الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَوْس والسَّهمِ، وإنَّما تُشْتَرَطُ فيما أقيمَ مُقامَ الذَّكاةِ، وهو إرْسالُ الآلَةِ، من الكلْبِ والسَّهْمِ، وقد وُجِدَ الشَّرْطُ ههُنا.
فصل:
إذا أَرسَلَ جماعة كلابًا، وسَمَّوا، فوجَدُوا الصَّيْدَ قتيلًا، لا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَه، حلَّ أكلُه. فإنَّ اخْتَلَفُوا فى قاتِلِه، وكانت الكلابُ مُتَعلِّقَةً به، فهو بينهم على السَّواءِ؛ لأنَّ الجميعَ مُشْتركِة فى إمْساكِه، فأشْبَهَ ما لوكان فى أَيْدِى الصائِدين (20) أو عَبيدِهم. وإِنْ كان البعضُ مُتعلِّقًا به دونَ باقِيها، فهو لِمَنْ كَلْبُه مُتَعَلِّق به، وعلى مَن حكَمْنا له به اليمينُ فى المَسْأَلَتَيْن؛ لأنَّ دَعْواه مُحْتمِلةٌ، فكانت اليمينُ (21) عليه، كصاحِبِ الْيَدِ. وإِنْ كان قتيلًا والكلابُ ناحيةً، وقَفَ الأمْرُ حتَّى يصْطلِحُوا. ويحتملُ أَنْ يُقْرَعَ بينهم، فمَنْ قرَع صاحبَه حَلَفَ، وكان له. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ. وقياسًا (22) على ما لو تَداعيَا دَابَّةً فى يَدِ غيرِهما. وعلى الأوَّلِ، إذا خِيفَ فسادُه، قَبْلَ اصْطلاحِهم عليه، بَاعُوه، ثمَّ اصْطلحُوا على ثَمَنِه.
1708 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا سَمَّى، ورَمَى صَيْدًا، فَأَصَابَ (1)، غَيْرَهُ، جَازَ أَكْلُه)
وجُمْلَة ذلك (2) الأَمْرِ، أنَّ الصيدَ بالسِّهامِ كلِّ مُحَدَّدٍ جائِزٌ، بلا خِلافٍ، وهو داخِلٌ فى مُطْلَقِ قولِه تعالَى:{فَاصْطَادُواْ} (3). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "فَمَا صِدْتَ بقَوْسِكَ، وذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ"(4). وعن أبى قتادَةَ أنَّه كان مع رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرأَى حمارًا وَحْشِيًّا، فاسْتَوَى على فرَسِه، وأخَذَ رُمْحَه، ثمَّ شَدَّ على الحمارِ فقَتَلَه، فلمَّا أَدْرَكُوا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سأَلُوه عن ذلك، فقال:"إنَّما هِىَ طُعْمَة أطعَمَكُمُوهَا اللَّهُ". مُتَّفَقٌ
(20) فى الأصل، م:"الصيادين".
(21)
سقط من: الأصل، ب، م.
(22)
سقطت الواو من: أ، ب، م.
(1)
فى الأصل، ب، م:"فأصابت".
(2)
سقط من: أ.
(3)
سورة المائدة 2.
(4)
تقدم تخريجه، فى صفحة 256.
عليه (5). ويعتبرُ فيه من الشُّرُوطِ ما ذَكَرْنا فى الجارِحِ، إلَّا التَّعْليمَ. وتُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ عند إرسالِ السَّهْمِ، والطَّعْنِ إنْ كان برُمْحٍ، والضَّرْبِ إنْ كان ممّا يُضرَبُ؛ لأنَّه الفِعْلُ الصَّادِرُ منه. وإِنْ تَقَدَّمَت التَّسْمِيَةُ بزَمَنٍ يسيرٍ، جازَ، كما ذكَرْنا فى النِّيَّةِ فى العباداتِ. ويُعْتبَرُ أَنْ يقْصدَ الصَّيْدَ، فلو رَمَى هَدَفًا فأصابَ صَيْدًا، أو قَصَدَ رَمْىَ إنسانٍ أو حجرٍ، أو (6) رَمَى عَبَثًا غيرَ قاصِدٍ صيدًا فقَتَلَه، لم يَحِلَّ. وإِنْ قَصَدَ صَيْدًا، فأصابَهُ وغيرَه، حَلَّا جميعًا، والجارِحُ فى هذا بمنزِلَةِ السَّهْمِ. نَصَّ أحمدُ على هذه المسائِلِ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وقَتادَةَ، وأبى حنيفةَ، والشافِعِىِّ، إلَّا أَنَّ الشافِعِىَّ قال: إذا أرْسَلَ الكلبَ على صَيْدٍ، فأخَذَ آخَرَ فى طريقِه، حَلَّ، وإِنْ عَدَا (7) عن طريقِه إليه، ففيه وَجْهان (8). وقال مالِكٌ: إذا أرْسَلَ كلْبَه على صَيْدٍ (9) بعَيْنِه، فأخَذَ غيرَه، لم يُبَحْ؛ لأنَّه لم يقْصِدْ صَيْدَه، إلَّا أَنْ يُرْسِلَه على صُيودٍ كِبارٍ، فتتفَرَّقُ عن صِغارٍ، فإنَّها تُباحُ إذا أخَذَها. ولَنا، عُمومُ قولِه تعالَى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (10). وقولُه عليه السلام: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ، وذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فكُلْ مِمَّا أمْسَكَ عَلَيْكَ"(11). وقولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ"(12). ولأنَّه أرْسلَ آلةَ الصَّيْدِ على صَيْدٍ، فحلَّ ما صادَهُ،
(5) تقدم تخريجه، فى:13215. ويضاف إليه لما هنا: وأخرجه البخارى، فى: باب ما قيل فى الرماح، من كتاب الجهاد، وفى: باب ما جاء فى التصيد، وباب التصيد على الجبال، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى 4/ 49، 7/ 115، 116. والترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الصيد للمحرم، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 76. والنسائى، فى: باب ما يجوز أكله من الصيد، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 142، 143. والدارمى، فى: باب أكل لحم الصيد للمحرم. . .، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 38، 39. والإِمام مالك، فى: باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 350. والإِمام أحمد، فى: المسند 5/ 301.
(6)
سقط من: م.
(7)
فى م: "عدل".
(8)
فى م: "روايتان".
(9)
فى م: "صيده".
(10)
سورة المائدة 4.
(11)
تقدم تخريجه، فى صفحة 257.
(12)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى الصيد، من كتاب الصيد. سنن أبى داود 2/ 99. والترمذى، فى: باب ما جاء ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذى 6/ 252. وابن ماجه، فى: باب صيد القوس، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه 2/ 1071. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 184، 4/ 193، 195، 5/ 388.