الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَفَى حَزَنًا أَنْ تُطْرَدَ الخيلُ بالْقَنا
…
وأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَىَّ وَثَاقِيَا (8)
فقال لابْنَةِ خَصْفَةَ (9) امْرَأَة سعد: أَطْلِقِينى، ولَكِ اللَّهُ عَلَىّ إنْ سَلَّمَنِى اللَّه أَنْ أرجِعَ حتَّى أضَعَ رِجْلِى فى القيدِ، فإنْ قُتِلْتُ، اسْتَرَحْتُم مِنِّى. قال: فحلَّتْه حينَ الْتَقَى الناسُ، وكانَتْ بسعدٍ جِرَاحَةٌ، فلم يخْرُجْ يومَئِذٍ إلى النَّاس. قال: وصَعَدُوا به فوقَ العُذَيْبِ (10) ينْظُرُ إلى النَّاسِ، واسْتَعْمَلَ على الخيلِ خالدَ بن عُرْفُطَةَ، فوثَبَ أبو مِحْجَنٍ على فرسٍ لسعدٍ يُقال لها البَلْقاءُ، ثمَّ أخَذَ رُمْحًا، ثمَّ خرَجَ، فجعَلَ لا يَحْمِلُ على ناحِيَةٍ من العَدُوِّ إلَّا هَزَمَهم، وجَعَلَ الناسُ يقولُون: هذا مَلَكٌ؛ لما يَرَوْنَه يصْنَعُ، وجعلَ سعدٌ يقول: الضَّبْرُ (11) ضَبْرُ البَلْقاءِ، والطَّعْنُ طَعْنُ أبى مِحْجَنٍ، وأبو مِحْجَنٍ فى القَيْدِ. فلما هُزِمَ العَدُوُّ، رجَعَ أبو مِحْجَنٍ حتَّى وَضَعَ رِجْلَيْه فى القَيْد. فأَخْبَرَت ابنةُ خَصْفةَ سعدًا بما كان من أمرِه، فقال سعدٌ: لا واللَّهِ، لا أُضْرِبُ اليومَ رجُلًا أَبْلَى اللَّهُ المسلمين به (12) ما أَبْلاهُم. فخلَّى سَبِيلَه. فقال أبو مِحْجَنٍ: قد كنتُ أشْرَبُها إذْ يُقامُ عَلَىَّ الحَدُّ وأُطَهَّرُ منها، فأمَّا إذا بَهْرَجْتَنِى (13)، فواللَّهِ لا أَشْرَبُها أبدًا (14). وهذا اتِّفاقٌ لم يظْهَرْ خلافُه. فأمَّا إذا رَجَعَ، فإنَّه يُقامُ الحَدُّ عليه؛ لعُمومِ الآيات والأخْبارِ، وإنَّما أُخِّرَ لعارِضٍ، كما يُؤخَّرُ لمرَضٍ أو شُغْلٍ، فإذا زالَ العارِضُ، أُقيمَ الحَدُّ، لوُجودِ مُقْتَضِيه، وانْتفاءِ مُعارِضِه؛ ولهذا قال عمرُ: حتَّى يقْطَعَ الدَّرْبَ قافِلًا.
فصل:
وتُقامُ الحُدودُ فى الثُّغورِ، بغيرِ خلافٍ نَعْلَمُه؛ لأَنَّها من بلادِ الإِسلامِ،
(8) البيت فى: طبقات فحول الشعراء 1/ 268، والشعر والشعراء 1/ 423.
(9)
فى الأصل، أ، والإصابة 7/ 705:"حفصة". وفى ب، م. وسنن سعيد:"حصفة". والمثبت فى: طبقات ابن سعد 3/ 138، 5/ 168، 169، ومصنف ابن أبى شيبة، وتاريخ الطبرى.
(10)
العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة. معجم البلدان 3/ 626.
(11)
الضبر: العَدْو.
(12)
سقط من: أ، ب، م.
(13)
بهرجتنى: هدرتنى بإسقاط الحد عنى.
(14)
أخرجه سعيد، فى الموضع السابق. السنن 2/ 197، 198. وابن أبى شيبة، فى: أمر القادسية وجلولاء، من كتاب التاريخ. المصنف 12/ 560 - 562. وانظر القصة، فى: تاريخ الطبرى 3/ 575، والاستيعاب 4/ 1746، 1747، والإصابة 7/ 361، 362.