الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه؛ لأنَّه حُكْمٌ يُعْتَبَرُ فيه الثُّلثُ، فأشْبَهَ الوَصِيَّةَ به.
فصل:
وإذا نَذَرَ الصدقةَ بقَدْرٍ من المالِ، فأبْرَأَ غرِيمَه من قَدْرِه، يَقْصِد به وفاءَ النَّذْرِ، لم يُجزِئْه، وإِنْ كان الغَرِيمُ من أهلِ الصدقةِ. قال أحمدُ: لا يُجْزِئُه حتى يقْبِضَه. وذلك لأنَّ الصدقةَ تقْتَضِى التَّمْلِيكَ، وهذا إسْقاطٌ، فلم يُجْزِئْه، كما فى الزَّكاةِ. وقال أحمدُ، فى مَن نَذَرَ أن يتصدَّقَ بمالٍ، وفى نفسِه أنَّه ألْفٌ: أجْزأَه أَنْ يُخْرِجَ ما شاءَ. وذلك لأنَّ اسمَ المالِ يقَعُ على القليلِ، وما نَواه زيادةٌ على ما تَناوَله الاسمُ، والنَّذْرُ لا يَلْزَمُ بالنيةِ. والقياسُ أن يَلْزَمَه ما نَواهُ؛ لأنَّه نَوَى بِكلامِه ما يَحْتَمِلُه، فتعَلَّقَ الحُكْمُ به، كاليَمِينِ. وقد نَصَّ أحمدُ، فى مَن نَوى صَوْمًا أو صلاةً، وفى نفسِه أكثرُ ممَّا يتَناوَلُه لَفْظُه، أنَّه يَلْزَمُه ذلك، وهذا كذلك. واللَّهُ أعلمُ.
1854 - مسألة؛ قال: (وَمَنْ نذَرَ أَنْ يَصُومَ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ، كَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمينٍ، وأَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا)
وجُملتُه أَنَّ مَن نَذَرَ طاعةً لا يُطِيقها، أو كان قادرًا عليها، فعجَزَ عنها، فعليه كفَّارةُ يَمِينٍ؛ لِما رَوى عُقبةُ بنُ عامرٍ، قال: نَذَرتْ أخْتى أَنْ تَمْشِىَ إلى بيتِ اللَّه حافِية، فأمَرتْنِى أَنْ أسْتَفْتِىَ لها رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فاسْتفتَيْتُه، فقال:"لتَمْشِ، وَلْتَرْكَبْ". مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأبى داودَ: "ولْتُكَفِّرْ (2) يَمِينَهَا". وللتِّرمِذِىِّ: "وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ". وعن عائشةَ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا نَذْرَ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"(3). قال: "وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ". روَاه أبو داودَ (4)، وقال: وَقَفَهُ مَن روَاه عنِ ابنِ عبَّاسٍ (5). وقال ابنُ عباس: مَن نَذَرَ نذرًا لم يُسمِّه، فكفَّارتُه كفَّارةُ يَمِينٍ،
(1) تقدم تخريجه، فى: صفحة 626.
(2)
فى م: "وتكفر".
(3)
تقدم تخريجه، فى: صفحة 477.
(4)
فى: باب من نذر نذرًا لا يطيقه، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود 2/ 216.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب من نذر نذرا لم يسمه، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 687. والدارقطنى، فى: كتاب النذور. سنن الدارقطنى 4/ 159.
(5)
وهو التالى من قول ابن عباس، حيث رواه بعضهم موقوفًا، كما ذكر أبو داود. ورواه أبو داود وابن ماجه والدارقطنى عن ابن عباس مرفوعا، فى المواضع السابقة. وانظر حاشية الدارقطنى.