الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافِعِىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ: يُجْزِئُ؛ لأنَّه آدَمِىٌ مَمْلوكٌ، فصَحَّ إعْتاقُه عن الرَقَبَةِ، كالمَوْلودِ. ولَنا، أنَّه لم تَثْبُتْ له أحكامُ الدُّنْيا بعدُ؛ فإنّه لا يَمْلِكُ إِلَّا (18) بالإِرْثِ والوَصِيَّةِ، ولا يُشْترَط لهما كَوْنُه آدَمِيًا، لكونِه ثَبَتَ له ذلك وهو نُطْفَةٌ أو عَلَقَةٌ، وليس بآدَمِىٍّ فى تلك الحالِ. الثالِثُ، أَنْ لا يكونَ بها نَقْصٌ يَضُرُّ بالعَمَلِ. وقد شَرَحْنا ذلِك فى الظِّهارِ (19). ويُجْزِئُ الصَّبِىُّ وإِنْ كان عاجِزًا عن العملِ؛ لأَنَّ ذلك ماضٍ إلى زَوالٍ، وصاحِبُه صائِرٌ (20) إلى الكمالِ. ولا يُجْزِئُ المجنونُ؛ لأنَّ نَقْصَه لا غايَةَ لزوالِه مَعْلُومَةً، فأشْبَهَ الزَّمِنَ.
فصل:
فإنْ أعْتَقَ غائبًا تُعْلَمُ حَياتُه، وتَجِئُ أخْبارُه، صَحَّ، وأجزَأ (21) عن الكفّارَةِ، كالحاضِرِ. وإِنْ شُكَّ فى حَياتِه، وانْقَطَعَ خَبَرُه، لم يُحْكَمْ بالإِجْزاءِ فيه؛ لأنَّ الأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِه، ولا تَبْرأُ بالشَّكِّ، وهذا العَبْدُ مَشْكوكٌ [فى وُجودِه، فيُشَكُّ](22) فى إعتاقِه. فإنْ قيل: الأَصْلُ حَياتُه. قُلْنا: إِلَّا أنَّه قد عُلِمَ أَنَّ الموتَ لابُدَّ منه، وقد وُجِدَت دِلالَةٌ عليه، وهو انْقطاعُ أخْبارِه، فإنْ تَبَيَّنَ بعدَ هذا كَوْنُه حَيًّا، تَبَيَّنَّا صِحَّةَ عِتْقِه، وبَراءَةَ الذِّمَّةِ من الكَفَّارَةِ، وإلَّا فلا.
فصل: وإِنْ أَعْتَقَ غيرُه عنه بغيرِ أمْرِه (23)، لم يَقَعْ عن المُعْتَقِ عنه، إذا كان حَيًّا، ووَلاؤُه للمُعْتِقِ، ولا يُجْزِئُ عن كفَّارَتِه، وإِنْ نَوَى ذلك. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وحُكِىَ عن مالِكٍ، أنَّه إذا أعْتَقَ عن واجبٍ على غيرِه بغيرِ أمرِه، صَحَّ؛ لأنَّه قَضَى عنه واجِبًا فصَحَّ، كما لو قَضَى عنه دَيْنًا. ولَنا، أنَّه عِبادَةٌ من (24) شرْطِها النِّيَّةُ، فلم يصِحَّ أداؤُها عَمَّنْ وَجَبَت عليه بغيرِ أمْرِه، مع كَوْنِه من أهلِ الأمْرِ، كالحجِّ، ولأنَّه أحَدُ
(18) سقط من: م.
(19)
تقدم فى: 11/ 80 وما بعدها.
(20)
فى م: "سائر".
(21)
فى م: "وأجزأه".
(22)
فى م: "فيه بوجوده فشك".
(23)
فى ب: "إذنه".
(24)
فى ب: "فى".
خِصالِ الكَفَّارَةِ، فلم يصِحَّ عن المُكفِّرِ بغيرِ أمْرِه، كالصِّيامِ. وهكذا الخلافُ فيما إذا كفَّرَ عنه بإطْعامٍ أو كِسْوةٍ. ولا يجوزُ أَنْ يَنُوبَ عنه فى الصِّيامِ بإذْنِه، ولا بغيرِ إذْنِه؛ لأنَّه عبادَةُ بَدَنِيَّة، فلا تَدْخُلُها النِّيابَةُ. فأمَّا إِنْ أعتقَ عنه بأَمْرِه، نَظَرْتَ؛ فإنْ جعلَ له عِوَضًا، صَحَّ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، وله ولاؤُه، وأجْزأَ عن كَفَّارَتِه، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ، وغيرُهم؛ لأنَّه حَصَلَ العتقُ عنه بمالِه، فأشْبَهَ ما لو اشْتَراه وكَّلَ البائِعَ فى إعْتاقِه عنه، وإِنْ لم يشترطْ عِوَضًا، ففيه رِوايَتَان؛ إحداهُما، يقَعُ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، ويُجْزِئُ فى كَفَّارَتِه (25). وهو قولُ مالِكٍ، والشافِعِىِّ؛ لأنَّه أعْتقَ عنه (26) بأمْرِه، فصَحَّ، كما لو شرطَ عِوَضًا. والأُخْرَى، لا يُجْزِئُ، ووَلاؤُه للمُعْتِقِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ العِتْقَ بِعِوَضٍ كالبَيْعِ (27)، وبغيرِ عِوَضٍ كالهِبَةِ، ومن شَرْط الهِبَةِ القَبْضُ، ولم يحْصُلْ، فلم يَقَعْ عن المَوْهُوبِ له، وفارَقَ البيعَ، فإنَّه لا يُشْترَطُ فيه القَبْضُ. فإنْ كان المُعْتَقُ عنه مَيِّتًا، نَظَرْتَ؛ فإنْ وَصَّى (28) بالعِتْقِ، صَحَّ؛ لأنَّه بأَمْرِه، وإِنْ لم يُوَصِّ بِه، فأعْتَقَ عنه أجْنَبِىٌّ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه ليس بنائِبٍ عنه، وإِنْ أعْتَقَ عنه وأرِثُه، فإنْ لم يكُنْ عليه واجِبٌ، لم يَصِحَّ العِتْقُ عنه، ووَقَعَ (27) عن (29) المُعْتِقِ، وإِنْ كانَ عليه عِتْقٌ واجِبٌ، صَحَّ العِتْقُ عنه؛ لأنَّه نائِبٌ عنه (30) فى مالِه وأداءِ واجِباتِه. فإنْ كانت عليه كَفَّارَةُ يَمينٍ، فكَسَا عنه أو أَطعَمَ عنه (31)، جازَ، وإِنْ أعْتَقَ عنه، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَيِّنٍ، فجرَى مَجْرَى التَّطَوُّعِ. والثانِى، يُجْزِئُ، لأنَّ العِتْقَ يقَعُ واجِبًا، لأنَّ الوُجُوبَ [يتَعَيَّنُ فيه](32) بالفِعْلِ، فأشْبَهَ المُعَيَّنَ من العِتْقِ،
(25) فى ب: "الكفارة".
(26)
سقط من: م.
(27)
لم يرد فى: الأصل.
(28)
فى م: "أوصى".
(29)
فى ب: "على".
(30)
فى ب، م:"له".
(31)
سقط من: ب.
(32)
فى ب: "معين عليه".