الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا من طَعامِهم. ولأنَّه جُزْءٌ من البَهِيمَةِ، لم يُبَحْ لذابِحها، فلم يُبَحْ لغيرِه، كالدَّمِ. ولَنا، ما رَوَى عبدُ اللَّه بنُ مُغَفَّلٍ، قال: دُلِّىَ جِرابٌ من شَحْمٍ من قصرِ خيبرَ، فنَزَوْتُ لآخُذَه، فإذا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَتَبَسَّمُ إلىّ. مُتَّفَقٌ عليه (12). ولأنَّها ذكاةٌ أباحَتِ اللَّحْمَ والجِلْدَ، فأباحَتِ الشَّحْمَ، كذكاةِ المسلمِ. والآيَةُ حُجَّةٌ لنا، فإنَّ مَعْنَى طعامِهم ذبائِحُهُم، كذلك فَسَّرَه العلماءُ، وقياسُهم يَنْتَقِضُ بما ذَبَحَه الغاصِبُ.
فصل:
وإِنْ ذَبَحَ شيئًا يزْعُمُ أَنَّه مُحَرَّمٌ عليه، ولم يثبُتْ، أَنَّه مُحَرَّمٌ عليه، حَلَّ (13)؛ لعمومِ الآيَةِ. وقولُه: إنَّه حرامٌ. غيرُ مَقبُولٍ.
1733 - مسألة؛ قال: (فإنْ كَانَ أَخْرَسَ، أَوْمَأَ إلَى السَّمَاءِ)
قال ابنُ المُنْذِرِ: أَجْمَعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ، على إباحَةِ ذَبيحَةِ الأَخْرَسِ، منهم اللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وهو قولُ الشَّعْبِىِّ، وقَتادَةَ، والحسنِ بن صالحٍ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُشِيرُ إلى السماءِ؛ لأنَّ إشارَتَه تقومُ مَقامَ نُطْقِ الناطِقِ، وإشارَتُه إلى السماءِ تَدُلُّ على قَصْدِه تَسْمِيَةَ الذى فى السماء. ونحو هذا قال الشَّعْبِىُّ. وقد دَلَّ على هذا حَدِيثُ أبى هُريرةَ أَنَّ رجُلًا أتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بجارِيَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنَّ عَلَى رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، أفأَعْتِقُ هذه؟ فقال لها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَيْنَ اللَّهُ؟ ". فأشارَت إلى السَّماءِ، فقال:"مَنْ أَنَا؟ ". فأَشارَتْ بإصْبَعِها إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وإلى السماءِ، أَى أَنْتَ رسولُ اللَّهِ. فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَعْتِقْها، فإنَّها مُؤْمِنَةٌ". روَاه الإِمامُ أحمدُ، والقاضِى الْبرْتِىُّ (1)، فى "مُسْنَدَيْهِما"(2). فحَكَمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بإيمانِها بإشارَتِها إلى السماءِ، تُرِيدُ أنّ اللَّه سبحانَه فيها، فأوْلَى (3) أن يُكْتَفَى بذلك عَلَمًا على التَّسْمِيَةِ. ولو أنَّه أشارَ إشارَةً تدُلُّ على التَّسْمِيَةِ، وعُلِمَ ذلك، كان كافِيًا.
(12) تقدم تخريجه، فى: 1/ 110.
(13)
فى م: "فهو حلال".
(1)
أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتى الحنفى الحافظ، صاحب "المسند"، توفى سنة ثمانين ومائتين. الجواهر المضية 1/ 301 - 303.
(2)
أخرجه أبو داود، ق: باب فى الرقبة المؤمنة، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود 2/ 207. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 291. وانظر: ما تقدم فى: 11/ 82.
(3)
سقط من: م.