الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به، ولا يُعْتبَرُ تَعْيِينُ الرَّاكِبِ؛ لأنَّ الغَرَضَ مَعْرِفَةُ عَدْوِ الفَرَسِ، لا حِذْقِ الراكِب. وكلُّ ما يُعْتَبرُ تَعْيينُه، إذا تَلِفَ انْفَسَخَ العقدُ، ولم يقُمْ غيرُه مَقامَه؛ لأنَّ العَقْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِه، فانْفَسَخَ بِتَلَفِ العَيْنِ، ولأنَّ الغَرَضَ مَعْرِفَةُ حِذْقِ الرَّامِى، أو عَدْوِ الفرَسِ، وقد فاتَتْ مَعْرِفَةُ ذلك بمَوْتِه، ولا يُعْرَفُ حِذْقُه من غيرِه. وما لا يَتَعَيَّنُ، يجوزُ إبْدالُه لعُذْرٍ وغيرِه، وإذا تَلِفَ، قامَ غيرُه مَقامَه. فإنْ شَرَطا أَنْ لا يَرْمِىَ بغيرِ هذه (13) القَوْسِ، ولا بغيرِ هذا السَّهْمِ، أو لا يركبَ غيرَ هذا الراكِبِ. فهذه شُروطٌ فاسِدَةٌ؛ لأنها تُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، أشْبَهت ما (14) إذا شرطَ إصابَة بإصابَتَيْنِ. الثامِنُ، أَنْ تكونَ المُسابَقَةُ فى الإِصابَةِ. ولو قالا: السَّبَقَ لأَبْعَدِنا رَمْيًا، لم يجُزْ؛ لأنَّ الغرَضَ من الرَّمْى الإصابَةُ، لا بُعْدُ المسافَةِ، فإنَّ المقصودَ من الرَّمْى إمَّا قَتْلُ العَدُوِّ، أو جَرْحُه، أو الصَّيْدُ، أو نحوُ ذلك، وكلُّ هذا إنَّما يحْصُلُ من الإِصابَةِ، لا من الإبْعادِ.
فصل:
والمناضَلَةُ على ثَلَاثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، تُسَمَّى المُبادَرَةَ، وهو أَنْ يقولا: مَنْ سَبَقَ إلى خَمْسِ إصاباتٍ من عشرينٍ رَمْيَةً فهو السابِقُ. فأيُّهما سبَقَ إليها مع تَساوِيهِما فى الرِّشْقِ، فقد سَبَقَ. فإذا رَمَيا عشرةً عشرةً، فأصابَ أحدُهما خمسًا، ولم يُصِبْ الآخرُ خَمْسًا، فالمُصِيبُ خَمْسًا هو السابِقُ؛ لأنَّه قد سَبَقَ إلى خَمْسٍ (15)، وسواءٌ أصابَ الآخرُ أرْبَعًا، أو ما دُونَها، أو لم يُصِبْ شيئًا، ولا حاجَةَ إلى إتْمامِ الرِّشْقِ؛ لأنَّ السَّبْقَ قد حصلَ بسَبْقِه إلى ما شَرَطَا (16) السَّبْقَ إليه. وإِنْ أصابَ كل واحِدٍ منهما من العَشَرَةِ (17) خَمْسًا، فلا سابِقَ فيهما، ولا يُكْمِلان الرِّشْقَ؛ لأنَّ جميعَ الإِصابَةِ المشْرُوطَةِ قد حصَلتْ، واسْتَوَيا فيها. فإنْ رَمَى أحدُهما عَشْرًا فأصابَ خمْسًا، ورمَى الآخَرُ تِسْعًا فأصابَ أربعًا، لم يُحْكَمْ بالسَّبْقِ ولا بعَدَمِه، حتى يَرْمِىَ العاشِرَ، فإنْ أَخْطَأَ به، فقد سَبَقَ الأوَّلُ، وإِنْ أصابَ به، فلا سابِقَ فيهما. وإِنْ لم يكُنْ أصابَ من التِّسْعَةِ إلَّا ثلاثًا، فقد
(13) فى أ، ب:"هذا".
(14)
سقط من: الأصل، أ، ب.
(15)
فى م: "خمسة".
(16)
فى م: "شرط".
(17)
فى م: "العشر".
