الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَبِيسُ إلَّا من عِلَّةٍ، إذا عَطِبَ يصيرُ للطَّحْنِ، ويصيرُ ثمنُه في مثلِه، أو يُنْفَقُ ثمنُه على الدَّوَابِّ الحَبِيسِ. وإذا أرادَ أنْ يشترِىَ فرسًا ليَحْمِلَ عليه، فقال أحمد: يُسْتَحَبُّ شِراؤُها من غيرِ الثّغْرِ؛ ليكونَ تَوْسِعَةً على أهلِ الثَّغْرِ في الجَلَبِ.
1634 - مسألة؛ قال: (وَإذا سَبَى الْإِمامُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ رَأَى قَتَلَهُم، وإنْ رأَى مَنَّ عَلَيْهِمْ وأَطْلَقَهُمْ بِلَا عِوَضٍ، وإنْ رأَى أطْلَقَهُمْ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، وإنْ رَأَىَ فَادَى بِهِمْ، وإنْ رَأَىَ اسْتَرَقَّهُم، أىَّ ذلِكَ رَأَى فِيهِ نِكايَةً للْعَدُوِّ، وحَظًّا لِلْمُسْلِمِينَ، فَعَلَ)
وجملتُه أنَّ مَنْ أُسِرَ مِنْ أهْلِ الحَرْبِ على ثلاثةِ أَضْرُبٍ؛ أحدُها، النِّساءُ والصِّبْيانُ، فلا يجوزُ قتلُهم، ويصيرون رَقِيقًا للمسلمين بنَفْسِ السَّبْىِ؛ لأن النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن قَتْلِ النساءِ والوِلْدان. مُتَّفَقٌ عليه (1). وكان عليه الصلاة والسلام يَسْتَرِقُّهم إذا سَباهُم. الثاني، الرجالُ من أَهْلِ الكتاب والْمَجُوسِ الذين يُقَرُّون بالجِزْيَةِ، فيتخَيَّرُ (2) الإِمامُ فيهم بَيْن أربعةِ أشياء؛ القتلُ، والمَنُّ بغيرِ عِوَضٍ، والمُفادَاةُ بِهم، واسْتِرْقاقُهم. الثالثُ، الرِّجالُ من عَبَدَةِ الأَوْثانِ وغيرِهم ممَّن لا يُقَرُّ بالجزْيَةِ، فيتَخَيَّرُ الإِمامُ فيهم بينَ ثلاثةِ أشياء؛ القتْلُ، أو المَنُّ، والمفاداةُ، ولا يجوزُ اسْتِرقاقُهم. وعن أحمد، جَوازُ اسْترقاقِهم. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ. وبما ذَكَرْنا في أهْلِ الكتابِ قال الأوْزاعِىُّ، والشافِعِىُّ، وأَبو ثَوْرٍ. وعن مالِكٍ كمَذْهَبِنا. وعنه لا يجوزُ المَنُّ بغيرِ عِوَضٍ؛ لأنَّه لا
(1) أخرجه البخاري، في: باب قتل الصبيان في الحرب، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 4/ 74. ومسلم، في: باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 1364.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في قتل النساء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 49. وابن ماجه، في: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 947. والدارمى، في: باب النهى عن قتل النساء والصبيان، من كتاب السير. سنن الدارمي 2/ 223. والإِمام مالك، في: باب النهى عن قتل النساء والولدان. . .، من كتاب الجهاد. الموطأ 2/ 447. والإِمام أحمد، في المسند 2/ 22، 23، 76، 91، 100، 115.
(2)
في الأصل، م:"فيخير".
مَصْلَحَةَ فيه (3)، وإنَّما يجوزُ للإِمامِ فِعْلُ ما فيه المَصْلَحَةُ. وحُكِىَ عن الحَسَن، وعَطاءٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْر، كَراهَةُ قَتْلِ الأَسْرَى. وقالوا: لو مَنَّ عليه أو فَاداهُ كما صُنِعَ بأُسَارَى بَدْرٍ. ولأنَّ اللهَ تعالَى قال: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (4). فخيَّرَ بَعدَ الأسْرِ بينَ هذين لا غيرُ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: إنْ شاءَ ضربَ أعْناقَهُم، وإنْ شاءَ اسْتَرَقَهُم، لا غيرُ، ولا يَجوزُ مَنٌّ ولا فِداءٌ؛ لأنَّ اللَّه تعالَى قال:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (5). بعدَ قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} . وكان عمرُ بن عبدِ العزيز، وعِياضُ بن عُقْبَة، يَقْتُلان الأُسارَى. ولنا، على جَوازِ المَنِّ والفِداءِ قولُ اللَّه تعالَى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} . وأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَنَّ على ثُمامَةَ بن أُثالٍ (6)، وأبى عَزَّةَ الشاعرِ (7)، وأبى العاص بن الرَّبِيعِ (8)، وقال في أُسارَى بدرٍ:"لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِىٍّ حَيًّا، ثُمَّ سَأَلَنِى فِي هؤُلَاءِ النَّتْنَى، لأَطْلَقْتُهم لَهُ"(9). وفادَى أُسارَى بدرٍ، وكانُوا
(3) سقط من: الأصل.
