الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صغيرًا أو كبيرًا، مَحْجُورًا عليه أو غيرَ مَحْجُورٍ عليه، إِلَّا أَنَّ مَنْ لا حَجْرَ عليه يقْبِضُ لِنَفْسِه، أو يَقْبِضُ له وَكِيلُه، والمَحْجورُ عليه كالصَّغيرِ والمجنونِ، يقْبِضُ له وَلِيُّه.
1805 - مسألة؛ قال: (لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ دَقيقٍ، أو رِطْلانِ خُبْزًا، أو مُدَّانِ تَمْرًا أو شَعِيرًا)
أمَّا مِقْدارُ ما يُعْطاهُ (1) كُلُّ مِسْكِينٍ وجِنْسُه، فقد ذكَره (2) فى بابِ الظِّهارِ (3). ونَصَّ الخِرَقِىُّ على أنَّه يُجْزِئُ الدَّقيقُ والخبزُ. ونَصَّ أحمدُ عليه أيضًا. ورُوِىَ عنه، لا يُجْزِئُ الخُبْزُ. وهو قولُ مالِكٍ، والشافِعِىِّ، وقالا (4): لا يجزئُ دقيقٌ ولا سَوِيقٌ؛ لأَنَّه خرَجَ عن حالَةِ الكمالِ والادِّخارِ، ولا يُجْزِئُ فى الزَّكاةِ، فلم يُجْزِئُ فى الكَفَّارَةِ، كالقِيمَةِ. ولَنا؛ قولُ اللَّه تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (5). وهذا قد أَطعَمَهم من أَوْسَطِ ما يُطْعِمُ أَهلَه، فوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَه. روَى الإِمامُ أحمدُ، فى كتابِ "التفسيرِ"، بإسْنادِهِ عن ابنِ عمرَ:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} . قال: الخُبْزُ واللَّبَنُ. وفى رِوايَةٍ عنه، قال: مِنْ أَوْسَطِ [ما نُطْعِمُ أهْلينَا](6): الخبزُ والتَّمْرُ، والخُبْزُ والزَّيْتُ، والخُبْزُ والسَّمْنُ. وقال أبو رَزِين (7):{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} : خُبْزٌ وزَيْتٌ وخَلٌّ. وقال الأَسْوَدُ بنُ يَزِيدَ: الخبزُ والتَّمْرُ. وعن عَلِىّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: الخُبْزُ والتَّمْرُ، الخبزُ والسمنُ، الخبزُ واللّحمُ. وعن ابنِ سِيرِينَ، قال: كانُوا يقولون: أفضَلُه الخبزُ واللحمُ، وأوسَطُه الخبزُ والسَّمْنُ، وأخَسُّهُ الخبزُ والتَّمْرُ. وقال عَبِيدةُ: الخُبْزُ والزَّيْتُ. وسألَ رجلٌ شُرَيحًا: ما أوسطُ طعامِ أهْلِى؟ فقال شُرَيْحٌ: إِنَّ الخبزَ والخَلَّ والزَّيْتَ لَطيِّبٌ (8). فقال له الرَّجلُ (9): أفرأيْتَ الْخُبزَ واللَّحمَ؟
(1) فى م: "يعطى".
(2)
فى م: "ذكرناه".
(3)
تقدم فى: 11/ 94.
(4)
فى الأصل، م:"وقال".
(5)
سورة المائدة 89. وورد فى م زيادة: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ}.
(6)
فى م: "تطعمون أهليكم". على أنه من الآية.
(7)
انظر: تفسير الطبرى (شاكر) 10/ 534.
(8)
فى ب: "الطيب".
(9)
فى م: "رجل".
