الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الزُّهْرِىُّ: هو لِمَنْ غَنِمَه، وفيه الخُمْسُ. وقال أبو الخَطَّاب: مَن ضَلَّ الطريقَ منهم، أو حَمَلَتْه الرِّيحُ إلينا، فهو لِمَنْ أخَذَه. فى إحْدَى الرِّوايتَيْنِ، لأنَّه مُباحٌ (22) أخَذَه أحَدُ المسلمين بغيرِ قُوَّةِ مُسْلِمٍ، فكان له، كالحَطَبِ (23). والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، يكون فَيْئًا.
فصل:
ومَنْ وَجَدَ فى دارِهم لُقَطَةً، فإنْ كانتْ من مَتاعِ المسلمين، فهى لُقَطةٌ يُعَرِّفُها سَنةً ثم يَمْلِكُها، وإنْ كانَتْ من مَتاعِ المشرِكِين، فهى غَنِيمةٌ، وإن احْتَمَلَتِ (24) الأَمْرَين، عَرَّفَها حَوْلًا، ثم جَعَلَها فى الغَنيمةِ، نَصَّ عليه أحمدُ. ويُعَرِّفُها فى بلدِ المسلمين، لأنَّها تَحْتَمِلُ الأَمْرَيْنِ، فغُلِّبَ فيها حُكْمُ مالِ المسلمين فى التَّعْرِيفِ، وحُكْمُ مالِ أهْلِ الحَرْبِ فى كَوْنِها غَنِيمةً احْتِياطًا.
1662 - مسألة؛ قال: (ومَنْ تعَلَّفَ فَضْلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، رَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمينَ، فَإنْ بَاعَهُ، رَدَّ ثَمَنَهُ فِى الْمَقْسِمِ
(1))
أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ، إلَّا مَنْ شذَّ منهم، على أنَّ للغُزاةِ إذا دَخَلُوا أرضَ الحَرْبِ، أنْ يأْكُلُوا ما (2) وجَدُوا من الطعامِ، ويَعْلِفُوا دَوابَّهم من أعْلافِهم؛ منهم سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، والقاسِمُ، وسالمٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، ومالكٌ، والشافعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الزُّهْرِىُّ: لا يُؤْخَذُ إلَّا بإذْنِ الإِمامِ. وقال سليمانُ بن موسى: لا يُتْرَكُ إلَّا أنْ يَنْهَى عنه الإِمامُ، فيُتَّقَى نَهْيُه. ولَنا، ما روَى عبدُ اللَّه بن أبى أَوْفَى، قال: أصَبْنَا طعامًا يومَ خَيْبَرَ، فكانَ الرجلُ [يَجِىءُ فيأْخُذُ](3) منه مِقْدارَ ما يكْفِيهِ، ثم ينْصرِفُ. رواه سعيدٌ، وأبو داوُدَ (4). ورُوِىَ أنَّ صاحِبَ جيشِ الشامِ، كتَبَ إلى عمرَ:
(22) فى الأصل، م:"متاع".
(23)
فى ب: "كالحاطب".
(24)
فى ب، م:"احتمل".
(1)
فى أ: "القسمة".
(2)
فى م: "مما".
(3)
في م: "يأخذ".
(4)
أخرجه سعيد بن منصور، فى: باب ما جاء في إباحة الطعام بأرض العدو، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 272. وأبو داود، فى: باب فى النهى عن النهى إذا كان الطعام قلة فى أرض العدو، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 60.
