الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعدَه (5)، فقد ماتَ بعدَ الاسْتِيلاءِ عليها فى حالٍ لو قُسِمَتْ صَحَّتْ قِسْمَتُها، وكان له سَهْمُه منها، فيَجِبُ أنْ يسْتَحِقَّ سَهْمَه فيها، كما لو ماتَ بعدَ إحْرازِها فى دارِ الإسلامِ. وإذا ثَبَت أنَّه يسْتَحِقُّه، فيكونُ لوَرَثَتِه، كسائِرِ أمْلاكِه (6) وحُقوقِه.
1649 - مسألة؛ قال: (ويُعْطَى الرَّاجِلُ سَهْمًا)
لا خلافَ فى أنَّ للرَّاجِلِ سَهْمًا. وقد جاءَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه أعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا، فيما تقدَّم من الأخبارِ (1)، ولأنَّ الرَّاجلَ يحْتاجُ إلى أقلَّ ممَّا يحْتاجُ إليه الفارِسُ، وغَناؤُه دونَ غَنائِه، فاقْتَضَى ذلك أنْ يكونَ سَهْمُه دُونَ سهْمِه.
فصل:
وسواءٌ كانت الغَنِيمةُ من فَتْحِ حِصْنٍ، أو (2) مدينةٍ، أو من جيشٍ. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وقال الوليدُ بن مُسْلِم: سألْتُ الأوْزَاعِىَّ عن إسْهامِ الخيلِ من غَنائِم الحُصونِ. فقال: كانت الوُلاةُ من قبلِ عمرَ بن عبد العزيزِ، الوليدُ وسليمانُ، لا يُسْهِمون الخيلَ من الحُصونِ، ويجْعلون النَّاسَ كلَّهم رَجَّالةً، حتَّى وَلِىَ عمرُ بن عبد العزيز، فأنْكَر ذلك، وأمَرَ بإسْهامِها من فَتْحِ الحُصونِ والمدائِن. وَوَجْهُ ذلك، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قسَمَ غنائِمَ خَيْبَرَ؛ للفارِس ثلاثةُ أسْهُمٍ، وللرَّاجلِ سَهْمٌ (2). وهى حصونٌ، ولأنَّ الخيلَ ربما احْتِيجَ إليها، بأنْ ينْزِلَ أهلُ الحِصْنِ، فيقاتِلُوا خارجًا منه، ويَلْزَمُ صاحبَه مُؤْنةٌ له، فيُقْسَمُ له، كما لو كانُوا (3) فى غيرِ حِصْنٍ.
1650 - مسألة؛ قال: (ويُرْضَع لِلْمَرْأةِ وَالْعَبْدِ)
معناه أنَّهم يُعْطَوْنَ شيئًا من الغنيمَةِ دونَ السَّهْمِ، ولا يُسْهَمُ لهم سهمٌ كامِلٌ، ولا تقديرَ لما يُعْطَوْنَه، بل ذلك إلى اجْتهادِ الإِمامِ، فإنْ رأَى التَّسْوِيَةَ بينهم سَوَّى بَيْنَهُم (1)، وإنْ رأَى
(5) فى م: "بعدها".
(6)
فى أ: "أمواله".
(1)
تقدم تخريجه فى صفحة 85، 86.
(2)
فى م زيادة: "من".
(3)
فى م: "كان".
(1)
سقط من: الأصل، أ.
التفْضِيلَ فَضَّلَ. وهذا قولُ أَكْثَرِ أهلِ العلمِ؛ منهم سعيدُ بنُ المسيَّبِ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عبَّاس، وقال أبو ثَوْرٍ: يُسْهَمُ للعَبْدِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبد العزيز، والحسَن (2)، والنَّخَعِىِّ؛ لما رُوِىَ عن الأسْودِ بن يَزِيدَ، أنَّه شَهِدَ فَتْحَ القادِسِيَّةِ عَبِيدٌ، فضَربَ لهم سِهامَهم (3). ولأنَّ حُرْمَةَ العَبْدِ فى الدِّينِ كحُرْمَةِ الحُرِّ، وفيه من الغَناءِ مئلُ ما فيه، فوَجَبَ أنْ يُسْهَمَ له، كالحُرِّ. وحُكِىَ عن الأوْزاعِىِّ: ليس للعبيدِ سهْمٌ ولا رَضْخٌ، إلَّا أنْ يَجِيئُوا بغنيمةٍ، أو يكونَ لهم غَناءٌ، فيُرْضَخَ لهم. قال: ويُسْهَمُ للمَرْأَةِ؛ لما روَى حَشْرَجُ (4) بنِ زيادٍ، عن جدَّتِه، أَنَّها حَضَرَت فتْحَ خَيْبَرَ، قالت: فأسْهَمَ لنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، كما أَسْهَمَ للرِّجالِ (5). وأسْهَمَ أبو موسى فى غَزْوةِ تُسْتَرَ (6) لنِسْوَةٍ معه (7). وقال أبو بكر بن أبى مَرْيم: أُسْهِمْنَ النِّساءُ يومَ اليَرْموكِ. وروَى سعيدٌ (8)، بإسْنادِه عن ابنِ شِبْلٍ (9)، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ لسَهْلَة بنتِ عاصمٍ يومَ حُنَيْنٍ بسَهْمٍ، فقال رجلٌ من القومِ: أُعْطِيَتْ سَهْلةُ مثلَ سَهْمِى. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عبَّاس، أنَّه قال: كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يغزُو بالنِّساءِ، فيُداوِينَ الجَرْحَى، ويُحْذَيْنَ مِن الغنيمَةِ، وأمَّا سَهْمٌ، فلم يَضْرِبْ لهُنَّ. رواه مُسْلِمٌ (10). وروَى
(2) فى أ: "والحسين".
