الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامِرٍ الجُهَنِىُّ يَمُرُّ بى فيقولُ: يا خالدُ، اخْرُجْ بنا نَرْمِى. فلَمَّا كان ذاتَ (14) يومٍ، أَبْطَأْتُ عنه، فقال: هَلُمَّ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُه من رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ اللَّه يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الجَنَّةَ؛ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فى صَنْعَتِهِ (15) الخَيْرَ، والرَّامِىَ بِهِ، ومُنْبِلَهُ، ارْمُوا وارْكَبُوا، وأَنْ تَرْمُوا أحَبُّ إلَىَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، ولَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثٌ؛ تَأدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، ومُلَاعَبَتُه أَهْلَهُ، ورَمْيُهُ بقَوْسِهِ ونَبْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ الرَّمْىَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ، رَغْبَةً عَنْهُ، فَإنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا". وعن مُجاهِدٍ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ مِنْ لَهْوِكُمْ إِلَّا الرِّهَانَ والنِّضَالَ"(16). قال الأَزْهَرِىُّ: النِّضالُ فى الرَّمْىِ، والرِّهانُ فى الخيلِ، والسِّباقُ فيهما. قال مُجاهِد: وَرَأَيْتُ ابنَ عمرَ يشْتَدُّ بين الهَدَفَيْن، إذا أصابَ خصلةً قال: أنا بِها، أنا بِها (17). وعن حُذَيْفَةَ مِثْلُه.
1774 - مسألة؛ قال: (والسَّبْقُ فى النَّصْلِ والْحَافِرِ والْخُفِّ لَا غَيْرُ)
السَّبْقُ بسكونِ الباءِ، والسَّبَقَ (1) بفَتْحِها: الجُعْلُ الْمُخْرجُ فى المُسابقَةِ. والمرادُ بالنَّصْلِ ههُنا السَّهْمُ ذو النَّصْلِ، وبالحافرِ الفَرَسُ، وبالخُفِّ البعيرُ، عَبَّر عَن كُلِّ واحدٍ منها بجُزْءٍ منه يخْتَصُّ به. ومرادُ الْخِرَقِىِّ أَنَّ المُسابَقَةَ بعِوَضٍ لا تجُوزُ إلَّا فى هذه الثلاثَةِ. وبهذا قال الزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ. وقال أهلُ العراق: يجوزُ ذلك فى المُسابَقَةِ على الأقْدامِ، والمُصارَعَةِ؛ لورودِ الأَثَرِ بهما، فإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سابَقَ عائشةَ (2)، وصارَعَ رُكانَةَ (2).
= جاء فى فضل الرمى فى سبيل اللَّه، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 135، 136. والنسائى، فى: باب ثواب من رمى بسهم. . .، من كتاب الجهاد، وفى: باب تأديب الرجل فرسه، من كتاب الخيل. المجتبى 6/ 24، 185. وابن ماجه، فى: باب الرمى، فى سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 940. والدارمى، فى: باب فى فضل الرمى والأمر به، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى 2/ 204، 205. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 144، 146، 148.
(14)
لم يرد فى: الأصل.
(15)
فى ب، م:"صنعه".
(16)
أخرجه سعيد بن منصور، فى الباب السابق. السنن 2/ 172.
(17)
أخرجه سعيد بن منصور، فى: الباب السابق. السنن 2/ 173.
(1)
فى ب: "السابقة". وفى م: "المسابقة".
(2)
تقدم التخريج فى الصفحة السابقة.
ولأَصْحابِ الشافِعِىِّ وَجْهان، كالمَذْهَبَيْنِ. وهم فى المُسابَقَةِ فى الطُّيورِ والسُّفُنِ وَجْهان، بِناءً على الوَجْهَيْنِ فى المُسابَقَةِ على الأقْدامِ والمُصارَعَةِ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُريرَةَ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا سَبْقَ إِلَّا فِى نَصْلٍ، أو خُفٍّ، أو حَافِرٍ". روَاه أبو داوُدَ (3). فنَفَى السَّبْقَ فى غيرِ هذه الثلاثَةِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُرادَ به نَفْىُ الجُعْلِ، أى لا يجوزُ الجُعْلُ إلَّا فى هذه الثلاثَةِ. ويَحْتَملُ أَنْ يُرادَ به نَفْيُ المُسابَقَةِ بعِوَضٍ، فإنَّه يتَعَيَّنُ حَمْلُ الخبرِ على أحَدِ الأَمْرَيْنِ، للإِجْماعِ على جوازِ المسابَقَةِ بغيرِ عِوَضٍ فى غيرِ (4) هذه الثلاثة، وعلى كُلِّ تقديرٍ فالحديثُ حُجَّةٌ لنا. ولأنَّ غيرَ هذه الثلاثةِ لا يُحْتاجُ إليها فى الجهادِ (5)، كالحاجَةِ إليها، فلم تجُزِ المُسابقَةُ عليها بعِوَضٍ، كالرَّمْى بالحِجارَةِ ورَفْعِها. إذا ثَبَتَ هذا، فالمُرادُ بالنَّصْلِ السِّهامُ من النُّشَّابِ والنَّبْلِ دونَ غيرِها (6)، والحافِر الخيلُ وَحْدَها، والخُفِّ الإِبِلُ وَحْدَها. وقال أصحابُ الشافِعِىِّ: تجوزُ المُسابَقَةُ بكَلِّ ما له نَصْلٌ منِ الْمَزاريِقِ، وفى [الرُّمْحِ والسَّيْفِ](7) وَجْهان، وفى الفيل والبِغالِ والحميرِ وَجْهان؛ لأَنَّ للمَزاريِقِ والرِّماحِ والسيوفِ نَصْلًا، وللفِيَلَةِ (8) خُفٌّ، وللبغالِ والحميرِ حَوافِرُ، فتدْخُلُ فى عُمومِ الخبرِ. ولَنا، أَنَّ هذه الحيواناتِ المُخْتَلَفَ فيها لا تصْلُحُ للكَرِّ والفَرِّ، ولا يُقاتَلُ عليها، ولا يُسْهَمُ لها، والفِيلُ لا يُقاتِلُ عليه أهلُ الإِسلامِ، والرِّماحُ والسُّيوفُ لا يُرْمَى بها، فلم تجُزِ المُسابَقَةُ عليها، كالبقَرِ والتِّراسِ (9)، والخبرُ ليس بعامٍّ فيما تجوزُ المسابَقَةُ
(3) فى: باب فى السبق، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 28.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الرهان والسبق، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 192. والنسائى، فى: باب السبق، من كتاب الخيل. المجتبى 6/ 188. وابن ماجه، فى: باب السبق والرهان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 960. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 256، 358، 385، 474.
(4)
سقط من: م.
(5)
فى الأصل: "غيرها".
(6)
فى م: "غيرهما".
(7)
فى ب: "الرماح والسيوف".
(8)
فى الأصل، أ:"وللفيل".
(9)
التراس: جمع الترس.