الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهذا قال مالكٌ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وابنُ المنذِر. وقال أبو حَنِيفَةَ: هو حَرامٌ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ؛ لما رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه نَهَى عن أَكْلِ لحمِ الضَّبِّ (2). ورُوِىَ نحوُه عن علىٍّ؛ ولأنَّه يَنْهَشُ، فأشْبَهَ ابنَ عِرْسٍ. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عبَّاسٍ قال: دَخَلْتُ أنا وخالِدُ بن الوليد مع رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بيتَ مَيْمُونَةَ، فأُتِىَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ (3)، فقيل: هو ضَبٌّ يا رسولَ اللَّه. فرفَعَ يدَه، فقلتُ: أحرامٌ هو يا رسولَ اللَّه؟ قال: "لَا، ولكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأرْض قَوْمِى، فَأجدُنِى أعَافَهُ". قال خالد: فاجْتَرَرْتُه فأَكَلْتُه، ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ. مُتَّفَقٌ عليه (4). قال ابنُ عبّاسٍ: تَرَكَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الضَّبَّ تَقَذُّرًا، وأُكِلَ على مائِدَتِه، ولو كان حرامًا ما أُكِلَ على مائِدَةِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (5). وقال عمرُ: إنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يُحَرِّمِ الضَّبَّ، ولكنَّه قَذِرَهُ، ولو كان عندِى لأكَلْتُه (6). ولأَنَّ الأَصْلَ الحِلُّ، ولم يُوجَدِ المُحَرِّمُ، فبَقِىَ على الإباحَةِ، ولم يثْبُتْ فيه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نَهْىٌ ولا تَحْرِيمٌ، ولأنَّ إباحَتَه (7) قولُ مَنْ سَمَّيْنا من الصَّحابَةِ، ولم يثْبُتْ عنهم خِلافُه، فيكونُ إجماعًا.
فصل:
فأمَّا الضَّبُعُ، فرُوِيَت الرُّخْصَةُ فيها عن سَعْدٍ، وابنِ عُمَرَ، وأبى هُرَيْرَةَ، وعُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، وعِكْرِمَةَ، وإسحاقَ. وقال عُرْوَةُ: ما زالتِ العربُ تأكلُ الضَّبُعَ،
(2) أخرجه أبو داود، فى: باب فى أكل الضب، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 318.
(3)
محنوذ: مشوى.
(4)
أخرجه البخارى، فى: باب الشواء، من كتاب الأطعمة. صحيح البخارى 7/ 93. ومسلم، فى: باب إباحة الضب، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم 3/ 1543.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى أكل الضب، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 317، 318. والنسائى، فى: باب الضب، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى 7/ 174. وابن ما جه، فى: باب الضب، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه 2/ 1079، 1080. والدارمى، فى: باب فى أكل الضب، من كتاب الصيد. سنن الدارمى 2/ 93. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى أكل الضب، من كتاب الاستئذان. الموطأ 2/ 968. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 89.
(5)
أخرجه البخارى، فى: باب قبول الهدية، من كتاب الهبة. صحيح البخارى 3/ 203. ومسلم، فى: الباب السابق. صحيح مسلم 3/ 1545. وأبو دار، فى: الباب السابق. والنسائى، فى: الباب السابق. المجتبى 7/ 175. والإمام أحمد، فى: المسند 1/ 255، 322، 340، 347.
(6)
أخرجه مسلم، فى: الباب السابق. صحيح مسلم 3/ 1545، 1546.
(7)
فى ب، م:"الإباحة".
ولا تَرَى بأكْلِها بأسًا. وقال أبو حنيفةَ، والثَّورِىُّ، ومالكٌ: هى (8) حرامٌ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ؛ لأنَّها من السِّباعِ، وقد نَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عن أكلِ (9) كُلِّ ذِى نابٍ من السِّباعِ (10). وهى من السِّباعِ، فتدْخُلُ فى عُمومِ النَّهْى. ورُوِى عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه سُئِلَ عن الضَّبُعِ، فقال:" ومَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ! "(11). ولَنا، ما رَوَى جابرٌ، قال: أَمَرَنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بأَكْلِ الضَّبُعِ. قلتُ: صَيْدٌ هى؟ قال: نَعَم. احْتَجَّ به أحمدُ. وفى لفظٍ قال: سألْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الضَّبُعِ. فقال: "هُوَ صَيْدٌ، ويُجْعَلُ فيه كبْشٌ (12) إذا صادَه المُحْرِمُ". روَاه أبو داودَ (13). قال ابنُ عبدِ البَر: هذا لا يُعارِضُ حديثَ النَّهْى عن كلِّ ذِى نابٍ من السباعِ؛ لأنَّه أقوَى منه. قُلْنا: هذا تَخْصيصٌ لا مُعارَضَةٌ (14)، ولا يُعْتَبَرُ فى التَّخْصيصِ كونُ المُخَصِّصِ فى رُتْبَةِ المُخَصَّصِ (15)، بدليلِ تَخْصِيص عُمومِ الكتابِ بأخْبارِ الآحادِ. فأمَّا الخبرُ الذى فيه:"وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ! " فحديثٌ طَويلٌ، يَرْوِيهِ عبدُ الكريم بن أبى الْمُخارِقِ، يَنْفَردُ به، وهو مَتْرُوكُ الحديثِ. ولأنَّ الضَّبُعَ قد قيل: إنَّها ليس لها نابٌ. وسَمِعْتُ مَنْ يذكُرُ أَنَّ جميعَ أسْنانِها عَظْم واحدٌ كصَفِيحَةِ (16) نعلِ الفرَس. فعلى هذا لا تَدْخُلُ فى عُمومِ النَّهْى. واللَّهُ أعلمُ.
1744 -
مسألة؛ قال: (وَلَا يُؤْكَلُ التِّرْيَاقُ؛ لأَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ مِنْ (1) لُحُومِ الْحَيَّاتِ)
التِّرْيَاقُ: دواءٌ يُتَعالَجُ به من السَّمِّ، ويُجْعَلُ فيه من لُحومِ الحَيَّاتِ، فلا يُباحُ أَكْلُه
(8) فى ب، م:"هو".
(9)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(10)
تقدم تخريجه، فى صفحة 320.
وفى ب: "الضباع" مكان: "السباع".
(11)
أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الضبع، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى 7/ 293. وابن ماجه، فى: باب الضبع، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه 2/ 1078.
(12)
فى الأصل، أ، ب:"كبشا". والمثبت فى: م. والسنن.
(13)
تقدم تخريجه، فى: 5/ 397.
(14)
فى م: "معارض".
(15)
فى ب، م:"مخصص".
(16)
فى م: "كصفحة".
(1)
سقط من: م.