الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى قوله: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (73). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه مَنَعَ الصُّلْحَ فِى النِّسَاءِ"(74). وتُفارِقُ المرأَةُ الرَّجُلَ من ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أحدُها؛ أنَّها لا تَأْمَنُ من (75) أَنْ (76) تُزَوَّجَ (77) كافِرًا يَسْتَحِلُّها، أو يُكْرِههَا مَنْ يَنالُها، وإِليه أشارَ اللَّه تعالى بقولِه:{لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (73). الثانى، أنَّها رُبَّما فُتِنَتْ عن دِينِها؛ لأنَّها أضْعَفُ قَلْبًا، وأقلُّ مَعْرِفَةٌ من الرجل (78). الثالثُ، أَنَّ المرأةَ لا يُمْكِنُها فى العادَةِ الهرَبُ والتَّخَلُّصُ، بخلافِ الرَّجُلِ. ولا يجوزُ رَدُّ الصِّبْيانِ العُقَلاءِ إذا جاءُوا مسلمين؛ لأنَّهم بمنزلَةِ المَرْأةِ فى الضَّعْفِ فى العقلِ والمعرفَةِ، والعجْزِ عن التَّخَلُّصِ والهرَبِ. فأمَّا الطِّفْلُ الذى لا يصِحُّ إسْلامُه، فيجوزُ رَدُّه؛ لأنَّه ليس بمسلمٍ.
فصل:
وإذا طَلَبَت امْرأةٌ أو صَبيَّةٌ مُسْلِمَةٌ، الخروجَ من عندِ الكُفَّارِ، جازَ لكلِّ مسلِمٍ إخْراجُها؛ لما رُوِىَ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا خَرَجَ من مكَّة، وقَفَتْ ابْنَةُ حَمْزَةَ على الطريقِ، فلمَّا مَرَّ بها علىٌّ قالَتْ: يا ابْنَ عَمِّ، إلى مَنْ تَدَعُنِى؟ فَتناوَلَها، فدَفَعها إلى فاطِمَةَ، حتَّى قَدِمَ بها المدينةَ (79).
1676 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَمِيرُ قَوْمًا يَغزُونَ مَع الْمُسْلِمِينَ لِمَنَافِعِهمْ، لَمْ يُسْهِمْ لَهُمْ، وأُعْطُوا مَا اسْتُؤْجِرُوا بِهِ)
نصَّ أحمدُ على هذا، فى رِوايةِ جماعةٍ، فقال، فى رِوايَةِ عبدِ اللَّه وحَنْبَلٍ، فى الإِمامِ يسْتأجِرُ قومًا يدْخُلُ بهم بلادَ العَدُوِّ: لا يُسْهِمُ لهم، ويُوفِى لهم بما اسْتُؤْجِرُوا عليه. وقال
(73) سورة الممتحنة 10.
(74)
تقدم تخريجه، فى صفحة 59.
(75)
سقط من: أ.
(76)
سقط من: ب.
(77)
فى أ، ب:"تتزوج".
(78)
فى أ: "الرجال".
(79)
أخرجه البخارى، فى: باب كيف يكتب هذا ما صالح عليه فلان بن فلان. . .، من كتاب الصلح، وفى: باب عمرة القضاء، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 3/ 242، 5/ 180. والبيهقى، فى: باب نقض الصلح فيما لا يجوز وهو ترك النساء. . .، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 228، 229.
القاضِى: هذا محمُولٌ على اسْتِئْجارِ مَنْ لا يَجِبُ عليه الجهادُ، [كالعبيدِ والكُفَّارِ. أمَّا الرِّجالُ المسلمون (1) الأَحْرارُ، فلا يصِحُّ اسْتِئْجارُهم على الجهادِ](2)؛ لأنَّ الغَزْوَ يتعَيَّنُ بحضُورِه على مَنْ كان من أهْلِه، فإذا تعيَّنَ عليه الفَرْضُ، لم يجُزْ أَنْ يفْعَلَه عن غيرِه، كمَنْ عليه حِجَّةُ الإِسلامِ، [لا يجوزُ](3) أَنْ يحُجَّ عن غيرِه. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ والخِرَقِىِّ على (4) ظاهِرِه، فى صِحَّةِ الاسْتِئْجارِ على الغَزْوِ لمَن لم يتعيَّنْ عليه؛ لما رَوَى أبو داوُدَ (5)، بإسْنادِه عَن عبد اللَّه بن عمرٍو، أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لِلْغَازِى أَجْرُه، ولِلْجَاعِلِ أجْرُهُ [وَأَجْر الْغَازِى] (6) ". ورَوَى سعيدُ بن منصورٍ (7)، عنِ جُبَيْر بن نُفَيْرٍ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِينَ يَغْزُونَ مِنْ أُمَّتِى، ويَأْخُذُون الْجُعْلَ، ويَتَقَوَّوْنَ بهِ عَلَى عدُوِّهِمْ، مَثَلُ أُمِّ مُوسَى، تُرْضِعُ وَلَدَهَا، وتَأْخُذُ أجْرَهَا". ولأنَّه أمرٌ لا يخْتَصُّ فاعلُه أَنْ يكونَ من أهلِ القُرْبَةِ، فصحَّ الاسْتِئْجارُ عليه، كبناء المساجِدِ، [أو لم](8) يتعيَّنْ عليه الجهادُ، فصَحَّ أَنْ يُؤْجِرَ نفسه عليه كالعَبْدِ. ويفارِقُ الحجَّ، حيثُ إنَّه ليس بفرْضِ عَيْنٍ، وإنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليه، وفى المنْعِ من أخْذِ الجُعْلِ عليه تَعْطيلٌ له، ومَنْعٌ له مِمَّن (9) فيه للمسلمين نَفْعٌ، وبهم إليه حاجَةٌ، فينْبَغِى أَنْ يجوزَ، بخلافِ الحَجِّ. إذا ثبَتَ هذا، فإنْ قُلْنا بالأوَّل، فالإِجارَةُ فاسِدَةٌ، وعليه الأُجْرَةُ يَرُدُّها، وله سَهْمُه؛ لأَنَّ غَزْوَه بغيرِ أُجْرَةٍ. وإِنْ قُلْنا بصحَّتِه، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ، رَحِمَهما اللَّه، أنَّه لا يُسْهَمُ (10) له؛ لأنَّ غَزْوَه بعِوَضٍ، فكأنَّه واقِعٌ من غيرِه، فلا يسْتَحِقُّ شيئًا. وقد
(1) فى م: "والمسلمون".
