الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ، فَلَا يَقْرَبْنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا". فجِئْتُ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه: لِتُعْطِنِى يدَكَ. قال: فأَدْخَلْتُ يدَه فى كُمِّ قَمِيصِى إلى صَدْرِى، فإذا أنا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ، فقال: "إنَّ لَكَ عُذْرًا". روَاه أبو داودَ (28). وقد رُوِىَ عن أحمد، أنَّه يأْثَمُ؛ لأنَّ ظاهِرَ النَّهْى التَّحْرِيمُ، ولأنَّ أَذَى المسلمينَ حَرامٌ، وهذا فيه أَذاهُم.
فصل:
ويُكْرَهُ أكلُ الغُدَّةِ، وأذُنِ القلبِ (29)؛ لما رُوِىَ عن مُجاهدٍ، قال: كَرِهَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِن الشَّاةِ سِتًّا. وذَكَرَ هذَيْن (30). ولأن النَّفْسَ تعافُهما وتَسْتَخْبثُهما، ولا أظُنُّ أحمدَ كَرِهَهُما إلَّا لذلك، لا للخَبَرِ؛ لأَنَّه قال فيه: هذا حَدِيثٌ منكرٌ. ولأنَّ فى الخَبَرِ ذكرُ الطِّحالِ (31)، وقد قال أحمدُ: لا بَأْسَ بِه، ولا أَكْرَهُ منه شيئًا.
فصل: وقيلَ لأبى عبدِ اللَّه: الجُبْن؟ قال: يُؤْكَلُ من كلٍّ. وسُئِلَ عن الجُبْنِ الذى يَصْنَعُه الْمَجُوس؟ فقال ما أدْرِى، إلَّا أَنَّ أصَحّ حَدِيثٍ فيه حَدِيثُ الأعْمَش، عن أبى وائِلٍ، عن عَمْرو بن شُرَحْبِيلٍ، قال: سُئِلَ عمرُ عن الْجُبنِ، وقيل له: يُعْمَلُ فيه الإِنْفحَةُ المَيِّتَةُ. فقال: سَمُّوا أنتم، وكُلُوا. روَاه أبو مُعاوِية، عن الأَعْمَشِ (32). وقال: ألَيْسَ الجُبْنُ الذى نَأْكُلُه عامَّتُه يَصْنَعُه الْمَجُوسُ؟
فصل: ولا يجوزُ أَنْ يَشْتَرىَ الجَوْزَ الذى يتَقامَرُ به الصِّبيانُ، ولا البَيْضَ الذى يتَقامَرُون به يومَ العِمِدِ؛ لأنَّهُم يَأْخُذُونَه بغَيرِ حَقٍّ.
فصل: قال أحمدُ: والضِّيافةُ على كلِّ المسلمين، كلُّ مَن نزل عليه ضيفٌ كان عليه أَنْ
(28) فى: باب فى أكل الثوم، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 324، 325.
(29)
أذنا القلب: زنمتان فى أعلاه.
(30)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب ما يكره من الشاة، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 535. والبيهقى، فى: باب ما يكره من الشاة إذا ذبحت، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 10/ 7. وفيهما أنها سبع، ولم يوردا منها: "أذن القلب".
(31)
ما روى فى الطحال، أخرجه عبد الرزاق، فى: باب ما يكره من الشاة، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 536، 537. وابن أبى شيبة، فى: أكل الطحال، من كتاب العقيقة. المصنف 8/ 274، 275. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى الكبد والطحال، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 10/ 7.
(32)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الجبن، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 538. وابن أبى شيبة، فى: باب فى الجبن وأكله، من كتاب الأطعمة. المصنف 8/ 288.
يُضِيفَه. قيل: إنْ ضَافَ الرجُلَ ضَيفٌ كافرٌ يُضِيفُه؟ قال: قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ على كلِّ مُسْلِمٍ"(33). وهذا الحديثُ بَيِّن، ولما أضافَ المشركَ دَلَّ على أَنَّ المسلمَ والمُشْرِكَ يُضافُ، وأنا أراه كذلك. والضِّيافَةُ معناها معنى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ على المسلمِ والكافِرِ. واليومُ والليلةُ حَقٌّ واجِبٌ. وقال الشافِعِىُّ: ذلك مُسْتَحَبٌّ، وليس بواجِبٍ؛ لأنَّه غيرُ مُضْطَرٍّ إلى طعامِه، فلم يجبْ عليه بَذْلُه، كما لو لم يُضِفْه. ولَنا، ما رَوَى الْمِقدامُ أبو كَرِيمةَ قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ، فإنْ أصْبَحَ بفِنَائِهِ، فَهُوَ دَيْنٌ علَيْهِ، إِنْ شَاءَ اقْتَضَى، وإِنْ شَاءَ تَرَكَ". حديث صحيح (34). وفى لفظٍ: "أيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا، فأصبَحَ الضَّيفُ مَحْرُومًا، فَإِنَّ نَصْرَهُ عَلَى كُلِّ مُسْلمٍ حَقٌّ، يأخذُ بِحَقِّه مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ". روَاه أبو داودَ (35). والواجبُ يومٌ ولَيْلَة، والكمالُ ثلاثةُ أيَّامٍ؛ لما رَوَى أبو شُرَيْحٍ الخُزاعِىُّ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الضِّيافَةُ ثلاثَةُ أيامٍ، وجائِزَتُه يومٌ ولَيْلَةٌ، ولَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يقيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ". قالوا: يا رسولَ اللَّه، كيف يُؤْثِمُهُ؟ قال:"يقيمُ عِنْدَهُ، ولَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيهِ". مُتَّفَقٌ عليه (36). قال أحمدُ: "جائِزَتُه يومٌ وليلَةٌ" كأنَّه أوْكَدُ من سائِرِ الثلاثةِ، ولم يُرِدْ يومًا وليلةً سِوَى الثلاثَةِ؛ لأنَّه يصيرُ أربعةَ أيام، وقد قال:"وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ".
(33) أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 308. وابن ماجه، فى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1212. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 130، 133.
(34)
أخرجه أبو داود، فى: الباب السابق. وابن ماجه، فى الباب السابق. والدارمى، فى: باب فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمى 2/ 98. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 130، 132، 133.
(35)
فى الباب السابق. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 133.
(36)
أخرجه البخارى، فى: باب إكرام الضيف، من كتاب الأدب، وفى: باب حفظ اللسان، من كتاب الرقاق. صحيح البخارى 8/ 39، 125. ومسلم، فى: باب الضيافة ونحوها، من كتاب اللقطة. صحيح مسلم 3/ 1353.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 308. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الضيافة كم هو؟ ، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى 8/ 145. وابن ماجه، فى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1212. والدارمى، فى: باب فى الضيافة، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمى 2/ 98. والإمام مالك، فى: باب جامع ما جاء فى الطعام والشراب، من كتاب صفة النبى صلى الله عليه وسلم. الموطأ 2/ 929. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 354، 431، 3/ 21، 37، 4/ 31، 6/ 385، 386.