الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسْلَمُوا قبلَ اسْتِرْقاقِهم. قال أبو الخَطَّاب: ويَحْتَمِلُ جَوازَ اسْتِرْقاقِهم، كما لو أسْلَمُوا بعدَ الأسْرِ، ويكونُ المالُ على ما حَكَمَ فيه. وإن حَكَمَ بأنَّ المالَ للمسلمين، كان غنيمةً؛ لأنَّهُم أخَذُوه بالقَهْرِ والحَصْرِ.
1681 - مسألة؛ قال: (وإِذَا خُلِّىَ الْأَسِيرُ مِنَّا، وحَلَفَ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ بِشَىْءٍ يُعَيِّنُهُ، أو يَعُودَ إلَيْهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ)
وجُمْلَتُه أَنَّ الأسيرَ إذا خَلَّاهُ الكُفَّارُ، واسْتَحْلَفُوه على أَنْ يبْعَثَ إليهم بفِدَائِه أو يعودَ إليهم، نَظَرْتَ؛ فإنْ أكْرَهُوه بالعذاب، لم يَلْزَمْه الوفاءُ لهم برُجوعٍ ولا فِدَاءٍ؛ لأنَّه مُكْرَهٌ فلم يَلْزَمْه ما أُكْرِهَ عليه، لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"عُفِىَ لأُمَّتِى عن الخَطَأِ، والنِّسْيانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عليه"(1) وإنْ لم يُكْرَهْ عليه، وقَدَرَ على الفداءِ الذى الْتزَمَه، لَزِمَه (2) أداؤُه. وبهذا قال عطاءٌ، والحَسَنُ، والزُّهْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ. وقال الشافعِىُّ نَصًّا (3): لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه حُرٌّ لا يَسْتَحِقّونَ بَدَلَه. ولَنا، قَوْلُ اللَّه تعالَى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (4). ولمَّا صالَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ على رَدِّ مَنْ جاءَهُ مُسْلِمًا وَفَّى لَهُمْ (5)، وقال:"إنَّا لَا يَصْلُحُ فِى دِينِنَا الْغَدْرُ"(6). ولأنَّ فى الوَفاءِ مَصْلحةً للأُسارَى، وفى الغَدْرِ مَفْسَدَةً فى حَقِّهِم؛ لأنَّهم لا يُؤَمَّنُونَ بَعْدَه، والحاجَةُ داعِيَةٌ إليه، فلَزِمَه الوَفاءُ به، كما يَلْزَمُه الوفاءُ بعَقْدِ الهُدْنَةِ، ولأنَّه عاهَدَهُم على أداءِ مالٍ، فلَزِمَه الوفاءُ به، كثَمَنِ الْمَبيعِ، والمشْرُوطُ فى عَقْدِ الهُدْنَةِ فى مَوْضِعٍ يجوزُ شَرْطُه، وما ذَكَرُوه باطِلٌ بما إذا شرطَ رَدَّ مَن جاءَه مُسْلِمًا، أو شَرَطَ لهم مالًا فى عَقْدِ الهُدْنَةِ. فأمَّا إنْ عَجَزَ عن الفِدَاءِ، نَظَرْنا؛ فإنْ كان المُفادَى امرأةً، لم تُرْجَعْ إليهم، ولم يَحِلَّ لها ذلك؛ لقولِ اللَّه تعالَى:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (7). ولأنّ فى رُجُوعِها تَسْلِيطًا لهم على وَطْئِها حَرامًا، وقد مَنَعَ اللَّهُ
(1) تقدم تخريجه، فى: 1/ 146.
(2)
فى م: "ألزمه".
(3)
فى م: "أيضًا". وانظر: الشرح الكبير 5/ 596.
(4)
سورة النحل 91.
(5)
فى م زيادة: "بذلك".
(6)
تقدم فى صفحة 161، 162.
(7)
سورة الممتحنة 10.