الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الثَّمَنِ. أَنَّ المسلمين كانُوا يأخذُون من أهلِ الذِّمَّةِ الخمرَ والخنازِيرَ من جِزْيَتِهم، وخَراجِ أرْضِهم بقِيمَتِهما (23)، ثم يتولَّى المسلمون بَيْعَها، فأنْكَرَه عمرُ، ثم رَخَّصَ لهم أَنْ يأخُذُوا من أثْمانِها، إذا كان أهلُ الذِّمَّةِ المُتَولِّين بَيْعَها. وروَى بإسْنادِه عن سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ، أنَّ بلالًا قال لعمرَ: إنَّ عُمَّالَك يأْخذُون الخمرَ والخنازِيرَ فى الخراجِ. فقال: لا تأْخذُوها منهم، ولكن وَلُوهم بيْعَها، وخُذُوا أنتُم من الثَّمَنِ.
فصل:
ويجوزُ أخْذُ ثمنِ الخمرِ والخِنزيرِ منهم عن (24) جِزْيَةِ رُءوسِهِم، وخَراجِ أرْضِهم، احْتِجاجًا بقولِ عمرَ هذا؛ ولأنَّها من أمْوالِهم التى نُقِرُّهم على اقْتنائِها، والتَّصَرُّفِ فيها، فجازَ أخْذُ أثمانِها (25) منهم، كثيابِهم.
فصل: وإذا مَرَّ الذِّمِّىُّ بالعاشِرِ، وعليه دينٌ بقَدْرِ ما مَعَه، أو يَنْقُصُه (26) عن النِّصابِ، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أَنَّ ذلك يَمْنَعُ أخْذَ نصفِ العُشْرِ منه؛ لأنَّه حَقٌّ يُعْتبَرُ له النِّصابُ والحَول، فيَمْنَعه (27) الدَّيْنُ، كالزَّكاةِ. فإن ادَّعَى أَنَّ عليه دَيْنًا، لم يُقْبَلْ ذلك إلَّا بِبَيِّنَةٍ من المسلمين؛ لأنَّ الأصلَ بَراءَةُ ذِمَّتِه منه. وإِنْ مَرَّ بجارِيَةٍ، فادَّعَى أنَّها بنْتُه أو أختُه، ففيه روايتان؛ إحداهُما، يُقْبَلُ قولُه. قال الخَلَّالُ: وهو أشْبَهُ القَوْلَيْن؛ لأنَّ الأَصْلَ عدَمُ مِلْكِه فيها. والثانيةُ، لا يُقْبَلُ (28)؛ لأنَّها فى يَدهِ، فأشْبَهَتْ بَهِيمَته (29).
1699 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا دَخَلَ إِلَيْنَا مِنْهُمْ تَاجِرٌ حَرْبِىٌّ بأَمَانٍ، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ)
وقال أبو حنيفة: لا يُؤْخَذُ منهم (1) شىءٌ، إلَّا أَنْ يكونوا يأْخذُون مِنَّا شيئًا، فنأخُذُ منهم
(23) فى ب، م:"بقيمتها".
(24)
فى م: "على".
(25)
فى الأصل، أ:"أثمانهما".
(26)
فى م: "ينقص".
(27)
فى ب، م:"فمنعه".
(28)
فى م زيادة: "إلا ببينة".
(29)
فى م: "بهيمة".
(1)
فى ب، م:"منه".
مثلَه؛ لما رُوِىَ عن أبى مِجْلَزٍ لاحِقِ بنِ حُمَيْدٍ، قال: قالُوا لعمرَ: كيف نأخذُ من أهلِ الحربِ إذا قَدِمُوا علينا؟ قال: كيف يأخُذُون منكم إذا دَخَلْتُم إليهم؟ قالوا: العُشْرَ. قال: فكذلك خُذُوا منهم (2). وعن زيِادِ بنِ حُدَيْرٍ، قال: كُنَّا لا نَعْشِرُ مسلمًا ولا مُعاهدًا. قال: مَنْ كُنْتُم تَعْشِرُون؟ قال: كُفَّارَ أهلِ الحَرْبِ، نَأْخُذُ (3) منهم كما يأخُذُون مِنَّا (4). وقال الشافِعِىُّ: إنْ دَخَلَ إلينا لِتجارَةٍ (5) لا يحتاجُ إليها المسلمون، لم يأذَنْ له الإمامُ إلَّا بعِوَضٍ يَشْرِطُه عليه (6)، ومَهْما شَرَطَ جازَ. ويُسْتَحَبُّ أَنْ يشْترِطَ العُشْرَ، لِيُوافِقَ (7) فعلَ عمرَ، رَضِى اللَّهُ عنه، وإِنْ أذِنَ مُطْلقًا من غيرِ شَرْطٍ، فالمذهبُ أنَّه لا يُؤْخَذُ منهم شىءٌ؛ لأنَّه أمانٌ من غير شَرْطٍ، فلم يُسْتَحَق به شىءٌ، كالهُدْنةِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يجِبَ العُشْرُ؛ لأنَّ عمرَ أَخَذَهُ. ولَنا، ما رَوَيْناه فى المسألَةِ التى قَبْلَها، ولأنَّ (8) عمرَ أخذَ منهم العُشْرَ، واشْتَهرَ ذلك فيما بين الصحابَةِ، وعمِلَ به الخلفاءُ (9) بعدَه، [والأئِمَّةُ بعدَه](10) فى كلِّ عصرٍ (11)، من غيرِ نكيرٍ، فأىُّ إجماعٍ يكونُ أقْوَى من هذا؟ ولم يُنْقَلْ أنَّه شرَطَ ذلك عليهم عندَ دُخولِهم، ولا يثْبُتُ ذلك بالتَّخْمينِ من غيرِ نَقْلٍ، ولأنَّ مُطْلَقَ الأمْرِ يُحْمَلُ على المَعْهودِ فى الشَّرْعِ، وقد استمَرَّ أخْذُ العُشْرِ منهم فى زمنِ الخلفاء الراشدين، فيجِبُ أخذُه. فأمَّا سؤالُ عمرَ عمَّا يأخذُون مِنَّا، فإنَّما كان لأنَّهُم سألُوه عن كيفيَّةِ الأَخْذِ ومقدارِهِ، ثمّ اسْتَمَرَّ الأخذُ من غيرِ سؤالٍ، ولو تقَيَّدَ أخْذُنا منهم بأخْذِهم مِنَّا، لَوَجَبَ أَنْ يُسْألَ عنه فى كلِّ وقْتٍ.
(2) أخرجه البيهقى، فى: باب ما يأخذ من الذمى إذا اتَّجر فى غير بلده، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 210.
(3)
فى م: "فنأخذ".
(4)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب صدقة أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب. المصنف 6/ 99. وأبو عبيد، فى: باب ذكر العاشر وصاحب المكس. . .، من كتاب الصدقة وأحكامها. الأموال 528. والبيهقى، فى: الباب السابق. السنن الكبرى 9/ 211.
(5)
فى ب، م:"بتجارة".
(6)
سقط من: الأصل، أ.
(7)
فى م زيادة: "فعله".
(8)
فى م: "وأن".
(9)
فى م زيادة: "الراشدون".
(10)
سقط من: ب.
(11)
فى م: "عصره".