إنَّا أصَبْنا أرضًا كثيرةَ الطَّعامِ والعَلَفِ، وكرِهْتُ أنْ أتقدَّمَ فى شىءٍ من ذلك. فكتَبَ إليه: دَعِ الناسَ يعْلِفُون ويأكُلُون، فمَنْ باعَ منهم شيئًا بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، ففيه خُمْسُ اللهِ وسِهامُ المسلمين. رواه سعيدٌ (5). وقد رَوَى عبدُ اللَّه بن مُغَفَّلٍ، قال: دُلِّىَ جِرابٌ من شَحْمٍ يومَ خَيْبَرَ، فالْتَزَمْتُه، وقلتُ: واللهِ لا أُعْطِى أحدًا منه شيئًا. فالْتَفَتُّ، فإذا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فاسْتَحْيَيْتُ منه. مُتَّفَقٌ عليه (6). ولأنَّ الحاجةَ تدْعُو إلى هذا، وفى المنْعِ منه مَضَرَّةٌ بالجيشِ وبدَوابِّهِم، فإنَّه يعْسُرُ عليهم نَقْلُ الطّعامِ والعَلَفِ من دارِ الإِسلامِ، ولا يَجِدُون بدارِ الحَرْب ما يَشْتَرُونَه، ولو وجَدُوه لم يجِدُوا ثمنَه، ولا يُمْكِنُ قِسْمةُ ما يأخُذُه الواحِدُ منهم، ولو قُسِمَ لم يحْصُلْ للواحِدِ منهم شىءٌ ينْتَفِعُ به، ولا يَدْفَعُ به حاجَتَهُ، فأباحَ اللَّه تعالَى لهم ذلك، فمَنْ أخذَ من الطَّعامِ شيئًا ممَّا يُقْتاتُ أو يصلُحُ به القُوتُ، من الأُدْمِ أو غيرِه (7)، أو العَلَفِ لدابَّتِه، فهو أحَقُّ به، سواءٌ كان له ما يَسْتَغْنِى به عنه، أو لم يكُنْ له، ويكونُ أحَقَّ بما يأخُذُه من غيرِه، فإنْ فضَلَ منه ما لا حاجَةَ به إليه، رَدَّه على المسلمين، لأنَّه إنَّما أُبِيحَ له ما يَحْتاجُ إليه. وإنْ أعْطاهُ أحَدٌ من أهْلِ الجيشِ ما يحْتاجُ إليه، جازَ له أخْذُه، وصارَ أحَقَّ به من غيرِه. وإنْ باعَ شيئًا من الطعامِ أو العلَفِ، رَدَّ قِيمَتَه (8) فى الغَنِيمَةِ؛ لما ذَكَرْنا (9) من حديثِ عمرَ. ورُوِىَ مثلُه عن فُضالةَ بن عُبَيْد (10). وبه قال سُليمانُ بن مُوسَى، والثَّوْرِىُّ، والشافِعِىُّ. وكَرِهَ القاسِمُ وسالمٌ ومالكٌ بَيْعَه. قال القاضى: لا يخلُو؛ إمَّا أنْ يَبِيعَهُ من غازٍ أو غيرِه، فإنْ باعَه لغيرِه، فالبَيْعُ باطِلٌ؛ لأنَّه يَبِيعُ (11) مالَ الغنيمَةِ بغيرِ ولايَةٍ ولا نيابَةٍ، فيجبُ رَدُّ الْمَبِيعِ، ونَقْضُ البَيْع، فإنْ تعذَّرَ رَدُّه، رَدَّ قِيمَتَه، أو ثمنَهُ إنْ كان أكثرَ من قِيمَتِه إلى المَغْنَمِ. وعلى هذا الوَجْهِ، حُمِلَ كلامُ الخِرَقِىِّ. وإنْ باعَه لغازٍ، لم
(5) فى: باب ما بيع من متاع العدو من ذهب أو فضة، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 274، 275.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب بيع الطعام فى دار الحرب، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 60.
(6)
تقدم تخريجه فى: 1/ 110. ويصحح: صحيح البخارى 5/ 72 إلى 5/ 172.
(7)
فى م: "وغيره".
(8)
فى م: "ثمنه".
(9)
فى أ: "ذكرناه".
(10)
أخرجه البيهقى، فى الموضع السابق. انظر حاشية 5.
(11)
فى م: "بيع".