبَنَّ اليومَ، إلَّا أَنْ يشاءَ اللَّه. أو: لا أشْرَبُ، إلَّا أَنْ يشاءَ
(12) فى م: "على العادة".
(13)
سقط من: ب.
(14)
أى: استثناؤه.