الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَبَّ فيه ماءً، بحيثُ يرتَفعُ الزَّيْتُ، فيَمْلأُ السِّراجَ، وما أشْبَهَ هذا، ولم يَرَ أبو عبد اللَّه أن تُدْهَنَ بها الجلودُ، وقال: يُجْعَلُ منه الأسْقِيَةُ والقِرَبُ. ونُقِلَ عن ابنِ (9) عمرَ، أنَّه تُدْهَنُ به الجلودُ. وعَجِبَ أحمدُ من هذا، وقال: إنَّ فى هذا لَعَجَبًا، شىءٌ يُلْبَسُ يُطَيَّبُ بشىءٍ فيه مَيْتَةٌ! فعَلَى قولِ أحمدَ، كُلُّ انْتِفاع يُفْضِى إلى تَنْجِيسِ إنسانٍ لا يجوزُ، وإِنْ لم يُفْضِ إلى ذلك جازَ. فأمَّا أكْلُه فلا إشْكالَ فى تَحْرِيمِه؛ فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَقْرَبُوهُ". ولأنَّ النَّجِسَ خَبِيثٌ، وقد حَرَّمَ اللَّهُ الْخَبَائِثَ. وأما بَيْعُه، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رحمه الله، تَحْرِيمُه؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:" [إنَّ اللَّه إذَا حَرَّمَ] (10) شَيْئًا، حَرَّمَ ثَمَنَهُ". وقال أبو موسى: لُتُّوهُ بالسَّوِيقِ وبِيعُوه، ولا تَبِيعُوه من مُسْلمٍ، وَبيِّنُوهُ. وحَكَى أبو الخطاب عن أحمد روايةً، أَنَّه يُباعُ لكافِرٍ بشرطِ أَنْ يعلمَ بِنَجاسَتِه؛ لأنَّ الكفارَ يعتقدُون حلّه، ويستبيحُون أَكْلَه. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، وبَاعُوهَا، وأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ". مُتَّفَقٌ عليه (11). وكَوْنُهم يَعْتَقِدُون حِلَّه، لا يُجَوِّزُ لنا بَيْعَه لهم كالخمرِ والخِنْزيرِ.
فصل:
فأمَّا شُحومُ المَيْتَةِ، وشَحْمُ الخِنْزِيرِ، فلا يجوز الانْتِفاعُ به باسْتِصْباحٍ ولا غيرِه، ولا أَنْ تُطْلَى بها (12) السُّفُنُ ولا الجلودُ؛ لما رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ والْخِنْزِيرَ والْأَصْنَامَ". قالوا: يا رسولَ اللَّه، شُحومُ المَيْتَةِ تُطْلَى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَسْتَصْبِحُ بها (9) الناسُ؟ قال:"لَا، هِىَ حَرَامٌ". مُتَّفَقٌ عليه (13).
فصل: إذا اسْتُصْبِحَ بالزَّيْتِ النَّجِسِ، فدُخانُه نَجِسٌ؛ لأنَّه جُزْءٌ يسْتحِيلُ (14) منه،
(9) سقط من: م.
(10)
فى الأصل، أ، م:"إذا حرم اللَّه". ويأتى.
(11)
هو الذى تقدمت الإشارة إلى تخريجه فى حاشية 7.
(12)
فى ب، م:"به".
(13)
هو السابق.
(14)
فى الأصل: "ويستحيل".