الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1798 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا اسْتَثْنَى فِى الطَّلَاقِ والْعَتَاقِ، فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أبِى عَبْدِ اللَّهِ، رحمه الله، أنَّه تَوَقَّفَ عَنِ الْجَوَابِ. وقَدْ قَطَعَ فِى مَوْضِعٍ، أَنَّهُ لَا يَنْفَعُه الِاسْتِثْنَاءُ)
يعنى إذا قال لزَوْجَتِه: أنتِ طالِقٌ، إِنْ شاءَ اللَّه. أو لِعَبْدِه: أنتَ حُرٌّ، إِنْ شاءَ اللَّهُ. فقد تَوَقَّفَ أحمدُ فى الجوابِ؛ لاخْتِلافِ النّاسِ فيها، وتَعارُضِ الأَدِلَّةِ، وفى موضِعٍ قَطَعَ أنَّه لا يَنْفَعُه الاسْتِثناءُ فيهما. قال، فى روايَةِ إسحاقِ بنِ منصورٍ، وحَنْبَلٍ: مَن حَلَفَ، فقال: إِنْ شاءَ اللَّه. لم يَحْنَثْ، وليس له استِثْناءٌ فى الطلاق والعَتَاقِ. قال حَنْبَلٌ: قال (1): لأنَّهُما ليسا من الأيْمانِ. وبه قال مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، والحسنُ، وقَتادَةُ. وقال طاوُسٌ، وحَمَّادٌ، والشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يجوزُ الاسْتِثْناءُ فيهما؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ"(2). ولأنَّه عَلَّقَ الطَّلاقَ والْعَتاقَ بشَرْطٍ لم يَتَحَقَّقْ وُجودهُ، فلم يَقَعَا، كما لو عَلَّقَه بمشيئَةِ زَيْدٍ، ولم تَتَحَقَّقْ مَشيئَتُه (3). ولَنا، أنَّه أَوْقَعَ الطَّلاقَ والعَتاقَ فى مَحَلٍّ قابِلٍ، فوَقَعَ، كما لو لم يَسْتَثْنِ، والحديثُ إنَّما تَناوَلَ الأيْمان، وليس هذا بيَمِينٍ، إنَّما هو تَعْلِيقٌ على شَرْطٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: إنَّما وَرَد التوقيفُ بالاسْتِثْناء فى اليَمِينِ باللَّهِ تعالَى، وقولُ المتقدِّمين: الأَيمانُ بالطَّلاقِ والْعَتاقِ. إنّما جاء (4) على الاتِّساعِ والتَّقْرِيبِ، ولا يَمِينَ فى الحَقِيقَةِ إلَّا باللَّه تعالى، وهذا طَلاقٌ وعَتاقٌ. وقد ذكَرْنا هذه المَسْأَلَةَ فى الطَّلاقِ بأَبْسَط من هذا (5).
1799 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، فَهِىَ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ إِنْ تَزَوَّجَ بِهَا. وإِنْ قَالَ: إِنْ مَلَكْتُ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ. فَمَلَكَهُ صَارَ حُرًّا)
اخْتَلَفَت الرِّوايةُ عن أحمدَ فى هاتَيْنِ المَسْأَلَتَيْنِ، فعنه: لا يقَعُ طلاقٌ، ولا عِتْقٌ. رُوِىَ
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه، فى: 10/ 472.
(3)
فى أ: "وجود مسببه". وفى ب: "وجود سببه".
(4)
فى م: "جاز" تحريف.
(5)
انظر: ما تقدم فى: 10/ 472، 473.
هذا عن ابن عبَّاسٍ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والحسنُ، وعُرْوَةُ، وجابِرُ بنُ زيدٍ، وسَوَّارُ القاضِى، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ الْمُنْذِرِ. ورَواهُ التِّرْمِذِىُّ عن علِىٍّ، وجابِرِ بنِ عبدِ اللَّه، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعلىِّ بنِ الحسينِ، وشُرَيْحٍ، وغيرِ واحدٍ من فُقَهاءِ التابعين، قال: وهو قَوْلُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ لما رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، ولَا طَلَاقَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ". قال التِّرْمِذِىُّ (1): وهذا حَدِيثٌ حسَنٌ، وهو أحْسَنُ ما رُوِىَ فى هذا البابِ. وعن عائِشَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا طَلاقَ وَلَا عَتَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وإِنْ عَيَّنَها". روَاه الدَّارَقُطْنِىُّ (2). ورَوَى أبو بكرٍ فى "الشَّافِى"، عن الخَلَّالِ، عن الرَّمادِىِّ، عن عبدِ الرَّزَّاق، عن مَعْمَرٍ، عن جُوَيْبِرٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن النَّزَّالِ بنِ سَبْرَةَ، عن عَلِىّ بنِ أبى طالِبٍ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ"(3). قال أحمدُ: هذا عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وعِدَّةٍ (4) من الصَّحابَةِ. ولأَنَّ مَنْ لا يقعُ طلاقُه وعِتْقُه بالمُباشَرَةِ، لم تَنْعَقِدْ له صِفةٌ، كالمجنونِ، ولأَنَّه قولُ مَنْ سَمَّيْنا من الصَّحابَةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخالِفًا فى عصرِهم، فيكونُ إجْماعًا. والرِّوايَةُ الثانِيَةُ عن أحمدَ، أنَّه يَصِحُّ فى العِتْقِ، ولا يَصِحُّ فى الطَّلاقِ. قال، فى رِوايَةِ أبى طالبٍ: إذا قال: إِنْ اشْتَرَيْتُ هذا الغلامَ فهو حُرٌّ. فاشْتَراهُ عَتَقَ (5)، وإِنْ قال: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ فهى طالِقٌ. فهذا غيرُ الطَّلاقِ، هذا حَقٌّ للَّهِ تعالى، والطلاقُ (6) يَمِينٌ، ليس هو للَّهِ تعالَى، ولا فيه قُرْبَةٌ إلى اللَّه تعالى. قال أبو بَكْرٍ، فى كتاب "الشافى": لا يَخْتَلِفُ قولُ أبى عبد اللَّه، أنَّ الطَّلاقَ إذا وَقَعَ قبلَ النِّكاحِ لا يَقَعُ، وأنَّ العَتاقَ يقَعُ، إلَّا ما رَوَى محمد بنُ
(1) تقدم تخريجه، فى: 6/ 26.
(2)
أخرجه بهذا اللفظ الدارقطنى عن معاذ، وليس عن عائشة، فى: كتاب الطلاق. سنن الدارقطنى 4/ 17. وأخرج عن عائشة فى ما عهد به النبى صلى الله عليه وسلم إلى أبى سفيان، حين بعثه إلى اليمن، وليس فيه: "وإن عينها". سنن الدارقطنى 4/ 15، 16.
(3)
وأخرجه ابن ماجه، فى: باب لا طلاق من قبل النكاح، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 660.
(4)
فى ب: "وغيره".
(5)
فى ب زيادة: "عليه".
(6)
فى الأصل بعد هذا: "هو".