الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَبَرَ البَيِّنَةَ، وإطْلاقُها ينْصَرفُ إلى شاهِدَيْن، ولأنَّها دَعْوَى للقَتْلِ، فاعْتُبِرَ شاهدان، كقَتْلِ العَمْد.
فصل:
ويجوزُ سَلْبُ القَتْلَى وَتَرْكُهم عُراةً. وهذا قولُ الأوْزَاعِىِّ. وكرِهَه الثَّوْرِىُّ، وابنُ المُنذِرِ، لما فيه من كَشْفِ عَوْراتِهم. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى قَتِيلِ سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ:"لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ"(15). وقال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ". وهذا يتناوَلُ جَمِيعَه.
1641 - مسألة؛ قال: (ومَنْ أعْطَاهُمُ الْأمَانَ مِنَّا؛ مِنْ رجُلٍ، أو امْرَأةٍ، أو عَبْدٍ، جَازَ أمَانُهُ)
وجملتُه أنَّ الأمانَ إذا أُعْطِىَ أهلَ الحربِ، حَرُمَ قَتْلُهم ومالُهم والتعرُّضُ لهم. ويصِحُّ من كلِّ مُسْلِم بالغٍ عاقلٍ مُخْتارٍ، ذكرًا كان أو أُنْثى، حُرًّا كان أو عبدًا. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ القاسِمِ، وأكثرُ أهلِ العلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن الخطَّابِ، رضِىَ اللهُ عنه. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ: لا يصحُّ أمانُ العبْدِ، إلَّا أنْ يكونَ مَأْذُونًا له فى القِتالِ؛ لأنَّه لا يجبُ عليه الجهادُ، فلا يصِحُّ [أمانه، كالصَّبِىِّ](1)، ولأنَّه مَجْلُوبٌ من دارِ الحَرْبِ (2)، فلا يُؤْمَنُ أنْ ينْظُرَ لهم فى (3) تَقْدِيمِ مَصْلحَتِهم. ولَنا، ما روَى علىٌّ (4)، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أدْناهُم، فَمَنْ أخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَليْهِ لَعْنَةُ اللهِ والْمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". روَاه البُخارِىُّ (5). ورَوَى فُضَيْلُ بن يزيدَ الرَّقاشِىُّ، قال: جهَّزَ عمرُ بن الخطَّابِ جيشًا، فكنْتُ فيه، فحَصَرْنا مَوْضِعًا، فرأيْنا
(15) تقدم تخريجه، فى صفحة 68.
(1)
فى م: "أمانة الصبى".
(2)
فى م: "الكفر".
(3)
سقط من: الأصل، م.
(4)
سقط من: م.
(5)
تقدم تخريجه عن على وغيره، فى: 11/ 460.
أنَّا سنَفْتَحُها اليومَ، وجعَلْنا نُقْبِلُ وَنرُوحُ، فبَقِىَ عبْدٌ منَّا (6)، فرَاطَنَهُم ورَاطَنُوه، فكتَبَ لهم الأمانُ فى صَحِيفةٍ، وشدَّها على سَهْمٍ، ورَمَى بها إليهِم، فأخذُوها، وخرجُوا، فكتبَ بذلك إلى عمرَ بن الخَطَّابِ، فقال: العبدُ المسلمُ رجل من المسلمين، ذِمَّتُه ذِمَّتُهم. رواه سعيدٌ (7). ولأنَّه مسلمٌ مكَلَّفٌ، فصَحَّ أمانُه، كالحرِّ. وما ذكَرُوه من التُّهْمَةِ يبْطُلُ بما إذا أُذِنَ له فى القتالِ، فإنَّه يصِحُّ أمانُه، وبالمرأةِ، فإنَّ (8) أمانَها يصِحُّ، فى قولهم جميعا. قالت عائِشَةُ: إنْ كانت المرأةُ لَتُجِيرُ على المسلمين (9) فيَجُوزُ. وعن أمِّ هانِئٍ، أنَّها قالت: يا رسولَ اللَّه، إنِّى أجَرْتُ أحْمائِى، وأغْلَقْتُ عليهم، وإنَّ ابنَ أُمِّى أرادَ قتْلَهُم. فقال لها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ، إنَّما يُجيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أدْنَاهُمْ". روَاهما سعيدٌ (10). وأجارَتْ زينبُ بنْتُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا العاص بن الرَّبِيعِ، فأمْضاهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم (11).
(6) سقط من: الأصل.
(7)
فى: باب ما جاء فى أمان العبد، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 233.
كما أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الجوار، وجوار العبد والمرأة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 222، 223. وابن أبى شيبة، فى: باب فى أمان المرأة والمملوك، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 453، 454.
(8)
فى م: "فإنها".
(9)
فى الأصل، أ:"المؤمنين".
(10)
فى: باب المرأة تجير على القوم، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 234.
كما أخرج الأول البيهقى، فى: باب أمان المرأة، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 95. وعبد الرزاق، فى: باب الجوار، وجوار العبد والمرأة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 223.
وأخرج الثانى البخارى، فى: باب الصلاة فى الثوب الواحد ملتحفا به، من كتاب الصلاة، وفى: باب أمان النساء وجوارهن، من كتاب الجزية، وفى: باب ما جاء فى زعموا، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 1/ 100، 4/ 122، 8/ 46. ومسلم، فى: باب استحباب صلاة الضحى، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها. صحيح مسلم 1/ 498. وأبو داود، فى: باب فى أمان المرأة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 77. والدارمى، فى: باب صلاة الضحى، من كتاب الصلاة، وفى: باب يجير على المسلمين أدناهم، من كتاب السير. سنن الدارمى 1/ 339، 2/ 234. والإمام مالك، فى: باب صلاة الضحى، من كتاب قصر الصلاة فى السفر. الموطأ 1/ 152. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 341، 343.
(11)
أخرجه البيهقى، فى: باب أمان المرأة، من كتاب السير. السنن الكبرى 9/ 95. وعبد الرزاق، فى: باب الجوار، وجوار العبد والمرأة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 224، 225.
وانظر ما تقدم فى صفحة 45.