الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو مِشْعَلٍ. وإِنْ عَرَضَ عارضٌ يَمْنَعُ الرَّمْىَ، كما ذَكَرْناه، أو كُسِرَ قَوْسٌ، أو قُطِعَ وَتَرٌ، أو انْكَسَرَ السَّهْمُ (40)، جازَ إبْدَالُه. فإنْ لم يُمْكِنْ، أُخِّرَ الرَّمْىُ (41) حتى يزُولَ العارِضُ.
فصل:
فإنْ أرادَ أحَدُهما التَّطْوِيلَ، والتَّشاغُلَ عن الرَّمْىِ بما لا حاجَةَ إليه، من مَسْحِ القَوْسى والوَتَرِ، ونحوِ ذلك، إرادَةَ التَّطْوِيلِ على صاحِبِه، لعلَّه يَنْسَى القَصْدَ الذى أصابَ به، أو يفْتُرُ، مُنِعَ من ذلك، وطُولِبَ بالرَّمْى، ولا يُدْهَشُ بالاسْتِعْجالِ بالكُليَّةِ، بحيث يُمْنَعُ مِن تَحَرِّى الإصابة. ويُمْنَعُ كُلُّ واحِدٍ منهما من الكلامِ الذى يَغِيظُ به صاحِبَه، مثل أَنْ يَرْتَجِزَ، ويَفْتَخِرَ، ويَتَبَجَّجَ بالإصابَةِ، ويُعَنِّفَ صاحِبَه على الخطأ، أو يُظهِرَ (42) أنَّه يُعَلِّمُه. وهكذا الحاضِرُ معهما، مثلُ الأميرِ والشاهِدَيْن وغيرِهِم، يُكْرَه لهم مَدْحُ المُصِيبِ، وزَهْزَهَتُه، وتَعْنِيفُ المُخطِئ وزَجْرُه؛ لأنَّ فيه كسْرَ قَلْبِ أحدِهما وغَيْظَه.
فصل: وإذا تَشاحَّا فى موضعِ الوُقوفِ، فإنْ كان ما طَلَبَهُ أحدُهما أَوْلَى، مثلَ أن يكونَ فى أحدِ المَوْقِفَيْن يسْتَقْبِلُ الشمسَ، أو رِيحًا يُؤذِيه اسْتِقْبالُها، ونحو ذلك، والآخَرُ يَستدبِرُها، قُدِّمَ قولُ مَنْ طلَبَ اسْتِدْبارَها؛ لأنَّه العُرْفُ، إلا أَنْ يكونَ فى شَرْطِهِما استقبالُ ذلك، فالشرطُ أمْلَكُ، كما قُلْنا فى الرَّمْى ليالًا. وإِنْ كان المَوْقِفان سواءً، كان ذلك إلى الذى به (43) البداءَة، فيَتْبَعُهُ الآخرُ، فإذا كان فى الوَجْهِ الثانِى، وقفَ الثانى (44) حيث شاءَ، ويتْبَعُهُ الأولُ.
فصل: ويجوزُ عقدُ النِّضالِ على جماعَةٍ؛ لأنَّه يُرْوَى أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ على أصحابٍ له يَنْتَضِلُونَ، فقال:"ارْمُوا، وأنَا مَعَ ابنِ الأَدْرَعِ". [فأَمْسَكَ الآخَرون، وقالوا: كيفَ نَرْمِى وأنتَ مع ابنِ الأدرعِ؟ ](45) قال: "ارْمُوا، وأَنا مَعَكُم كُلكُمْ". روَاه
(40) فى م: "سهم".
(41)
سقط من: ب.
(42)
فى م زيادة: "له".
(43)
فى م: "له".
(44)
سقط من: م.
(45)
سقط من: ب. نقل نظر.
البُخارِىُّ (46). ولأنَّه إذا جازَ أَنْ يكونا اثْنَيْن، جازَ أَنْ يكونُوا (47) جَماعَتَيْن؛ لأنَّ المقصودَ مَعْرِفَةُ الحِذْقِ، وهذا يحْصُلُ فى الجَماعَتَيْن، فجازَ، كما فى سِبَاقِ الخيلِ. وقد ثَبَتَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سَبَّقَ بين الخيلِ المُضْمَرةِ، وسَبَّقَ بين الخيلِ التى لم تُضْمَرْ (48). وعلى هذا يكونُ كلُّ حِزْبٍ بمنزلةِ واحدٍ. فإنْ عقدَ النضالَ جماعةٌ ليتفاضَلُوا (49) حِزْبَين. فذَكَرَ القاضِى، أنَّه يجوزُ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يجوزَ؛ لأنَّ التَّعْيِينَ شَرْطٌ، وقبلَ التَّفاضُلِ لم يَتَعَيَّن مَنْ فى كُلِّ واحدٍ من الحِزْبَيْن. فعلى هذا، إذا (50) تَفَاضَلُوا، عَقَدُوا النِّضالَ بعدَه. وعلى قولِ القاضِى، يجوزُ العَقْدُ قبل التَّفاضُلِ. ولا يجوزُ أَنْ يَقْتَسِمُوا بالقُرْعَةِ؛ لأنَّها ربما وَقَعَت على الحُذَّاقِ (51) فى أحدِ الحِزْبَيْنِ، والكَوادنِ (52) فى الآخَرِ، فيَبْطُلُ مَقْصودُ النِّضالِ، بل يكونُ لكلِّ حزْب رئيسٌ، يخْتارُ (53) أحدُهما واحدًا، ثم يخْتارُ الآخَرُ واحدًا كذلك، حتى يَتَفاضَلُوا جميعًا، ولا يجوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْخيارُ إلى أحدِهما فى الجميعِ، ولا أَنْ يخْتارَ جميعَ حِزْبِه أولًا؛ لأنَّه يخْتارُ الحُذَّاقَ كُلَّهم فى حِزْبِه. ولا يجوزُ أَنْ يجعلَ رئيسَ الحِزْبَيْنِ واحِدًا؛ لأنَّه يَمِيلُ إلى حِزْبه، فتلحَقُه التُّهْمَةُ. ولا يجوزُ أَنْ يخْتارَ كل واحد من الرَّئِيسَيْن أكثرَ من واحدٍ واحِدٍ (54)؛ لأنَّه أبْعَدُ من التَّساوِى. وإذا اخْتَلَفَا فى الْمُبْتدِئ
(46) فى: باب التحريض على الرمى، من كتاب الجهاد، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} ، من كتاب الأنبياء، وفى: باب نسبة اليمن إلى إسماعل. . .، من كتاب المناقب. صحيح البخارى 4/ 45، 46، 179، 219.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب لا سبق إلا فى خف أو حافر. . .، من كتاب السبق والرمى. السنن الكبرى 10/ 17.
(47)
فى الأصل: "يكونا".
(48)
تقدم تخريجه، فى صفحة 404.
(49)
فى ب، م:"ليتناضلوا".
(50)
سقط من: ب.
(51)
فى م: "الحذق".
(52)
فى م: "وعلى الكوادن".
(53)
فى أ، ب، م:"فيختار".
(54)
سقط من: أ، م.