(3)
خبر شهود الأسود القادسية، فى تاريخ الطبرى 3/ 511، 576. ولم نجد هذا فيه.
(4)
فى م: "جَرِير". خطأ.
(5)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 68. وأحمد، فى: المسند 5/ 271، 6/ 371.
(6)
تستر: أعظم مدينة بخوزستان. معجم البلدان 1/ 847.
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة، فى: باب فى الغزو بالنساء، من كتاب الجهاد. المصنِّف 12/ 527. ولم يذكر أنه أسهم لهن. وأخرجه قبل هذا، فى: باب فى النساء والصبيان هل لهم من الغنيمة شىء؟ من كتاب الجهاد. المصنِّف 12/ 409. ولم يذكر فيه تستر.
(8)
فى: باب ما جاء فى سهمان النساء، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 283.
(9)
فى سنن سعيد: "شبل".
(10)
فى: باب النساء الغازيات يرضخ لهن. . .، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم 3/ 1444.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 68. والترمذى، فى: باب من يعطى الفىء، من أبواب السِّيَر. عارضة الأحوذى 7/ 46. والإِمام أحمد، فى: المسند 1/ 308.
سعيدٌ (11)، عن يَزِيدَ بنِ هَارُون، أنَّ نَجْدَةَ كتبَ إلى ابن عبَّاسٍ، يسألُه عن المرأةِ والمملوكِ يحضُران الفَتْحَ، ألَهُما من المَغْنَمِ شىء؟ قال يُحْذَيانِ، وليس لهما شىءٌ. وفى رِوايةٍ قال: ليس لهما سهمٌ، وقد يُرْضَخُ لهما. وعن عُمَيْرٍ مولَى آبِى اللَّحْمِ، قال: شهدْتُ خَيْبَرَ مع سادَتِى، فكلَّمُوا فِىَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأُخْبِرَ أنِّى مملوكٌ، فأمرَ لى بشىءٍ من خُرْثِىِّ الْمَتاعِ. روَاه أبو داود (12). واحْتَجَّ به أحمد، ولأنَّهما ليسا (13) من أهلِ القتالِ، فلم يُسْهَمْ لهما، كالصَّبِىِّ. قالت عائِشَةُ: يا رسولَ اللَّه، هل على النِّساءِ جِهادٌ؟ قال:"نَعَمْ، جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ، الحَجُّ، والعُمْرَةُ"(14).
وقال عمرُ بن أبى رَبِيعة (15):
كُتِبَ القَتْلُ والقِتَالُ عَلَيْنَا
…
وعلى المُحْصَناتِ جَرُّ الذُّيُولِ
ولأنَّ المرأَةَ ضعيفةٌ، يسْتَوْلِى عليها الخَوَرُ، فلا تَصْلُحُ للقتالِ، ولهذا لم تُقْتَلْ إذا كانت حَرْبِيَّةً. فأمَّا ما رُوِى فى إِسْهام النِّساءِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ الرَّاوِىَ سَمَّى الرَّضْخَ سَهْمًا، بدليلِ أنَّ فى حديثِ حَشْرَجٍ، أنَّه جَعَلَ لهُنَّ نَصِيبًا تَمْرًا. ولو كان سَهْمًا، ما اخْتَصَّ التَّمْرَ، ولأَنَّ خَيْبَرَ قُسِمَتْ على أهلِ الحُدَيْبِيَةِ، نَفَرٍ مَعْدُودِين فى غيرِ حَدِيثِها، ولم يُذْكَرْنَ منهم. ويَحْتَمِلُ أنَّه أَسْهَمَ لَهُنَّ مثلَ سَهْمِ (16) الرِّجالِ من التَّمْرِ خاصَّةً، أو من المَتاعِ دونَ الأرْضِ. وأمَّا حديثُ سَهْلَةَ، فإنَّ فى الحديثِ أَنَّها وَلَدَتْ، فأعْطاها النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم لها ولوَلدِها، فبلَغَ رَضْخُهما سَهْمَ رجلٍ، ولذلك عَجِبَ الرَّجُلُ الذى قالَ: أُعْطِيَتْ سَهْلةُ مثلَ سَهْمِى. ولو كان هذا مَشْهورًا من فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ما عَجِبَ منه.
(11) فى: باب العبد والمرأة يحضران الفتح، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 283.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 68.
(12)
فى: باب فى المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 68.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب هل يسهم للعبد؟ ، من أبواب السِّيَر. عارضة الأحوذى 7/ 47. وابن ماجه، فى: باب العبيد والنساء يشهدون مع المسلمين، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 952.
(13)
فى م: "ليس".
(14)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 9.
(15)
ديوانه 498.
(16)
فى م: "سهام".