الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِتَركِ الأَكْلِ، فلم يَقْدَحْ فى تَعْليمِها، بخلافِ الكلبِ والفهْدِ. وأمَّا الخبرُ، فلا يَصِحُّ، يَرْوِيه مُجالِدٌ، وهو ضعيف. قال أحمد: مُجالِدٌ يُصَيِّرُ القِصَّةَ واحدةً، كم من أُعْجوبَةٍ لمُجالِدٍ. والرِّواياتُ الصَّحِيحةُ تُخالِفُه، ولا يصِحُّ قياسُ الطَّيْرِ على السِّباعِ؛ لما بَيْنَهُما من الفَرْقِ. إذا ثَبَتَ هذا، فكُلُّ جارِحٍ من الطَّيرِ أَمْكَنَ تَعْلِيمُه، والاصطيادُ به، من الْبازِىِّ والصَّقْرِ والشَّاهِين والعُقابِ، حَلَّ صَيْدُهَا على ما ذكرْناه.
1704 - مسألة؛ قال: (ولَا يُؤْكَلُ مَا صِيدَ بِالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ، إذَا كَانَ بَهِيمًا؛ لأنَّهُ شَيْطَانٌ)
البَهِيمُ: الذى لا يُخالطُ لونَه لونٌ سِواهُ (1). قال أحمدُ: الذى ليس فيه بَياضٌ. قال ثعلبٌ، وإبراهيمُ الْحَرْبِىُّ: كُلُّ لَوْنٍ لم يُخالِطْه لَوْنٌ (2) آخرُ فهو (3) بهيمٌ. قيلَ لهما: من كُلِّ لَوْنٍ؟ قالا: نَعَمْ. وممَّن كرِهَ صَيْدَه الحَسَنُ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَةُ، وإسحاقُ. قال أحمد: ما أعْرِفُ أحدًا يُرَخِّصُ فيه. يَعْنِى من السَّلَفِ. وأباحَ صَيْدَه أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ؛ لعُمومِ الآيَةِ والخَبَرِ، والقياسِ على غيرِه من الكلابِ. ولَنا، أنَّه كَلْبٌ يحْرُمُ اقْتِناؤُه، ويجبُ قَتْلُه، فلم يُبَحْ صَيْدُه، كغيرِ المُعَلَّمِ، ودليلُ تَحْريِم اقْتِنائِه قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"فاقْتُلُوا مِنْها كُلَّ أسْوَدَ بَهِيمٍ". روَاه سعير، وغيرُه (4). ورَوَى مسلمٌ، فى "صَحِيحِه"(5)، بإسْنادِه عن عبدِ اللَّه بن المُغَفَّلِ، قال: أَمرَنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بقَتْلِ
(1) فى م: "سواده".
(2)
فى م: "لونه".
(3)
سقط من: م.
(4)
ليس فيما نشر من سنن سعيد، وانظر: تخرج الحديث التالى.
(5)
فى: باب الأمر بقتل الكلاب، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1200.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى اتخاذ الكلب للصيد وغيره، من كتاب الصيد. سنن أبى داود 2/ 97. والترمذى، فى: باب ما جاء فى قتل الكلاب، وباب ما جاء من أمسك كلبا ما ينقص من أجره، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذى 6/ 283، 285. والنسائى، فى: باب صفة الكلاب التى أمر بقتلها، من كتاب الصيد. المجتبى 7/ 163. وابن ماجه، فى: باب النهى عن اقتناء الكلب إلا. . .، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه 2/ 1069. والدارمى، فى: باب فى قتل الكلاب، من كتاب الصيد. سنن الدارمى 2/ 90. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 333، 4/ 85، 5/ 54، 57. وانظر ما تقدم فى: 6/ 356.
الكلاب، ثُمَّ نَهَى عن قَتْلِها، فقال:"عَلَيْكُم بالأَسْودِ الْبهِيمِ، ذِى النُّكْتَتَيْن (6)، فَإنَّه شَيْطَانٌ". فأَمَرَ بقَتْلِه، وما وَجَبَ قَتْلُه حَرُمَ اقتناؤُه وتَعليمُه، فلم يُبَحْ صَيْدُه لغيرِ المُعَلَّم، ولأنَّ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاه شيطانًا، ولا يجوزُ اقتناءُ الشيطانِ، وإباحَةُ الصَّيْد المَقْتُولِ رُخْصَةٌ، فلا تُسْتَباحُ بمُحَرَّمٍ (7) كسائِرِ الرُّخَصِ، والعُموماتُ مَخْصوصةٌ بما ذكرْناه، وإن كان فيه نُكْتَتانِ فوقَ عَيْنَيْه، لم يَخْرُجْ بذلك عن كونِه بَهِيمًا (8)؛ لما ذكرْناه من الخبرِ.
1705 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَدْرَك (1) الصَّيْدَ وفِيهِ رُوحٌ، فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ، لَم يُؤْكَلْ)
يعنى، واللَّهُ أعلمُ، ما كان فيه حياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فأمّا ما كانت حياتُه كحياةِ المَذْبُوحِ، فهذا يُباحُ من غيرِ ذَبْحٍ، فى قَوْلِهم جميعًا، فإنَّ الذَّكاةَ فى مِثْل هذا لا تُفِيدُ شيئًا. وكذلك لو ذبَحَهُ مَجُوسِىٌّ، ثم أعادَ ذَبْحَه مُسْلِمٌ. لم يَحِلّ، فأمَّا إنْ أَدْرَكَه وفيه حَياةٌ مُسْتقِرَّةٌ، فلم يذبَحْهُ حتى ماتَ، نَظَرْتَ؛ فإنْ لم يتَّسِع الزَّمانُ لذَكاته حتى ماتَ، [فإنَّه يَحِلُّ] (2) أيضًا. قال قَتادَةُ: يأكُلُه ما لم يتَوانَ فى ذَكاتِه، أو يتْرُكْه عَمْدًا وهو قادِرٌ على أَنْ يُذَكِّيَهُ. ونحوُه قولُ مالِك، والشافِعِىِّ. ورُوِىَ ذلك (3) عن الحَسَن، والنَّخَعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يحِلُّ؛ لأنَّه أدْرَكَه حَيًّا حياةً مُسْتَقِرَّةً، فتَعَلَّقَتْ إباحَتُه بتَذْكِيَتِه، كما لو اتَّسَعَ الزمانُ. ولَنا، أنَّه لم يقْدِرْ على ذَكاتِه يوَجْهٍ يُنسَبُ فيه إلى التَّفْريطِ، ولم يَتَّسِعْ لها الزمانُ، فكان عَقْرُه ذَكاتَه، كالذى قَتَله (4). ويفارِقُ ما قاسُوا عليه؛ لأنَّه أمْكَنَه ذَكاتُه، وفرط بتَرْكِها. ولو أدْرَكَه وفيه حياةٌ مُسْتقِرَّة يَعِيش بها زَمَنا (3) طويلًا، وأمْكَنَتْه ذَكاتُه، فلم يُذَكِّه (5) حتى ماتَ، لم يُبَحْ، سَواءٌ كان به جُرْحٌ لا (3) يعيشُ معه أولا. وبه قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو
(6) فى صحيح مسلم: "ذى النقطتين".
(7)
فى أ: "بالمحرم".
(8)
فى م: "نهيا".
(1)
فى م: "أراد".
(2)
فى ب، م:"حل".
(3)
سقط من: م.
(4)
فى الأصل: "قبله".
(5)
فى الأصل، م:"يدركه".