الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهلِ العلمِ. وقال ابنُ عبَّاسٍ: الجِرِّىُّ لا تأكُلُه اليهودُ (18). ووافَقَهم الرافِضَةُ، ومُخالَفَتُهم صَوابٌ.
فصل:
وعن أحمد فى السمكَةِ تُوجَدُ فى بطنِ سَمَكَةٍ أُخْرَى، أو حَوْصَلَةِ طائِرٍ، أو يُوجَدُ فى حوصَلَتِه جَرادٌ، فقال فى مَوْضِعٍ: كلُّ شىءٍ أُكِلَ مَرَّةً لا يُؤْكَل. وقال فى مَوْضِعٍ: الطَّافِى أشَدُّ من هذا، وقد رَخَّصَ فيه أبو بكرٍ رضِىَ اللَّهُ عنه (19). وهذا هو الصَّحِيحُ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ فيما فى (20) بطنِ السَّمَكَةِ، دونَ ما فى حَوْصَلَةِ الطَّائِرِ؛ لأنَّه كالرَّجِيعِ، ورَجِيع الطائِرِ عندَه نَجسٌ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتانِ ودَمانِ". ولأنَّه حيوانٌ طاهِرٌ فى مَحَلٍّ طاهِرٍ، لا تُعْتَبَرُ له ذَكاةٌ، فأبِيحَ، كالطَّافِى فى السَّمَكِ. وهكذا يُخَرَّجُ فى الشَّعِيرِ يُوجَدُ فى بَعْرِ الجملِ، أو خِثْى الْجَوامِيسِ (21)، ونحوِها.
1747 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا وَقَعَتِ النَّجاسَةُ فِى مَائِعٍ، كَالدُّهْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ، نَجُسَ، واسْتَصْبَحَ بِهِ إنْ أحَبَّ، ولَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ وَلَا ثَمَنُهُ)
ظاهرُ هذا أَنَّ النَّجاسَةَ إذا وقَعتْ فى مائِعٍ (1) غيرِ الماءِ، نَجَّسَتْه وإِنْ كَثُرَ. وهذا ظاهِرُ المذهبِ. وعن أحمدَ، رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه لا يَنْجُسُ إذا كثُرَ. قال حَرْبٌ: سَأَلْتُ أحمدَ عن كلبٍ وَلَغَ فى سَمْنٍ أو زيتٍ؟ قال: إذا كان فى آنِيَةٍ كبيرَةٍ، مثل حُبٍّ (2) أو نحوِه، رَجَوْتُ أَنْ لا يكونَ به بَأْسٌ، يُؤْكَل، وإذا كان فى آنِيَةٍ صغيرةٍ، فلا يُعْجِبُنِى أَنْ يُؤْكَلَ. وسُئِل عن كلبٍ وَقَعَ فى خَلٍّ أَكثرَ من قُلَّتَيْنِ، فخرَجَ منه وهو حَىٌّ؟ فقال: هذا أَسْهَلُ مِن
(18) أخرجه البخارى، فى: باب قول اللَّه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} ، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى 7/ 116.
(19)
أخرجه البخارى، فى الموضع السابق. والدارقطنى، فى: كتاب الصيد والذبائح. سنن الدارقطنى 4/ 269، 270. والبيهقى، فى: باب ما لفظ البحر وطفا من ميتة، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى 9/ 253.
(20)
فى الأصل، أ، ب:"من".
(21)
خثى الجواميس: ما ترميه من بطونها.
(1)
فى ب زيادة: "كالدهن وما أشبهه".
(2)
الحب: الجرة، أو الضخمة منها.
