الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْنَثُ. ولَنا، أنَّه مَلْبُوسٌ حَقِيقَةً وعُرْفًا، فحَنِثَ به، كالثِّيابِ، وفى الحديثِ أَنَّ النَّجاشِىَّ أَهْدَى إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم خُفَّيْنِ، فلَبِسَهُما (15). وقيل لابنِ عُمَرَ: إنَّكَ تَلْبَسُ هذا النِّعالَ؟ قال: إِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهما (16). فإنْ تَرَكَ القَلَنْسُوَةَ فى رِجْلِه، أو أَدْخَلَ يَدَهُ فى الخُفِّ أو النَّعْلِ، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ ذلك ليس بِلُبْسٍ لهما.
فصل:
وإِنْ حَلَفَ لَيُلْبِسَنَّ امْرَأَتَه حَلْيًا، فألْبَسَها (17) خاتَمًا من فِضَّةٍ، أو مَخْنَقةً من لُؤْلُؤٍ، أو جَوْهَرٍ وَحْدَه، بَرَّ فى يَمِينِه. وبه قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَبَرُّ؛ لأَنَّه ليسَ بِحَلْى وَحْدَه. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} (18). وقال تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} (19) وجاءَ فى الحديثِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، أنَّه قال: قال اللَّه تعالى للبَحْرِ الشَّرْقِىِّ: إنِّى جاعِلٌ فيك الحِلْيَةَ والصَّيْدَ والطِّيبَ (20). ولأَنَّ الفِضَّةَ حَلْىٌ إذا كانَتْ سِوارًا أو خَلْخالًا، فكانتْ حَلْيًا إذا كانَتْ خاتَمًا، كالذَّهَبِ، والجَوْهَرُ واللُّؤْلُؤُ حَلْىٌ مع غَيْرِه، فكانَ حَلْيًا وَحْدَه، كالذَّهَبِ. فإنْ أَلْبَسَها عَقِيقًا، أو سَبَجًا (21)، لم يَبَرَّ وقال الشافِعِىُّ: إِنْ كان من أهلِ السَّوادِ بَرَّ، وفى غيرِهم وَجْهان؛ لأنَّ هذا حَلْىٌ فى عُرْفِهم. ولَنا، أَنَّ هذا ليسَ بِحَلْى، فلا يَبَرُّ به، كالوَدَعِ، وخَرَزِ الزجاجِ. وما ذَكَرُوه يبْطُلُ بالوَدَعِ. وإِنْ حَلَفَ لا يَلْبَسُ حَلْيًا، فلَبِسَ دَراهِمَ أو دَنانِيرَ فى مُرْسَلَةٍ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه ليس بحَلْى إذا لم يَلْبَسْه، فكذلك إذا لَبِسَه. والثانى، يَحْنَثُ؛ لأَنَّه ذَهَبٌ وفِضَّةٌ لَبِسَه، فكان حَلْيًا،
(15) أخرجه أبو داود، فى: باب المسح على الخفين، من كتاب الطهارة. سنن أبى داود 1/ 34. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الخفاف السود، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 260. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى المسح على الخفين، من كتاب الطهارة، وفى: باب الخفاف السود، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 1/ 182، 2/ 1196. والإمام أحمد، فى: المسند 5/ 352.
(16)
انظر: جامع الأصول 11/ 272.
(17)
فى م: "فلبسها".
(18)
سورة النحل 14.
(19)
سورة الحج 23.
(20)
انظر: الدر المنثور، فى تفسير الآية 14 من سورة النحل 4/ 113.
(21)
السبج: خرز أسود.