الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطهارَةِ. وإِنْ سَمَّى على شاةٍ، ثمَّ أخَذَ أُخْرَى فَذَبَحها بتلك التَّسْمِية، لم يَجُزْ، سواءٌ أَرْسَلَ الأُولَى أو ذَبَحَها، لأنَّه لم يقْصِد الثانِيَةَ بهذه التَّسْمِيَةِ. وإِنْ رأى قَطِيعًا منِ الغَنَمِ، فقال: بسمِ اللَّه. ثمَّ أخَذَ شاةً فَذَبَحها بغيرِ تَسْمِيَةٍ، لم يَحِلَّ. وإِنْ جَهِلَ كَوْن ذلك لا يُجْزئُ، لم يَجْرِ مَجْرَى النِّسْيانِ؛ لأنَّ النِّسْيانَ يُسْقِطُ المُؤاخَذَةَ، والجاهِلُ مُؤاخَذٌ، ولذلك يُفْطِرُ الجاهِلُ بالأَكْلِ فى الصَّوْمِ دونَ النَّاسِى. وإِنْ أَضْجَعَ شاةً لِيَذْبَحَها، وسَمَّى (9)، ثمَّ أَلْقَى السِّكِّينَ، وأخَذَ أُخْرَى، أو رَدَّ سلامًا، أو كَلَّمَ إنْسانًا، أو اسْتَسْقَى ماءً، ونحو ذلك، وذَبَحَ (10)، حَلَّ؛ لأنَّه سَمَّى على تِلْك الشَّاةِ بعَيْنِها، ولم ي
فْصِلْ
بينهما إلَّا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ، فأشْبَهَ ما لو لم يَتَكَلَّمْ.
فصل: وإِنْ سَمَّى الصائِدُ على صَيْدٍ، فأصابَ غيرَه، حَلَّ. وإن سَمَّى على سَهْمٍ ثمَّ أَلْقاهُ، وأَخَذَ غَيْرَه فرَمَى به، لم يُبَحْ ما صادَ (11) به؛ لأنَّه لمَّا لم يُمْكِنِ اعْتبارُ التَّسْمِيةِ على صَيْدٍ بعَيْنِه، اعْتُبِرتْ على الآلةِ التى يَصِيدُ بها، بخلافِ الذَّبِيحَةِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُباحَ، قياسًا على ما لو سَمَّى على سِكِّينٍ، ثمَّ ألْقاها وأخَذَ غيرَها. وسقُوطُ اعْتِبارِ تَعْيِينِ الصَّيْدِ لمَشَقَّتِه، لا يَقْتَضِى اعتبارَ تَعْيِينِ الآلةِ، فلا يُعْتَبَرُ.
1720 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا نَدَّ بَعِيرُه (1)، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَرَماهُ بِسَهْمٍ أو نَحْوِهِ، مِمَّا يَسِيلُ بِهِ دَمُهُ، فَقَتَلَهُ، أُكِلَ)
[وكذلك إِنْ](2) تَرَدَّى فى بِئْرٍ، فلم يَقْدِرْ على تَذْكِيَتِه، فجرَحَه فى أىِّ مَوْضِعٍ قَدَرَ عليه، فقَتَلَه، أُكِلَ، إلَّا أَنْ تكونَ رأسُه فى الماءِ، فلا يُؤْكَلُ؛ لأنَّ الماءَ يُعِينُ على قَتْلِه. هذا قولُ أَكْثَرِ الفُقهاءِ. رُوِىَ ذلك عن عَلِىٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ عبَّاس، وعائِشَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال مسروقٌ، والأَسْوَدُ، والحسنُ، وعطاءٌ، وطاوسٌ،
(9) فى ب: "ثم سمى".
(10)
سقط من: الأصل.
(11)
فى م: "صاده".
(1)
فى أ، م:"بعير".
(2)
فى ب: "إذا".
وإِسْحاقُ، والشَّعْبِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفَةَ، والشافِعِىُّ (3)، وأبو ثَوْرٍ. وقال مالِكٌ: لا يجوزُ أَكْلُه إلَّا أَنْ يُذَكَّى. وهو قولُ ربِيعَةَ، واللَّيْثِ. قال أحمدُ: لَعَلَّ مالِكًا لم يسمَعْ حديثَ رافِعِ بنِ خَدِيج. واحْتُجَّ لمالِكٍ بأنَّ الحيوانَ الإِنْسِىَّ إذا تَوَحَّشَ لم يثبتْ له حكمُ الوحْشِىّ، بدليلِ أنَّه لا يَجِبُ على المُحْرِمِ الْجَزاءُ بقَتْلِه (4)، ولا يصِيرُ الحمارُ الأَهْلِىُّ مباحًا إذا تَوَحَّشَ. ولَنا، ما رَوَى رافِع بنُ خَدِيجٍ، قال: كُنّا مع النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَدَّ بَعِيرٌ، وكانَ فى القومِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوه فأَعْياهُم، فأَهْوَى إليه رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فحَبَسَه اللَّهُ، فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِهذِهِ الْبَهائِمِ أَوَابدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُم مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هكَذَا". وفى لَفْظٍ: "فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ، فَاصْنَعُوا بِهِ هكَذَا". مُتَّفَقٌ عليه (5). وحَرِبَ (6) ثَوْرٌ فى بعضِ دُورِ الأَنْصارِ، فضَرَبَه رَجُلٌ بالسَّيْفِ، وذكرَ اسمَ اللَّهِ عليه، فَسُئِلَ عنه عَلِىٌّ فقال: ذكاةٌ وَحِيَّةٌ (7). فأمَرَهم بأَكْلِه. وَتَرَدَّى بعيرٌ فى بئرٍ، فذُكِّىَ من قِبَلِ شاكِلَتِه، فبِيعَ بعِشْرِين دِرْهَمًا، فأخَذَ ابنُ عمرَ عُشْرَهُ بدِرْهَمَيْنِ. ولأَنَّ الاعْتِبارَ فى الذّكَاةِ بحالِ الحيوانِ وَقْتَ ذَبْحِه، لا بأَصْلِه، بدليلِ الوَحْشِىِّ إذا قُدِرَ عليه، وجَبَت
(3) فى م: "وإسحاق" تكرار.
(4)
فى الأصل: "فى قتله".
(5)
أخرجه البخارى، فى: باب قسمة الغنم، وباب من عدل عشرا من الغنم. . .، من كتاب الشركة، وفى: باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم فى المغانم، من كتاب الجهاد، وفى. باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدا، وباب ما أنهر الدم من القصب، وباب ما ندَّ من البهائم من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى 3/ 181، 186، 4/ 91، 7/ 118، 119، 121. ومسلم، فى: باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم. . .، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 3/ 1558.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الذبيحة بالمروة، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 91، 92. والترمذى، فى: باب ما جاء فى البعير والبقر والغنم إذا ندَّ. . .، من أبواب الصيد. عارصة الأحوذى 6/ 287. والنسائى، فى: باب الإنسية تستوحش، من كتاب الصيد، وفى: باب ذكر المنفلتة التى لا يقدر على أخذها، من كتاب الضحايا. المجتبى 7/ 169، 201. وابن ماجه، فى: باب ذكاة النادّ من البهائم، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1062. والدارمى، فى: باب فى البهيمة إذا ندَّت، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى 2/ 84. والإِمام أحمد، فى: المسند 3/ 463، 464.
(6)
حرب: اشتد غضبه.
(7)
أى: سريعة.