الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
فإنْ حَلَفَ عليها أَنْ لا تَخْرُجَ من هذه الدَّارِ إِلَّا بإذْنِه، فصعَدَتْ سَطْحَها، أو خَرَجَت إلى صَحْنِها، لم يَحْنَثْ، لأَنَّها لم تَخْرُجْ من الدَّارِ. وإِنْ حَلَفَ أن (13) لا تَخْرُجَ من البَيْتِ، فخَرَجَت إلى الصَّحْنِ، أو إلى سَطْحِه، حَنِثَ. وهذا مُقْتَضَى مذهبِ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرّأْىِ. ولو حَلَفَ على زَوْجَتِه أن (13) لا تخرجَ، ثم احْتَمَلَها (14) فأَخْرَجَها، فإنْ أمْكَنَها الامْتِنَاعُ فلم تَمْتَنِعْ، حَنِثَ. وقالٍ الشافِعِىُّ: لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّها لم تخرُجْ، وإنَّما (15) أُخْرِجَتْ. ولَنا، أنَّها خَرَجَت مُخْتارَةً، فحَنِثَ، كما لو أَمَرَتْ مَنْ حَمَلَها، والدَّلِيلُ على خُروجِها، أَنَّ الخُروجَ الانْفِصالُ من داخِلٍ إلى خارِجٍ، وقد وُجِدَ ذلك. وما ذَكَرَه (16) يبْطُلُ بما إذا أَمَرَتْ مَنْ حَمَلَها، فأمَّا إِنْ لم يُمْكِنْها الامْتِناعُ، فيَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ. وهو قولُ (17) الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الخروجَ لا يُنْسَبُ إليها، فأشْبَهَ ما لو حَمَلَها غيرُ الحالِفِ. ويحْتَمِلُ (18) أَنْ يَحْنَثَ؛ لأَنَّه مُخْتارٌ لفِعْلِ ما حَلَفَ على تَرْكِه. وإِنْ حَلَفَ أَنْ (13) لا تَخْرُجِى إِلَّا بإذْنِ زيدٍ، فماتَ زيدٌ ولم يأذَنْ، فخَرَجَت، حَنِثَ الحالِفُ؛ لأَنَّه عَلَّقَه على شَرْطٍ، ولم يُوجَدْ، ولا يجوزُ فِعْلُ المَشْرُوطِ.
1843 - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هذَا الرُّطَبَ، فأَكَلَه تَمْرًا، حَنِثَ. وكَذلِكَ كُلُّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ ذلِك الرُّطَبِ)
وجملةُ ذلك أنَّه إذا حَلَفَ على شىءٍ عَيَّنَه بالإِشارَةِ، مثل أَنْ حَلَفَ أن (1) لا يَأْكُلَ هذا الرُّطَبَ، لم يَخْلُ من حالَيْنِ؛ أحَدُهما، أَنْ يَأْكُلَه رُطَبًا، فيَحْنَثَ، بلا خِلافٍ بين
(13) سقط من: م.
(14)
فى ب، م:"حملها".
(15)
سقطت الواو من: ب، م.
(16)
فى الأصل، أ، ب:"ذكروه".
(17)
فى م زيادة: "أصحاب".
(18)
فى الأصل: "واحتمل".
(1)
سقط من: م.
الجميعِ؛ لكَوْنِه فعل ما حَلَفَ على تَرْكِه صَرِيحًا. الثانى، أَنْ تَتَغَيَّرَ صِفَتُه [فذلك ينْقَسِمُ](2) خمسةَ أَقْسامٍ؛ أحدُها، أَنْ تَسْتَحِيلَ أجزاؤُه، ويَتَغَيَّرَ اسْمُه، مثل أَنْ يحْلِفَ: لا أكَلْتُ هذه البَيْضَةَ. فصارَتْ فَرْخًا. ولا (3) أَكَلْتُ هذه الحنطَةَ. فصارَتْ زَرْعًا فأَكَلَه، فهذا لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه زالَ اسْمُه (4)، واسْتَحالَتْ أجْزاؤُه. وعلى قياسِه، إذا حَلَفَ: لا شَرِبْتُ هذا الخَمْرَ. فصارَتْ خَلًّا، فَشَرِبَه. القِسْمُ الثانِى، تَغَيَّرَتْ صِفَتُه، وزالَ اسْمُه، مع بقاءِ أَجْزائِه، مثل أَنْ يَحْلِفَ: لا أكلتُ (5) هذا الرُّطَبَ. فصارَ تَمْرًا، ولا (3) أُكَلِّمُ هذا الصَّبِىَّ. فصارَ شَيْخًا، ولا (3) آكلُ هذا الحمَلَ. فصار كَبْشًا. أو لا آكُلُ هذا الرُّطَبَ. فصارَ دبْسًا، أو خَلًّا، أو ناطِفًا (6)، أو غيرَه من الحَلْواءِ. أو لا (7) يأكُلَ هذه الحِنْطَة، فصارَتْ دقيقًا، أو سَويقًا، أو خُبْزًا، أو هَرِيسَةً. أو: لا أكَلْتُ هذا العَجِينَ، أو هذا الدَّقِيقَ. فصارَ خُبْزًا. أو: لا (7) أَكَلْتُ هذا اللَّبَنَ. فصارَ مصْلًا (8)، أو جُبْنًا، أو كَشْكًا. أو: لا دَخَلْتُ هذه الدَّارَ. فصارَتْ مَسْجِدًا، أو حَمَّامًا، أو فَضاءً، ثم دَخَلَها وأَكَلَه (9)، حَنِثَ فى جميعِ ذلك. وبه قال أبو حنيفةَ، فيما إذا حَلَفَ: لا كَلَّمْتُ هذا الصَّبِىَّ. فصارَ شيخًا. و: لا أَكَلْتُ هذا الحَمَلَ. فصارَ كبْشًا. ولا: دَخَلْتُ هذه الدَّارَ. فدَخَلَها بعد تَغَيُّرِها. وقال به أبو يوسفَ، فى الحِنْطَةِ إذا صارَتْ دقيقًا. وللشافِعِىِّ فى الرُّطَبِ إذا صارَ تَمْرًا، والصَّبِىِّ إذا صارَ شَيْخًا، والحَمَلِ إذا صارَ كَبْشًا، وَجْهان. وقالُوا فى سائِرِ الصُّوَرِ: لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّ اسْمَ المحْلوفِ عليه وصُورَتَه زالَتْ، فلم يَحْنَثْ، كما لو حَلَفَ لا يَأْكُلُ هذه البَيْضَةَ، فصارَتْ فرْخًا. ولَنا، أَنَّ عَيْنَ المحْلوفِ عليه باقِيَةٌ، فحَنِثَ بها، كما لو حَلَفَ: لا أَكَلْتُ هذا الحَمَلَ. فأكَلَ لَحْمَه. أو: لا لَبِسْتُ هذا
(2) فى م: "وذلك يقسم".
