الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (4). وقول النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلهَ إلَّا اللَّهُ. فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُم وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا"(5). وهذا عامٌّ خُصَّ منه أهلُ الكتابِ بالآيَةِ، والْمَجُوسُ بقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ"(6). فمَنْ عَداهم من الكُفَّارِ يَبْقَى على قَضِيَّةِ العُمومِ. وقد بَيَّنَّا أنَّ أهلَ [الصُحُفِ من](7) غيرِ أهلِ الكتابِ الْمُرادُ بالآيةِ فيما تقدَّم.
فصل:
وإذا عَقَدَ (8) الذِّمَّةَ لكفارٍ زَعَمُوا أَنَّهم من أهلِ الكتابِ، ثمَّ تبَيَّنَ أَنَّهُم عَبَدَةُ أوْثانٍ (9)، فالعَقْدُ باطِلٌ من أصْلِه. وإِنْ شَكَكْنا فيهم، لم ينْتَقِضْ عَهْدُهم بالشَّكِّ؛ لأنَّ الأصلَ صِحَّتُه، فإنْ أَقَرَّ بعضُهم بذلِك دونَ بَعْضٍ، قُبِلَ من المُقِرِّ فى نفسِه، فانْتَقَضَ عَهْدُه، وبَقِىَ فى (10) حَقِّ [مَنْ لم](11) يُقِرَّ بحالِه.
1689 - مسألة؛ قال: (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُم الْجِزْيَةَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ؛ فَيُؤْخَذُ مِنْ أدْوَنِهمْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَمِنْ أوْسَطِهِمْ أرْبَعَة وعِشْرُونَ دِرْهَمًا، ومِنْ أَيْسَرِهِمْ ثَمانِيَةٌ وأَرْبَعُون دِرْهَمًا)
الكلامُ فى هذه المسأَلَةِ فى فَصْلَيْن: أحدُهما، فى تقديرِ الجِزْيَةِ. والثانى، فى كِمِّيَةِ مِقْدارِها.
فأمَّا الأوَّلُ
، ففيه ثلَاثُ رواياتٍ؛ إحْدَاها (1)، أَنَّها مُقَدَّرَةٌ بمقْدارٍ (2) لا يُزادُ عليه، ولا
(4) سورة التوبة 5.
(5)
تقدم تخريجه، فى: 4/ 6.
(6)
تقدم تخريجه، فى: 9/ 547.
(7)
فى م: "من الصحف".
(8)
فى أ: "عقدت".
(9)
فى ب، م:"الأوثان".
(10)
سقط من: أ.
(11)
فى م: "لم من".
(1)
فى الأصل، ب، م:"أحدها".
(2)
فى م: "بمقدر".
يُنْقَصُ منه. وهذا قولُ أبى حنيفَةَ، والشافِعِىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَرَضَها مُقَدَّرَةً، بقولِه لمعُاذٍ:"خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ"(3). وفَرَضَها عمرُ مُقَدَّرَةً بمَحْضَرٍ من الصحابَةِ، فلم يُنْكَرْ، فكان إجْماعًا. والثانِيَةُ، أنَّها غيرُ مُقَدّرَةٍ، بل يُرْجَعُ فيها (4) إلى اجْتهادِ الإِمامِ فى الزِّيادَةِ والنُّقْصانِ. قال الأَثْرَمُ: قيل لأبى عبد اللَّه: فيُزادُ اليومَ فيه (5)، ويُنْقَصُ؟ [يعنى مِن (6) الْجِزْيَةِ. قال: نعم، يُزادُ فيه ويُنْقَصُ] (7) على قَدْرِ طاقَتِهم، على قَدْرِ ما يرَى الإِمامُ. وذكَر أَنَّهَ زِيدَ عليهم فيما مَضَى دِرْهمانِ، فجعَلَه خمسين. قال الخَلَّالُ: العملُ فى قولِ أبى عبد اللَّه على ما رَواه الجماعَةُ، [فإِنَّه قال] (8): لا بَأْسَ للإِمامِ أَنْ يَزِيدَ فى ذلك ويَنْقُصَ (9) على ما روَاه عنه أصْحابُه (10) فى عشرةِ مَواضِعَ، فاسْتَقَرَّ قولُه على ذلك. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، أَمَر مُعاذًا أَنْ يأْخُذَ من كلِّ حالِمٍ دِينارًا، وصالَحَ أهلَ نَجْرانَ على ألفَىْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فى صَفَر، والنِّصْفُ فى رَجَبٍ. روَاهما أبو دَاوُدَ (11). وعمرُ جَعَلَ الجِزْيَةَ غلى ثلاثِ طَبَقاتٍ؛ على الغَنِىِّ ثمانيةً وأربعين درهمًا، وعلى المُتوَسِّطِ أربعةً وعشرين درهمًا، وعلى الفقيرِ اثْنَىْ عشرَ درهمًا (12). وصالَحَ بنى تَغْلِبَ على مِثْلَىْ (13) ما على المسلمين من الزكاةِ (14). وهذا يدلُّ على أنَّها إلى رَأْى الإِمامِ، لولا ذلك
(3) تقدم تخريجه، فى: 4/ 30. ومعافر: برود يمنية.
(4)
فى الأصل: "فيه".
(5)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(6)
سقط من: أ، ب، م.
(7)
سقط من: أ. نقل نظر.
(8)
فى أ، ب، م:"بأنه".
(9)
فى أ، ب زيادة:"منه".
(10)
فى م زيادة: "عنه".
(11)
فى: باب فى أخذ الجزية، من كتاب الخراج والفىء والإمارة. سنن أبى داود 2/ 149.
(12)
أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى وضع الجزية والقتال عليها، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 241. والبيهقى، فى: باب الزيادة على الدينار بالصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى 9/ 196.
(13)
فى الأصل، ب، م:"مثل".
(14)
تقدم تخريجه، فى صفحة 207.