(2)
سقط من: ب. نقل نظر.
(3)
فى أ، ب:"لم يجز".
(4)
فى ب: "و".
(5)
فى: باب الرخصة فى أخذ الجعائل، من كتاب الحهاد. سنن أبى داود 2/ 16.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 2/ 174.
(6)
سقط من: م.
(7)
فى: باب ما جاء فى الرجل يغزو بالجعل، من كتاب الجهاد، السنن 2/ 141.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى كراهية أخذ الجعائل، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 27.
(8)
فى الأصل: "ولم".
(9)
فى م: "مما".
(10)
فى م: "سهم".
رَوَى أبو داوُدَ (11)، بإسْنادِه عن يَعْلَى بنِ مُنْيَةَ (12)، قال: أذَّنَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بالغَزْوِ، وأنا شيخٌ كبيرٌ، ليس لى خادِمٌ، فالْتَمَسْتُ أجيرًا يكْفِينِى، وأُجْرِى له سَهْمَه، فوَجَدْتُ رجلًا، فلما دَنَا الرَّحِيلُ، قال: ما أَدْرِى ما السُّهْمانُ وما يَبْلُغ سَهْمِى، فَسَمِّ لى شيئًا كان السَّهْم أو لم يَكُنْ. فسَمَّيْتُ له ثلاثَةَ دنانيرَ، فلمَّا حضَرَتْ غَنِيمةٌ أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِىَ له سَهْمَه، فذَكَرْتُ الدَّنانِيرَ، فجِئْتُ إلى (13) النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ له أمْرَه، فقال:"مَا أَجِدُ لَهُ فِى غَزْوَتِهِ [هذِهِ فِى] (14) الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا دَنانِيرَهُ الَّتِى سَمَّى". ويَحْتَمِلُ أَنْ يُسْهَمَ له. وهو اخْتيارُ الخَلَّالِ. قال: ورَوَى جماعةٌ عن أحمدَ، أَنَّ للأَجِيرِ السَّهْمَ إذا قاتَلَ. ورَوَى عنه جماعةٌ، أَنَّ كُلَّ مَنْ شَهِدَ القتالَ فلَه السَّهْمُ. قال: وهذا الذى (15) أعْتمِدُ عليه من قَولِ أبى عبد اللَّه. وَوَجْهُ ذلك، ما تَقَدَّمَ من حَدِيثِ عبدِ اللَّه بن عمْرٍو، وحَدِيثِ جُبَيْرِ بن نُفيْرٍ، وقولِ عمرَ: الغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ (16). ولأَنَّه حاضِرٌ للوَقْعَةِ من أهلِ القتالِ، فيُسْهَمُ له كغيرِ الأجيرِ. فأمَّا الذين يُعْطَوْنَ من حَقِّهِم من الفَىْءِ، فلهم سِهامُهم. لأنَّ ذلك حَقٌّ جَعَلَه اللَّهُ له (17) ليَغْزُوَ، لا أنَّه عِوَضٌ عن جِهادِه، بل نَفْعُ جهادِه له لا لغيرِه. وكذلك مَنْ يُعْطَوْنَ من الصَّدَقاتِ، وهم الذين إذا نَشِطُوا للغَزْو أُعْطُوا، فإنَّهم يُعْطوْنَ مَعُونةً لهم، لا عِوَضًا، ولذلك إذا دفَع (18) إلى الغزاةِ ما (19) يَتَقَوَّوْنَ به، ويَسْتَعِينُون به، كان له فيه الثَّوابُ، ولم يكن عِوَضًا. قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ"(20).
(11) فى: باب الرجل يغزو بأجر الخدمة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 16. والبيهقى، فى: باب من استأجر إنسانا للخدمة فى الغزو، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 29.
(12)
فى الأصل، أ، م:"منبه" تصحيف. وفى ب: "أمية"، وهو أبوه، وورد فى بعض نسخ سنن أبى داود. انظر: عون المعبود 2/ 323.
(13)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(14)
فى م: "فى هذه".
(15)
سقط من: أ، ب.
(16)
تقدم تخريجه، فى صفحة 84.
(17)
فى الأصل، أ، م:"لهم".
(18)
فى الأصل، ب:"دافع".
(19)
سقط من: م.
(20)
أخرجه البخارى، فى: باب فضل من جهز غازيًا. . .، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى 4/ 32، 33. ومسلم، فى: باب فضل إعانة الغازى فى سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 1507. وأبو داود، فى: باب ما يجزئ من الغزو، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 11. والترمذى، فى: باب ما جاء فى فضل من جهز =