(3)
فى م: "أولا".
(4)
سقط من: م.
(5)
فى م: "آكل".
(6)
الناطف: ضرب من الحلواء، يصنع من الجوز واللوز والفستق.
(7)
فى م: "ولا".
(8)
مصل اللبن: إذا وضعه فى وعاء خوص أو خرق أو نحوه، حتى يقطر ماؤه.
(9)
فى م: "أو أكله".
الغَزْلَ (10). فصارَ ثَوْبًا، ولَبِسَه (11). أو: لا لَبِسْتُ هذا الرِّداءَ. فَلَبِسَه بعد أَنْ صارَ قمِيصًا أو سَرَاويلَ. وفارَقَ البَيْضَةَ إذا صارَتْ فَرْخًا؛ لأنَّ أجْزاءَها اسْتَحالَتْ، فصارَتْ عَيْنًا أُخْرَى، ولم تَبْقَ عَيْنُها، ولأَنَّه لا (12) اعتبارَ بالاسْمِ مع التَّعْيِينِ، كما لو حَلَفَ: لا كَلَّمْتُ زيدًا هذا. فغَيَّرَ اسْمَه. أو: لا كَلَّمْتُ صاحِبَ هذا الطَيْلَسان. فكَلَّمَه بعد بَيْعِه. ولأنَّه متى اجتَمَعَ التَّعْيِينُ مع غيرِه ممَّا يُعْرَفُ به، كان الحُكْمُ للتَّعْيِينِ، كما لو اجْتَمَعَ مع الإِضافَةِ. القِسْمُ الثالِثُ، تَبَدَّلَتِ الإِضافَةُ، مثل أَنْ حَلَفَ: لا كَلَّمْتُ زوجةَ زيدٍ هذه، ولا عبدَه هذا، ولا دَخَلْتُ دارَهُ هذه. فطَلَّقَ الزَّوْجَةَ، وباعَ العبدَ والدَّارَ، فكلَّمَهما، ودَخَلَ الدَّارَ، حَنِثَ. وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، ومحمدٌ، وزُفَرُ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسف: لا يَحْنَثُ، إِلَّا فى الزَّوْجَةِ؛ لأَنَّ الدَّارَ لا تُوَالَى ولا تُعادَى، وإنَّما الامْتِناعُ لأَجْلِ مالِكِها، فتَعَلَّقَت اليَمِينُ بها، مع بَقاءِ مِلْكِه عليها، وكذلك العبدُ فى الغالِبِ. ولَنا، أنَّه إذا اجْتَمَعَ فى اليمينِ التَّعْيِينُ والإِضافَةُ، كان الحُكْمُ للتَّعْيِينِ، كما لو قال: واللَّهِ لا كَلَّمْتُ زوجةَ فُلانٍ، ولا صَدِيقَه. وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ فى العبدِ؛ لأنَّه يُوالَى ويُعادَى، ويَلْزَمُه فى الدَّارِ إذا أطْلَقَ، ولم يذْكُرْ مالكَها، فإنَّه يَحْنَثُ بدُخُولِها بعدَ بَيْعِ مالِكِها إيَّاها. القِسْمُ الرابِعُ، إذا تَغَيرَّتْ صِفَتُه بما يُزِيلُ اسْمَه ثم عادَتْ، كمِقَصٍّ انْكَسَرَ ثم أُعِيدَ، وقلمٍ كُسِرَ (13) ثم بُرِىَ، وسَفِينَةٍ تَفَصَّمَتْ ثم أُعِيدَتْ، ودارٍ هُدِمَتْ ثم بُنِيَتْ، وأُسْطُوانَةٍ نُقِضَتْ ثم أُعِيدَتْ، فإنَّه يَحْنَثُ؛ لأنّ أجْزَاءَها واسْمَها موجودان (14)، فأشْبَهَ ما لو لم تَتَغَيَّرْ. القِسْمُ الخامِسُ، إذا تَغَيَّرَت صِفَتُه بما لم يُزِلْ اسمَه، كلَحْمٍ شُوِىَ أو طُبِخَ، وعبدٍ بيعَ، ورجلٍ مَرِضَ، فإنَّه يَحْنَثُ به، بلا خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ الاسْمَ الذى علَّقَ عليه اليَمِينَ لم يزُلْ، ولا زالَ التَّغَيُّرُ، فحَنِثَ به، كما لو لم يَتَغَيَّرْ حالُه.
(10) فى م: "الغزال".
(11)
فى م: "فلبسه".
(12)
سقط من: م.
(13)
فى م: "انكسر".
(14)
فى م: "موجود".