الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها، فطَلَبَه كلُّ واحِدٍ منهم، أُقْرِعَ بينهم فيها. وإنْ وجَدُوا خَنازِيرَ، قَتَلُوها؛ لأنَّها مُؤْذِيَةٌ، ولا نَفْعَ فيها. وإنْ وجَدُوا خَمْرًا أراقُوه، وإنْ كانَ فى ظُروفِه نَفْعٌ للمسلمين، أخَذُوها، وإنْ لم يكُنْ فيها نفعٌ، كَسَرُوها؛ لئلَّا يَعُودُوا إلى اسْتِعْمالِها.
فصل:
وللغازِى أنْ يعْلِفَ دَوابَّه، ويُطْعِمَ رَقِيقَه، ممَّا يجُوزُ له الأكْلُ منه، سواءٌ [كانُوا لِلْقُنْيَةِ] (39) أو للتِّجارةِ. قال أبو داوُدَ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّه: يَشْتَرِى الرجلُ السَّبْىَ فى بلادِ الرُّومِ، يُطْعِمُهم من طَعامِ الرُّومِ؟ قال: نعم، يُطْعِمُهم. ورَوَى عنه ابنُه عبدُ اللَّه، قال: سأَلْتُ أبى عن (40) الرَّجُلِ يدْخُلُ بلادَ الرُّومِ، ومعه الجارِيَةُ والدَّابَّةُ للتِّجارةِ، [إنْ أطْعَمَهُما - يعنِى الجاريَةَ وعَلَفَ الدابَّةِ؟ قال: لا يُعْجِبُنى ذلك. فإنْ لم تكُنْ للتجارَةِ] (41)، فلم يَرَ به بَأْسًا. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يجُوزُ إطْعامُ ما كانَ للتِّجارَةِ؛ لأنَّه ليسَ ممَّا يسْتَعِينُ به على الغَزْوِ. وقال الخَلَّالُ: رجَعَ أحمدُ عن هذه الرِّوايَةِ، ورَوَى عنه جماعَةٌ بعدَ هذا، أنَّه لا بأسَ به؛ وذلك لأنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليه، فأشْبَهَ ما لا يُرادُ به التِّجارَةُ.
1663 - مسألة؛ قال: (ويُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، ويُشارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ)
وجُمْلَتُه أنَّ الجيشَ إذا فَصَلَ غازيًا، فخَرَجَت منه سَرِيَّةٌ أو أكثرُ، فأيُّهما غَنِمَ، شارَكَه (1) الآخَرُ. فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، واللَّيْثُ، وحَمَّادٌ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال النَّخَعِىُّ: إنْ شاءَ الإِمامُ خَمَّسَ ما تأْتِى به السَّرِيَّةُ، وإنْ شاءَ نَفَّلَهم إيَّاهُ كلَّهم. وقد (2) رُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا غَزا هَوازِنَ، بعَثَ سَرِيَّةً من الجيشِ قِبَلَ أوْطاسَ، فغَنِمَت السَّرِيَّةُ، فأشْرَكَ بيْنَها وبينَ الجيْشِ (3). قال ابنُ المُنْذِر: ورَوَيْنا أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ويَرُدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى
(39) فى الأصل: "كان لنفسه".
(40)
سقط من: أ، ب.
(41)
سقط من: ب. نقل نظر.
(1)
في ب: "يشاركه".
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
أخرجه البخارى، فى: باب غزاة أوطاس، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 5/ 197.
قَعَدِهمْ" (4). وفى تَنفِيلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى الْبَداءةِ الرُّبعَ، وفى الرَّجْعَةِ الثلُثَ، دليلٌ على اشْتِراكِهم فيما سِوَى ذلك؛ لأنَّهم لو اخْتَصُّوا بما غنِمُوه، لَما كان ثُلثُه نَفَلًا، ولأنَّهم جيشٌ واحدٌ، وكلُّ واحدٍ منهم رِدْءٌ لصاحِبِه، فيَشْترِكُون، كما لو غَنِمَ أحَدُ جانِبَى الجيشِ. وإنْ أقامَ الأميرُ ببَلَدِ الإِسلامِ، وَبعَثَ سَرِيَّةً أو جيْشًا، فما غَنِمَت السَّرِيَّةُ فهو لها وَحْدَها؛ لأنَّه إنَّما يَشْتَرِكُ المجاهدون، والمُقِيمُ فى بلدِ الإِسلامِ ليس بمُجاهِدٍ. وإنْ نَفَّذَ من بلدِ الإِسْلامِ جَيْشَيْن أو سَريَّتَيْن، فكُلُّ (5) واحِدَةٍ تَنْفَرِدُ بما غَنِمَتْه؛ لأنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهما انْفَرَدَت بالغَزْوِ، فانْفَرَدَت بالغَنِيمَةِ، بخلافِ ما إذا فَصَلَ الجيشُ، فدَخَلَ بجُمْلَتِه بلادَ الكُفَّارِ، فإنَّ جَمِيعَهم اشتَرَكُوا فى الجِهادِ، فاشْتَرَكُوا فى الغَنِيمَةِ.
1664 -
مسألة؛ قال: (ومَنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ، طَرَحَهُ فِى مَقْسِمِ تِلْكَ الغزَاةِ (1)، فِى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ)
والأُخْرَى، مُباحٌ (2) لَهُ أكْلُه إذَا كَانَ يَسِيرًا. أمَّا الكثيرُ، فيجِبُ رَدُّه، بغيرِ خلافٍ نعلَمُه؛ لأنَّ ما كانَ مُباحًا له فى دارِ الحرْبِ، فإذا أخَذَه على وجْهٍ يفْضُلُ منه كثيرٌ إلى دارِ الإِسلامِ، فقد أخَذَ ما لا يحْتاجُ إليه، فيَلْزَمُه (3) رَدُّه؛ لأنَّ الأصْلَ تحْريمُه، لكَوْنِه مشْتَرَكًا بينَ الغانِمين، كسائِرِ المالِ. وإنَّما أُبِيحَ منه ما دَعَت الحاجَةُ إليه، فما زادَ يَبْقَى على أصْلِ التَّحْرِيمِ، ولهذا لم يُبَحْ له بَيْعُه. وأمَّا اليَسِيرُ، ففيه روايتان؛ إحداهُما، يَجِبُ رَدُّه أيضا، وهو اخْتيارُ أبى بكْرٍ، وقولُ أبى حنيفةَ، وابنِ المُنْذرِ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، لما ذكَرْنا فى الكثيرِ، ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"أدُّوا الْخَيْطَ والمِخْيَطَ"(4). ولأنَّه
(4) أخرج نحوه أبو داود، فى: باب فى السرية ترد على أهل العسكر، من كتاب الجهاد، وفى: باب أيقاد المسلم بالكافر؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 73، 488. وانظر تخريج حدِيث:"المسلمون تتكافأ دماؤهم". الذى تقدم فى: 11/ 460.
(5)
فى أ، م:"لكل".
(1)
فى أ، ب:"الغنيمة".
(2)
فى م: "يباح".
(3)
فى ب: "فلزمه".
(4)
تقدم تخريجه، فى صفحة 130.