الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتُرِطَ أن يكونَ واجِدًا للزَّادِ، ونَفَقةِ عائلتِه في مُدَّةِ غيبتهِ، وسلاحٍ يُقَاتِلُ به، ولا تُعْتَبَرُ الرّاحِلَةُ؛ لأنَّه سَفَرٌ قريبٌ. وإن كانتِ المسافةُ تُقْصَرُ فيها الصَّلَاةُ، اعْتُبِرَ مع ذلك الرَّاحِلَةُ؛ لقولِ اللَّه تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} (23).
فصل:
وأقل ما يُفْعَلُ مَرَّةً في كلِّ عامٍ؛ لأنَّ الجِزْيَةَ تجبُ على أهلِ الذِّمَّةِ في كلِّ عامٍ، وهى بَدَلٌ عن النُّصْرَةِ، فكذلك مُبْدَلُها وهو الجِهادُ، فيجبُ في كلِّ عامٍ مرَّةً، إلَّا من عُذْرٍ، مثل أن يكونَ بالمسلمين ضَعْفٌ في عددٍ أو عُدَّةٍ، أو يكونَ [مُنْتَظِرًا لِمَدَدٍ](24) يَسْتَعِينُ به، أو يكونَ الطَّريقُ إليهم فيها مانِعٌ أو ليس فيها عَلَفٌ أو ماءٌ، أو يَعْلَمَ مِنْ عَدُوِّه حُسْنَ الرَّأْى في الإِسلامِ، فيَطْمَعَ في إسْلامِهم إن أخَّرَ قتالَهم، ونحوَ ذلك مِمَّا يرى المصلحةَ معه في تَرْكِ القتالِ، فيجوزُ تركُه بِهُدْنَةٍ [وبغيرِ هُدْنَةٍ](25) فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قد صَالَحَ قُريْشًا عشرَ سنينَ، وأخَّرَ قتالَهم حتى نَقَضُوا عَهْدَه (26)، وأخَّرَ قتالَ قبائلَ من العربِ بغيرِ هُدْنَةٍ. وإن دَعَتِ الحاجةُ إلى القتالِ في عامٍ أكثرَ من مَرَّةٍ، وجبَ ذلك؛ لأنَّه فَرْضُ كِفَايةٍ، فوجبَ منه ما دَعَتِ الحاجةُ إليه.
1620 - مسألة؛ قال: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَا أعْلَمُ شيئًا مِنَ العَمَلِ بعدَ الفَرَائِضِ أفْضَلَ مِن الْجِهَادِ)
رَوَى هذه المسألةَ عن أحمدَ جماعَةٌ من أصحابِه، قالَ الأثْرَمُ: قال أحمدُ: لا نعلمُ شيئًا من أبوابِ البرِّ أفْضلَ من السَّبِيلِ. وقال الفضلُ بنُ زيادٍ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ، وذُكِرَ له أمْرُ الغَزْوِ (1)؟ فجعلَ يبكى، ويقول: ما مِنْ أعْمالِ البِرِّ أفضلُ منه. وقال عنه غيرُه:
(23) سورة التوبة 92.
(24)
في أ، م:"ينتظر المدد".
(25)
سقط من: الأصل، م.
(26)
انظر ما ذكره الواقدى، في المغازى 2/ 611، 780.
(1)
في م: "العدو".
ليس يَعْدِل لقاءَ العَدُوِّ شَىْءٌ. ومباشَرَةُ القتالِ بنفسِه أفضلُ الأعمالِ، والذين يُقاتلونَ العَدُوَّ، هم الذين يَدْفَعُونَ عن الإِسلامِ وعن حَرِيمِهِمْ، فأىُّ عَمَلٍ أفضلُ منه! الناسُ آمنونَ وهم خائِفونَ، قد بَذَلُوا مُهَجَ أَنْفُسِهِم. وقَدْ رَوَى ابنُ مَسْعُودٍ، قال: سألتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أىُّ الأَعمالِ أفْضَلُ؟ قال: "الصَّلَاةُ لِمَواقِيتِهَا". قُلْتُ: ثم أىٌّ؟ قال "ثُمَّ بِرُّ الوالِدَيْنِ". قُلْتُ: ثم أيٌّ؟ قال: "الْجِهادُ في سَبِيلِ اللهِ". قال التِّرْمِذِيُّ (2): هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأعمالِ أَفْضَلُ؟ أوْ أَىُّ الأعمالِ خَيْرٌ؟ قال: "إيمَانٌ باللهِ ورَسُولِهِ". قِيلَ: ثم أيُّ شيءٍ؟ قال: "الْجِهادُ سَنَامُ العَمَلِ". قِيلَ: ثم أَيُّ شَىْءٍ (3)؟ قال: "حَجٌّ مَبْرورٌ". أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (4). وقال: حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ. ورَوَى أبو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ، قال: قِيلَ: يا رسولَ اللهِ، أَيُّ الناسِ أَفْضَلُ؟ فقال:"مُؤْمِنٌ مُجاهِدٌ (5) في سَبيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ ومالِهِ". مُتَّفَقٌ عليه (6). وعن ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"أَلَا أُخْبِرُكُم بِخَيْرِ النّاسِ؟ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبيلِ اللهِ". قال
(2) في: باب ما جاء في بر الوالدين، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذي 8/ 94، 95.
كما أخرجه البخاري، في: باب فضل الصلاة لوقتها، من كتاب مواقيت الصلاة، وفي: باب فضل الجهاد والسير، من كتاب الجهاد، وفي. باب قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} ، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 1/ 140، 4/ 17، 8/ 1. ومسلم، في: باب بيان كون الإِيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم 1/ 89، 90. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 409، 410، 5/ 368.
(3)
سقط من: م.
(4)
في: باب ما جاء أي الأعمال أفضل، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذي 7/ 159.
كما أخرجه البخاري، في: باب فضل الحج المبرور، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 164. والنسائي، في: باب ما يعدل الجهاد في سبيل اللَّه عز وجل، من كتاب الجهاد، المجتبى 6/ 17. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 287.
(5)
في أ: "يجاهد".
(6)
أخرجه البخاري، في: باب أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 4/ 18. ومسلم، في: باب فضل الجهاد والرباط، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 3/ 1503.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب العزلة، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 2/ 1316، 1317.