الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب السَّبْقِ والرَّمْى
المسابَقَةُ جائِزَة بالسُّنَّةِ والإِجْماعِ. أمَّا السُّنَّةُ، فرَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ المُضْمَرَةِ (1) من الْحَفْياءِ إلى ثَنِيَّةِ الوَداعِ، وبين التى لم تُضْمَرْ من ثَنِيةِ الوَداعِ إلى مَسْجِدِ بنى زُريقٍ. مُتَّفَقٌ عليه (2). قال موسى بنُ عُقْبَةَ: من الحَفْيَاءِ إلى ثَنِية الوَداع سِتَّةُ أميالٍ أو سبعَةُ أميالٍ. وقال سفيانُ: من الثَّنِيَّةِ إلى مسجِدِ بنى زُريقٍ مِيلٌ أو نحوُه، وأَجْمَعَ المسلمون على جوازِ المُسابَقَةِ فى الجملةِ. والمُسابَقَةُ على ضَرْبَيْنِ؛ مُسابَقَة بغيرِ عِوَضٍ، ومُسابَقَةٌ بعِوَضٍ. فأمَّا المسابَقَةُ بغيرِ عِوَضٍ، فتجُوزُ مُطْلَقًا من غيرِ تَقْييدٍ بشىءٍ مُعَيَّنٍ، كالمسابَقَةِ على الأقْدامِ، والسُّفُنِ، والطُّيورِ، والبغالِ، والحُمُرِ (3)، والفِيَلَةِ، والْمَزارِيقِ (4)، والْمُصارَعَةِ (5)، ورَفْعِ الحجَرِ، ليُعْرَفَ (6) الأَشَدُّ، وغيرِ هذا؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم
(1) المضمرة: التى قلل علفها، وأدخلت بيتا كنينا، وجُلِّلت فيه لتعرق ويجف عرقها، فيخف لحمها وتقوى على الجرى.
(2)
أخرجه البخارى، فى: باب هل يقال: مسجد بنى فلان؟ من كتاب الصلاة، وفى: باب إضمار الخيل للسبق، . . .، من كتاب الجهاد، وفى: باب ما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم وحَضَّ على اتفاق أهل العلم. . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى، 1/ 114، 4/ 38، 9/ 129. ومسلم، فى: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1491.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الرهان والسبق، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 189، 190. والنسائى، فى: باب غاية السبق للتى لم تضمر، وباب إضمار الخيل للسبق، من كتاب الجهاد. المجتبى 6/ 187، 188. وابن ماجه، فى: باب السبق والرهان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 960. والدارمى، فى: باب فى السبق، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى 2/ 212. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى الخيل والمسابقة بينها. . .، من كتاب الجهاد. الموطأ 2/ 467، 468.
(3)
فى م: "والحمير".
(4)
المزاريق: الرماح القصيرة.
(5)
فى م: "وتجوز المصارعة".
(6)
فى ب: "ليعلم".
كان فى سَفَرٍ مع عائِشَةَ، فسابَقَتْهُ على رِجْلِها، فَسَبَقتْه، قالت: فلمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ، سابَقْتُه، فسَبَقَنِى، فقال:"هذِهِ بِتِلْكَ". روَاه أبو داوُدَ (7). وسابَقَ سَلَمةُ بنُ الأَكْوَعِ رجلًا من الأَنْصارِ بينَ يَدَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى يوم ذِى قَرَدٍ (8). وصارَعَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم رُكانَةَ، فصَرَعَه. روَاه التِّرْمِذِىُّ (9). ومَرَّ بقومٍ يَرْبَعُون حَجَرًا -يعنى يَرْفعُونَه ليعرِفُوا الأشَدَّ منهم- فلم يُنْكِرْ عليهم (10). وسائِرُ المسابَقَةِ يُقاسُ على هذا. وأما الْمُسابَقَةُ بعِوضٍ، فلا تجوزُ إلَّا بينَ الخيلِ، والإِبلِ، والرَّمْى؛ لما سَنَذْكُرُه إنْ شاءَ اللَّه تعالَى. واخْتُصّت هذه الثّلَاثَةُ بتَجْويزِ العِوَض فيها؛ لأنَّها من آلاتِ الحربِ المأْمُورِ بتَعَلُّمِها، وإحْكامِها، والتفَوُّقِ فيها، وفى المسابَقَةِ بها مع العِوَضِ مبالَغَة فى الاجتهادِ فى النِّهايَةِ لها، والإِحْكامِ لها، وقد وَرَدَ الشَّرْعُ بالأَمْرِ بها، والتَّرغِيبِ فى فِعْلِها، قال اللَّهُ تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (11). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْىُ، أَلَا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْىُ"(12). ورَوَى سعيدٌ، فى "سُنَنِه"(13) عن خالِدِ بن زَيْدٍ، قال: كُنْتُ رجُلًا رامِيًا، وكان عُقْبةُ بنُ
(7) فى: باب فى السبق على الرِّجل، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 28.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 6/ 264.
(8)
ذو قرد: ماء نحو يوم من المدينة، مما يلى بلاد غطفان.
والحديث أخرجه مسلم، فى: باب غزوة ذى قرد وغيرها، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1439. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 53.
(9)
فى: باب العمائم على القلانس، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذى 7/ 278.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى العمائم، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 2/ 376.
(10)
ذكره أبو عبيد، فى غريب الحديث 1/ 15، 16.
(11)
سورة الأنفال 60.
(12)
أخرجه مسلم، فى: باب فضل الرمى والحث عليه، . . .، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1522. وأبو داود، فى: باب فى الرمى، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 13. والترمذى، فى: باب سورة الأنفال، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 11/ 214. وابن ماجه، فى: باب الرمى فى سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 940. والدارمى، فى: باب فى فضل الرمى. . .، من كتاب الجهاد. سنن الدارمى 2/ 204. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 157.
(13)
فى: باب ما جاء فى الرمى وفضله، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 171.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرمى، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 12، 13. والترمذى، فى: باب ما =