(4)
سورة محمد 4.
(5)
سورة التوبة 5.
(6)
أخرج حديث ثمامة، البخاري، في: باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، وباب دخول المشرك المسجد، من كتاب الصلاة، وفى: باب وفد بنى حيفة وحديث ثمامة بن أثال، من كتاب المغازى، صحيح البخاري 1/ 125، 127، 5/ 214، 215. ومسلم، في: باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 186. وأبو داود، في: باب في الأسير يوثق، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 52. والنسائي مختصرا، في: باب تقديم غسل الكافر إذا أراد أن يسلم، من كتاب الطهارة. وفى: باب ربط الأسير بسارية المسجد، من كتاب الصلاة. المجتبى 1/ 91، 92، 2/ 36. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 65، 66.
(7)
سيأتي في الصفحة التالية أنه قتله يوم أحد، وأخرجه البيهقي، في: الباب السابق. السنن الكبرى 9/ 65. وذكر الواقدى قصته، في: المغازى 1/ 110، 111، 142، 201، 308، 309.
(8)
أخرجه أبو داود، في: باب في فداء الأسير بالمال، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود، 2/ 56، 57.
(9)
أخرجه البخاري، في: باب ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس، من كتاب فرض الخمس. صحيح البخاري 4/ 111. أبو داود، في: باب في المن على الأسير بغير فداء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 56. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 80. وعبد الرزاق، في: باب قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى، من كتاب الجهاد. المصنف 2/ 209. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 67.
ثلاثةً وسبعين رجلًا، كلَّ رجلٍ منهم بأرْبَعمائةٍ (10)، وفادَى يومَ بدْرٍ رجُلًا بَرجُلَيْن (11)، وصاحبَ العَضْباءِ بِرَجُلَيْن (12). وأمَّا القَتْلُ؛ فلأنَّ (13) النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رجالَ بنى قُرَيْظَةَ، وهم بين السِّتِّمائة والسَّبْعمائة (14)، وقَتَلَ يومَ بدْرٍ النَّضْرَ بن الحارِث، وعُقْبَةَ بن أبى مُعَيْطٍ، صَبْرًا (15)، وقَتَلَ أبا عَزَّةَ يوم أُحُد. وهذه قصصٌ عَمَّتْ واشْتَهَرتْ، وفعَلَها النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّاتٍ، وهو دليلٌ على جَوازِها. ولأنَّ كلَّ خَصْلةٍ من هذه الخِصالِ قد تكونُ أصْلَحَ في بَعْضِ الأَسْرَى، فإنَّ منهم مَنْ له قُوَّةٌ ونِكايةٌ في المُسْلِمين، وبَقاؤُه ضَرَرٌ
(10) أخرجه أبو داود، في: باب في المنِّ على الأسير بغير فداء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 56. وعبد الرزاق، في: باب قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى، وباب من أسر النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 206، 352. وابن أبي شيبة، في: باب في الفداء من رآه وفعله، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 416. وأبو عبيد، في: باب فتح الأرض عنوة. . .، من كتاب فتوح الأرضين صلحا. الأموال 121. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 68.
(11)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى، من كتاب الجهاد. المصنف 2/ 206، 207. وابن أبي شيبة، في: باب في الفداء ومن رآه في الجهاد، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 416. والبيهقي، في: باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 67.
(12)
يأتي حديثه في المسألة نفسها، في الفصل التالى.
(13)
في أ: "فإن".
(14)
ذكر هذا الواقدى، في: المغازى 2/ 518.
وحديث قتل رجال بنى قريظة، أخرجه البخاري، في: باب إذا نزل العدو على حكم رجل، من كتاب الجهاد. وفى: باب مناقب سعد بن معاذ، من كتاب مناقب الأنصار، وفى: باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، من كتاب المغازى، وفى: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم". من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري 4/ 81، 82، 5/ 44، 143، 8/ 72. ومسلم، في: باب جواز قتال من نقض العهد، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1388، 1389. والترمذي، في: باب ما جاء في النزول على الحكم، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 78، 79. والدارمى، في: باب نزول أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، من كتاب السير. سنن الدارمي. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 22، 71، 350، 6/ 142.
(15)
أخرج حديث قتل النضر وعقبة، ابن أبي شيبة، في: باب غزوة بدر الكبرى، من كتاب المغازى. المصنف 14/ 372. والبيهقي، في باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 64، 65. وأخرج حديث قتل عقبة أبو داود، في: باب في قتل الأسير صبرا، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 55. وعبد الرزاق، في: باب في قتل أهل الشرك صبرا وفداء الأسرى، وباب من أسر النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بدر، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 205، 206، 352.