أنَّه لو ماتَ. وعنه، رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، ما أصلُه الماءُ كالخَلِّ التَّمْرِىِّ، يَدْفَعُ النجاسَةَ عن نفسِه إذا كَثُرَ، وما ليس أصلُه الماءَ، لا يَدْفَعُ عن نفسِه. قال الْمَرُّوذِىُّ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّه: فإنْ وَقَعَتِ النَّجاسَةُ فى خَلٍّ أو دِبْسٍ؟ فقال: أمَّا الْخَلُّ فأصلُه الماءُ، يَعُودُ إلى أَنْ يكونَ ماءً إذا حُمِلَ عليه. وقال ابن مسعودٍ، فى فَأْرةٍ وقَعَتْ فى سَمْنٍ: إنَّما حَرُمَ من المَيْتَةِ لَحْمُها ودَمُها (3). ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه سُئِلَ عن فَأْرَةٍ وقَعتْ (4) فى سَمْنٍ؟ فقال:"إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا (5) ومَا حَوْلَهَا، فَأَلْقُوه، وإِنْ كَان مَائِعًا، فَلَا تَقْرَبُوه"(6). ولأنَّ غيرَ الماءِ ليس بطَهُورٍ، فلا يَدْفَعُ النَّجاسَةَ عن نَفْسِه، وحُكْمُ الجامِدِ قد ذَكَرْناه فيما تَقَدَّم. واخْتَلَفَت الرِّوايَةُ فى الاسْتِصْباحِ بالزَّيْتِ النَّجِسِ، فأكثرُ الرِّواياتِ إباحَتُه؛ لأنَّ ابنَ عمرَ أمَرَ أَنْ يُسْتَصْبَحَ به. ويجوزُ أَنْ تُطْلَى به سَفِينَةٌ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ. وعن أحمدَ، لا يَجوزُ الاسْتِصْباحُ به. وهو قولُ ابنِ الْمُنْذِرِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن شُحومِ المَيْتَةِ تُطْلَى بها السُّفُنُ، وتُدْهَنُ بها الجلودُ، ويَسْتَصْبِحُ بها النَّاسُ؟ فقال:"لَا، هُوَ حَرَامٌ"(7). وهذا فى مَعْناهُ. ولَنا، أنَّه زَيْتٌ أَمْكَنَ الانْتِفاعُ به من غيرِ ضرَرٍ، فجازَ، كالطاهِرِ. وقد جاءَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى العَجِينِ الذى عُجِنَ بماءٍ من آبارِ ثَمُودَ، أنَّه نَهاهُم عن أكلِه، وأمرَهُم أَنْ يَعْلِفُوه النَّوَاضِحَ (8). وهذا الزَّيتُ ليس بِمَيْتَةٍ، ولا هو من شُحومِها، فيتناوَلُه الخبرُ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَسْتَصْبِحُ به على وَجْهٍ لا يَمَسُّه، ولا تَتَعَدَّى نجاسَتُه إليه؛ إمَّا أَنْ يجعلَ الزَّيْتَ فى إبْرِيقٍ له بُلْبُلَةٌ، ويَصُبَّ منه فى المِصْباحِ، ولا يَمَسَّه، وإمَّا أَنْ يَدَعَ على رأسِ الْجَرَّةِ التى فيها الزَّيْتُ سِرَاجًا مَثْقُوبًا، أو قِنْدِيلًا فيه ثَقْبٌ، ويُطَيِّنَه على رأسِ إناءِ الزَّيْتِ، أو يُشَمِّعَه، وكلّما نقَصَ زَيْتُ السِّراجِ
(3) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى الفأرة تقع فى السمن، من كتاب العقيقة. المصنف 8/ 282.
(4)
فى الأصل، أ، ب:"تقع".
(5)
فى الأصل، أ، ب:"أخذوها".
(6)
تقدم تخريجه، فى: 1/ 44.
(7)
تقدم تخريجه، فى: 1/ 54، 55، 6/ 321.
(8)
أخرجه البخارى، فى: باب قول اللَّه تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} ، من كتاب الأنبياء. صحيح البخارى 4/ 181. ومسلم، فى: باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم. . .، من كتاب الزهد. صحيح مسلم 4/ 2286. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 117.