الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فماتَ، حلَّ. وبه قال الشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال مالِكٌ: لا يَحِلّ، إِلَّا أَنْ تكونَ الجراحَةُ مُوحِيَةً، أو يمُوتَ قبلَ سقُوطِه؛ لقولِه تعالى:{وَالمُتَرَدِّيَةُ} (4). ولأنَّه اجْتَمَعَ المُبِيحُ والحاظِرُ، فغُلِّبَ الحَظْرُ، كما لو غَرِقَ. ولَنا، أنَّه صَيْدٌ سَقَطَ بالإِصابَةِ سُقوطًا لا يُمْكِنُ الاحْترِازُ عن سقوطِهِ عليه، فوجَبَ أَنْ يَحِلَّ، كما لو أصابَ الصَّيْدَ فوقَعَ على جنْبِه. ويُخالِفُ ما ذكرُوه، فإنَّ الماءَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، وهو قاتِلٌ، بخلافِ الأَرْضِ.
1711 - مسألة؛ قال: (وإِذَا رَمَى صَيْدًا، فقَتَلَ جَماعَةً، فَكُلُّه حَلالٌ)
قد سَبَقَ شرحُ هذه المسألَةِ، فيما إذا رَمَى صيدًا فأَصابَ غيرَه (1).
فصل:
قال أحمد: لا بَأْسَ بصَيْدِ اللَّيْلِ. فقيلَ له: فقَوْلُ (2) النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "أقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِها (3) "(4). فقال: هذا كان أحدُهم (5) يريدُ الأَمْرَ، فيثيرُ الطيرَ حتَّى يتفاءَلَ، إِنْ كان عن يَمينِه قال كذا، وإِنْ كان (6) عن يسارِه قال كذا، فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"أقِرُّوا الطَّيْرَ على مَكِناتِهَا (3) ". ورُوِى له عن ابنِ عبَّاسٍ أَنَّ (7) النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَطْرُقُوا الطَّيْرَ فِى أوْكَارِهَا، فَإنَّ اللَّيْلَ لَهَا أمَانٌ"(8). فقال: هذا ليس بشىءٍ، يَرْوِيه فُراتُ ابنُ السَّائِبِ، وليس بشىءٍ، ورَواهُ عنه حفصُ بن عمرَ، ولا أعْرِفُه. قال يزيدُ بنُ هارون: ما علمتُ أَنَّ أحدًا كرِهَ صَيْدَ اللَّيْلِ. وقال يَحْيَى بن مَعِين: ليس بِه بأْسٌ. وسُئِلَ (9): هل يُكْرَهُ للرَّجُلِ صيدُ الفِراخِ الصِّغارِ، مثل الوَرَشان (10) وغيرِه؟ يعنى من أوْكارِها. فلم يَكْرَهْهُ.
(4) سورة المائدة 3.
(1)
فى صفحة 273.
(2)
فى م: "قول".
(3)
فى م: "وكناتها".
(4)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى العقيقة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 94. والإِمام أحمد، فى: المسند 6/ 381.
(5)
فى الأصل، م:"أحدكم".
(6)
فى أ، ب، م:"جاء".
(7)
فى الأصل: "عن".
(8)
أخرجه الطبرانى فى: المعجم الكبير 3/ 142.
(9)
سقط من: أ.
(10)
الورشان: طائر مثل الحمام، أكبر قليلا منه.
1712 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا، فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، لم يَأْكُلْ (1) مَا أبانَ (2) مِنْهُ، ويَأْكُلُ (3) مَا سِوَاهُ، فى إِحْدى الرِّوايَتَيْن، والأُخْرَى يَأْكُلُه ومَا أَبَانَ مِنْهُ)
وجملَتُه أنَّه إذا رَمَى صَيْدًا، أو ضَرَبَه، فبانَ بعضُه، لم يَخْلُ من أحوالٍ ثلَاثَةٍ؛ أحدُها، أَنْ يَقْطَعَهُ قِطْعَتَيْن، أو يقْطَعَ رأسَه، فهذا جميعُه حَلال، سواءٌ كانت القِطْعتان مُتساوِيَتَيْن أو مُتَفاوِتَتَيْن. وبهذا قال الشافِعِىُّ. ورُوِىَ ذلك عن عِكْرِمَةَ، والنَّخَعِىِّ، وقَتَادَةَ. وقال أبو حنيفةَ: إنْ كانَتَا مُتَساوِيَتَيْن، أو التى مع الرأْسِ أقلَّ، حَلَّتا، وإِنْ كانت الأُخْرَى أقلَّ، لم يَحِلَّ، وحَلَّ الرَّأْسُ وما مَعَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَا أُبِينَ مِنْ حَىٍّ فهو مَيِّتٌ"(4). ولَنا، أَنَّه جُزْءٌ لا تَبْقَى الحياةُ مع فَقْدِه، فأُبِيحَ، كما لو تساوَت القِطْعَتان. الحالُ الثانِى، أَنْ يَبِينَ منه عُضْوٌ، وتَبْقَى فيه حياةٌ مُسْتَقِرة، فالبائِنُ مُحَرَّمٌ (5) بِكُلِّ حالٍ، سواءٌ بَقِىَ الحيوانُ حَيًّا، أو أدْرَكَه فذَكَّاه، أو رَماهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَقَتَلَه، إلَّا أنَّه إنْ ذكّاه حَلَّ بكُلِّ حالٍ دونَ ما أبانَ منه. وإِنْ ضَرَبَه فى غيرِ مَذبَحِه فقَتَلَه، نظَرْتَ؛ فإنَّ لم يكُنْ أَثْبَتَه بالضَّرْبَةِ الأُولَى، حَلَّ، دونَ ما أبانَ منه، وإِنْ كان أَثْبَتَه، لم يَحِلَّ شىءٌ منه؛ لأنَّ ذَكاةَ المقْدُورِ عليه فى الحَلْقِ واللَّبَّةِ. الحالُ الثالِثُ، أبانَ منه عُضْوًا، ولم تَبْقَ فيه حياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فهذه التى ذكرَ الْخِرَقِىُّ فيها رِوايَتَيْن؛ أشْهَرُهُما جمن أحمدَ، إباحَتُهُما. قال أحمدُ: إنَّما حَدِيثُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "ما قَطَعْتَ مِنَ الْحَىِّ مَيْتةٌ". إذا قُطِعَتْ وهى حَيَّةٌ، تَمْشِى وتَذْهَبُ. أمَّا إذا كانت البَيْنُونَةُ والموتُ جميعًا، أو بعدَه بقليلٍ، إذا كان فى عِلاجِ الموتِ، فلا بأْسَ به، ألَا تَرَى الذى يُذْبَحُ رُبَّما مَكَثَ ساعَةً، وربَّما مَشَى حتَّى يمُوتَ! وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ورُوِى ذلك عن عَلِىِّ، وعَطاءٍ، والحسنِ. وقال قَتادَةُ، وإبراهيمُ، وعِكْرِمَةُ: إنْ وَقَعَا معًا أَكَلَهُما، وإِنْ مَشَى بعدَ قَطْعِ العُضْوِ أَكَلَه، ولم يأْكُلِ العُضْوَ. والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، لا يُباحُ ما أبانَ (6) منه. وهذا مذْهَبُ أبى حَنِيفَةَ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَا أُبِينَ من حَىٍّ فهو
(1) فى ب، م:"يؤكل".
(2)
فى م: "بان".
(3)
فى م: "ويؤكل".
(4)
تقدم تخريجه، فى: 1/ 99.
(5)
فى ب: "يحرم".
(6)
فى أ، ب، م:"بان".