قال: أرْفَعُ طَعامِ أهلِكَ، أو طعامِ (10) الناسِ؟ وعن علىٍّ، والحسن، والشَّعْبِىِّ، وقَتادَةَ، ومالِكٍ، وأبى ثَوْرٍ: يُغَدِّيهم أو يُعَشِّيهم. وهذا اتِّفاقٌ على تَفْسيرِ ما فى الآيةِ بالخُبْزِ، ولأنَّه أطْعَمَ المساكِينَ من أوْسَطِ طَعامِ أهْلِه، فأَجْزَأَهُ، كما لو أعْطاه حَبًّا، ويُفارِقُ الزَّكاةَ من وَجْهَيْن؛ أحدهما، أَنَّ الواجِبَ عليه عُشْرُ الحبِّ وعُشْرُ الحبِّ حَبٌّ، فاعْتُبِرَ الواجبُ، وههُنا الواجِبُ الإِطْعامُ، والخبزُ أَقْرَبُ إليه. والثانى، أَنَّ دَفْعَ الزَّكاةِ يُرادُ للاقْتِياتِ فى جميعِ العامِ، فيَحْتاجُ إلى ادِّخارِه، فاعْتُبِرَ أَنْ يكونَ على صِفَةٍ تُمْكِنُ (11) ادِّخارَه عامًا، والكَفَّارَةُ تُرادُ لدَفْعِ حاجَةِ يومِه، ولهذا تَقَدَّرَت بما الغالبُ أنَّه يَكْفِيه ليومِه (12)، والخبزُ أقْرَبُ إلى ذلك؛ لأنَّه قد كَفاهُ مُؤْنَةَ طَحْنِه وخَبْزِه. إذا تقرَّرَ هذا، فإنَّه إِنْ أَعْطَى المِسْكينَ (13) رِطْلَى خُبْزٍ بالعِرَاقِىِّ، أجْزَأَه؛ لأنَّه لا يكونُ من أقلَّ من مُدٍّ، وقُدِّرَ ذلك بالرِّطْلِ الدِّمَشْقِىِّ الذى هو سِتُّمائة دِرْهَمٍ، خمسُ أواقٍ وسُبعُ أوقِيَّةٍ، وإِنْ طَحَنَ مُدًّا، وخَبَزَه، [ودفع خُبْزَه](14)، أَجْزأَهُ. نَصَّ عليه أحمدُ. وكذلك إِنْ (15) دَفَعَ دقيقَ الْمُدِّ إلى السكينِ، أَجزَأَهُ. وإِنْ دفَعَ الدَّقِيقَ من غيرِ تَقْديرِ حِنْطَتِه، فقال أحمدُ: يُجْزِئُه بالوَزْنِ رِطْلٌ وثلُثُ، ولا يُجْزِئُه إخْراجُ مُدِّ دقيقٍ بالكَيْلِ؛ لأنَّه يَرُوعُ (16) بالطَّحْنِ، فيُحَصِّلُ (17) فى مُدِّ دقيقِ الحَبِّ (18) أقلَّ من مُدِّ الحَبِّ. وإِنْ زادَ فى الدَّقيقِ عن مُدٍّ، بحيثُ يُعْلَمُ أنَّه قَدْرُ مُدِّ حِنْطَةٍ، جازَ. وقولُ الْخِرَقِىِّ (19): مُدٌّ من دقيقٍ. يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ إخْراجَه بالوَزْنِ، كما ذكرَ أحمدُ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ مُدًّا من الحِنْطَةِ، طَحَنَه ثم أخْرَجَ دَقيقَه، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ إخْراجَ ما يَعْلَمُ أَنَّ حَبَّه مُدٌّ؛ لما ذكرْنا. ويجبُ أَنْ يُحْمَلَ قولُه فى الدَّقيقِ
(10) فى ب، م:"وطعام".
(11)
فى م زيادة: "من".
(12)
فى ب: "ليوم".
(13)
فى الأصل: "المساكين".
(14)
سقط من: م.
(15)
فى م: "إذا".
(16)
كذا ورد فى النسخ. وراعت الحنطة، تريع: نمت وزادت.
(17)
فى م: "فحصل".
(18)
فى ب: "النقص".
(19)
فى م زيادة: "فى".