الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحاجَةُ داعِيَةٌ إلى زَجْرِ أهلِها، كالحاجَةِ إلى زَجْرِ غيرِهم، وقد كتبَ عمرُ إلى أبى عُبَيْدَةَ، أَنْ يجلدَ مَنْ شَرِبَ الخمرَ ثمانينَ، وهو بالشامِ، وهو من الثُّغورِ (15).
1679 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا فُتِحَ حِصْنٌ، لَمْ يُقْتَلْ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، أو يُنْبِتْ، أو يَيْلُغ خَمْسَ عشرَةَ سَنَةً)
وجُمْلَةُ ذلك أَنَّ الإِمامَ إذا ظَفِرَ بالكُفَّارِ، لم يَجُزْ أَنْ يَقْتُلَ صَبِيًّا [لم يبْلُغْ](1)، بغيرِ خلافٍ. وقد رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن قَتْلِ (2) النِّساءِ والصِّبْيانِ. مُتَّفَقٌ عليه (3). ولأنَّ الصَّبِىَّ يَصِيرُ رَقِيقًا بنَفْسِ السَّبْىِ، ففى قَتْلِه إتْلافُ المالِ، وإذا سُبِىَ مُنْفَرِدًا صارَ مسلمًا، فإتْلافُه إتْلافُ مَنْ يُمْكِنُ جَعْلُه مسلمًا، والبُلوغُ يحصلُ بأَحَدِ أسبابٍ ثلاثة؛ أحدُها، الاحْتِلامُ، وهو خُروجُ المَنِىِّ من ذَكَرِ الذَّكَرِ (4) أو قُبُل الأُنْثَى فى يَقَظةٍ أو مَنامٍ. وهذا لا خِلافَ فيه، وقد قال اللَّه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} (5) ثمَّ قال: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (6). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ". وقال لمُعاذ: "خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينارًا". روَاهما أبو داوُدَ (7). الثانى، إنْباتُ الشَّعَرِ الخَشِن حَوْلَ القُبُلِ، وهو علامَةٌ على البُلوغِ، بدليلِ ما
(15) أخرجه البيهقى، فى: باب من زعم لا تقام الحدود فى أرض الحرب حتى يرجع، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 105.
(1)
سقط من: ب.
(2)
فى م: "القتل".
(3)
تقدم تخريجه، فى: 12/ 265.
(4)
فى م: "الرجل".
(5)
سورة النور 58.
(6)
سورة النور 59.
(7)
الأول أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء متى ينقطع اليتم، من كتاب الوصايا. سنن أبى داود 2/ 104. كما أخرجه البيهقى، فى: باب الطلاق قبل النكاح، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى 7/ 320. والثانى تقدم تخريجه، فى: 4/ 30.
رَوَى عَطِيَّةُ القُرَظِىُّ، قال: كُنْتُ، مِنْ سَبْى (8) قُرَيْظَةَ، فكانُوا ينْظُرُون، فمَنْ أَنْبَتَ الشَّعَرَ قُتِلَ، ومَنْ لم يُئبِتْ لم يُقْتَلْ، فكُنْتُ فى مَن لم يُنْبِتْ. أخْرَجَه الأَثْرَمُ، والتِّرْمِذِىُّ (9). وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. وعن كَثِيرِ بن السَّائِبِ، قال: حدثنى أبناءُ قُرَيْظَةَ، أنَّهم عُرِضُوا على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فمَن كان منهم مُحْتَلِمًا أو نَبَتَتْ عانَتُه قُتِلَ، ومَنْ لا، تُرِكَ. أخْرجَه الأثْرمُ (10). وعن أسْلَمَ مولَى عمرَ، أَنَّ عمرَ كان يكتبُ إلى أُمراءِ الأَجْنادِ، أَنْ لا يَقْتُلُوا إِلَّا مَنْ جَرَتْ عليه الْمَواسِى، ولا يأْخُذوا الجِزْيَةَ إِلَّا مِمَّنْ جَرَت عليه الْمَواسِى (11). وحُكِىَ عن الشافِعِىِّ، أَنَّ هذا بُلوغٌ فى حَقِّ الكُفَّارِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إلى قولِهم فى الاحْتِلْامِ، وعَدَدِ السِّنين، وليس بعلامَةٍ عليه (12) فى (13) المسلمين؛ لإِمْكانِ ذلك فيهم (14). ولَنا، قولُ أبى نَضْرَةَ، وعُقْبَةَ بن عامرٍ، حين اخْتُلِفَ فى بُلوغِ تَمِيمِ بن فِرَعٍ المَهْرِىِّ: انظرُوا، فإنْ كان قد أَشْعَرَ، فاقْسِمُوا له. فنَظَرَ إليه بعضُ القومِ، فإذا هو قد أَنْبَتَ، فقَسَمُوا (15) له (16). ولم يظْهَرْ خلافُ هذا، فكان إجْماعًا. ولأنَّه عَلَمٌ على البلوغِ فى حَقِّ الكافِرِ، فكان عَلَمًا عليه فى حَقِّ المُسْلِمِ، كالعَلَمَيْن الآخَرَيْنِ، ولأنَّه أمْرٌ يُلازِمُ البُلوغَ غالبًا، فكان عَلَمًا عليه، كالاحْتِلامِ. وقولُهم: إنَّه يَتَعَذَّرُ فى حَقِّ الكافِرِ مَعْرِفَةُ الاحْتِلامِ والسِّنِّ. قُلْنا: لا تَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ السِّنِّ فى الذِّمِّىِّ الناشِئِ بين المسلمين، ثمَّ تَعَذُّرُ المَعْرِفَةِ لا يُوجِبُ جَعْلَ ما ليس بعلامَةٍ علامَةً، كغيرِ الإِنْباتِ. الثالثُ، بلوغُ خمسَ عشرَةَ سنةً، لما رَوَى ابنُ عمرَ، قال: عُرِضْتُ على النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنُ أربعَ عشرَةَ سنةً، فلم يُجِزْنِى
(8) فى أ، ب:"فى".
(9)
تقدم تخريجه، فى: 6/ 598.
(10)
وأخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند 4/ 341.
(11)
أخرجه البيهقى، فى: باب الزيادة على الدينار بالصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 195، 196. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى قتل النساء والولدان، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 240. وأبو عبيد، فى: باب من تجب عليه الجزية. . .، من كتاب سنن الفىء والخمس والصدقة. . . الأموال 37.
(12)
سقط من: ب.
(13)
فى م زيادة: "حق".
(14)
فى ب: "منهم".
(15)
فى ب: "فقسم".
(16)
تقدم فى صفحة 96.