سَبَقَه الأوَّلُ، ولا يَحْتاجُ إلى رَمْى العاشِرِ؛ لأنّ أكثرَ ما يَحْتَمِلُ أنَّه يُصِيبُ به، ولا يُخْرِجُه ذلك عن كَوْنِه مَسْبوقًا. الضَّرْبُ الثانِى، أَنْ يُقوَلا (18): أيُّنا فَضَلَ صاحِبَه بإصابَةٍ أو إصابَتَيْن أو ثلاثٍ من عِشْرِين رَمْيَةً (19)، فقد سبَقَ. ويُسَمَّى مُفاضَلَةً ومُحاطَّةً؛ لأنَّ ما تَساوَيا فيه من الإِصابَةِ مَحْطوطٌ غيرُ مُعْتَدٍّ به. ويلزَمُ إكمالُ الرِّشْقِ إذا كان فى إتْمامِه فائِدَةٌ، فإذا قالا: أيُّنا فَضَلَ صاحِبَه بثلاثٍ، فهو سابِقٌ. فرَمَيا اثْنَتَىْ عشرةَ رَمْيَةً، فأصابَها أحدُهما، وأَخْطَأها الآخَرُ كُلَّها، لم يَلْزَمْ إتْمامُ الرِّشْقِ؛ لأنَّ أكثرَ ما يَحْتَمِلُ أَنْ يُصِيبَ الآخرُ الثمانِىَ الباقِيَةَ، ويُخْطئهَا الأَوَّلُ، ولا يَخْرُجُ الأوَّلُ بهذا عن كَوْنِه سابقًا. وإِنْ كان الأوَّلُ إنما أصابَ من الاثْنَتَى عشرةَ عَشرًا، لَزِمَهما أَنْ يَرْمِيَا الثالِثَةَ عشرةَ، فإنْ أصاباها، أو أَخْطآ، أو أصابَها الأَوَّلُ وَحْدَه. فقد سَبَقَ، ولا يَحْتاجُ إلى إتْمامِ الرِّشْقِ. وإِنْ أصابَها الآخرُ، وأَخْطَأَها الأَوَّلُ، فعليهما أَنْ يَرْمِيَا الرابعَةَ عشرةَ، والحكم فيها وفيما بعدَها، كالحُكْمِ فى الثالِثَةِ عشرةَ، وأنَّه مَتَى أصاباها، أوَ أخْطآ، أو أصابَها الأوّلُ، فقد سَبَقَ، ولا يَرْميان ما بعدَها. وإِنْ أصابَها (20) الآخرُ وَحْدَه، رَمَيا ما بَعْدَها. وهكذا كُلُّ مَوْضِعٍ كان فى إتْمامِ الرِّشْقِ فائِدَةٌ لأحَدِهما، لَزِمَ إتْمامُه، وإِنْ يئس من الفائِدَة، لم يلزمْ إتمامُه، فإذا بَقِىَ من العَدَدِ ما يُمْكِنُ أَنْ يَسْبِقَ أحدُهما به صاحِبَه، أو يُسْقِطَ أحدُهما به سَبْقَ صاحِبِه، لَزِمَ الإتْمامُ، وإلَّا فلا، فإذا كان السَّبْقُ يحْصُلُ بثلاثِ إصاباتٍ من عشرين، فرَمَيَا ثمانِىَ عشرةَ، فأخْطآها، أو أصاباها، أو تَساوَيا فى الإِصابَةِ فيها، لم يَلْزَمِ الإِتْمامُ (21)؛ لأنَّ أكثرَ ما يَحْتَمِلُ أَنْ يُصيبَ أحَدُهما هاتَيْن الرَّمْيَتَيْن، ويُخْطِئَهما الآخَرُ، ولا يَحْصُلُ السَّبْقُ بذلك. وكذلك إنْ فَضَلَ (22) أحَدُهما الآخَرَ بخَمْس إصاباتٍ فما زادَ، لم يَلْزَمِ الإِتْمامُ؛ لأنَّ إصابةَ الآخَرِ بالسَّهْمَيْن الباقِيَيْن لا يُخْرِجُ الآخَرَ عن كَوْنِه فاضلًا بثلاثِ إصاباتٍ، وإِنْ لم يفْضُلْه إلَّا بأرْبَعٍ، رَمَيا السَّهمَ الآخِرَ، فإنْ أصابَه المَفْضُولُ وَحْدَه، فعليهما رَمْىُ الآخِرِ، فإنْ أصابَه المفْضُولُ أيضًا، سَقَطَ سَبْقُ الأَوَّلِ، وإِنْ أَخْطآ فى
(18) فى م: "يقول".
(19)
سقط من: ب.
(20)
فى الأصل، أ، ب:"أصاب بها".
(21)
فى م: "إتمام الرشق".
(22)
فى ب: "يفضل".