الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منصور. والجرادُ كالحِيتانِ فى ذلك؛ لأنَّه لا ذكاةَ له، ولأنَّه تُباحُ مَيْتَتُه، فلم يَحْرُمْ بصَيْدِ المَجُوسِىّ، كالحُوتِ.
فصل:
وحُكْمُ سائِرِ الكُفَّارِ، من عَبَدَةِ الأَوْثَانِ والزَّنادِقَةِ وغيرِهم، حُكْمُ الْمَجُوسِىِّ، فى تَحْريمِ ذبائِحِهم وصَيْدِهم، إلَّا الحيتانَ والجرادَ وسائِرَ ما تُباحُ مَيْتَتُه، فإنَّ ما صادُوه مُباحٌ؛ لأنَّه لا يزيدُ بذلك عن مَوْتِه بغيرِ سَبَبٍ. وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"أُحِلَّتْ لنَا مَيْتَتانِ؛ السَّمَكُ، والْجَرَادُ"(11). وقال فى البَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ"(12).
فصل: قال أحمدُ: وطَعامُ الْمَجُوسِ (13) ليس به بَأْسٌ أَنْ يُؤْكَلَ، وإذا أُهْدِىَ إليه أَنْ يُقْبَلَ، إنَّما تُكْرَه ذبائِحُهم، أو شىءٌ فيه دسَمٌ. يعنى من اللحْمِ. ولم يَرَ بالسَّمْنِ والْخُبزِ بأْسًا. وسُئِل عمَّا يَصْنعُ المَجُوسُ لأمْواتِهم، ويُزَمْزِمُون (14) عليهم أَيَّامًا عَشْرًا، ثمَّ (15) يَقْسِمُون (16) ذلك فى الجِيرانِ؟ قال: لا بَأْسَ بذلك. وعن الشَّعْبِىِّ: كُلْ مَع المَجُوسِىِّ وإِنْ زَمْزَمَ. ورَوَى أحمدُ، أَنَّ سعيدَ بنَ جُبَيْر كان يأْ كُلُ من كَوامِيخِ (17) الْمَجُوسِ، وأَعْجَبَه ذلك. ورَوَى هشامٌ، عن الحسنِ، أَنَّه كانَ لا يَرَى بأْسًا بطعامِ الْمَجُوسِ فى المصرِ، ولا بشَواريِزِهم (18)، ولا بكَوامِيخِهم.
1724 -
مسألة؛ قال: (وَكَذلِك كُلُّ (1) مَا مَاتَ مِنَ الْحِيَتانِ فِى الْمَاءِ، وإِنْ طَفَا)
قولُه طَفَا: يعنى ارْتَفَعَ على وجهِ الماءِ. قال عبدُ اللَّه بنُ رَواحَةَ (2):
وَأنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ
…
وفَوْقَ العَرْشِ رَبُّ العَالَمِينَا
(11) أخرجه ابن ماجه، فى: باب صيد الحيتان والجراد، من كتاب الصيد، وفى: باب الكبد والطحال، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1073، 1102. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 97.
(12)
تقدم تخريجه، فى: 1/ 13، 14.
(13)
فى ب، م:"المجوسى".
(14)
الزمزمة: تحرك الشفة بكلام لا يفصح عنه قائله.
(15)
سقط من: م.
(16)
فى ب، م:"يقتسمون".
(17)
الكامخ؛ بفتح الميم: إدام.
(18)
الشواريز: جمع الشيراز، وهو اللبن الرائب.
(1)
سقط من: ب.
(2)
البيت فى ديوانه 165. وهو فى: الاستيعاب 3/ 901، طبقات الشافعية الكبرى 1/ 264، اللسان (ع ر ض) فى قصة.
وجملةُ ذلك أنَّ السَمَكَ وغيرَه من ذواتِ الماءِ التى لا تعيشُ إلَّا فيه، إذا ماتَتْ فهى حَلالٌ، سواءٌ ماتَتْ بسَبَبٍ أو غيرِ سبَبٍ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى البَحْرِ:"هُوَ الطَّهُورُ ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه"(3). قال أحمدُ: هذا خيرٌ من مائَةِ حَدِيثٍ. وأمَّا ما ماتَ بسبَبٍ، مثل أَنْ صادَه (4) إنسانٌ، أو نَبَذَهُ البَحْرُ، أو جَزَرَ عنه، فإنَّ العُلَماءَ أجْمَعُوا على إباحَتِه، وكذلك ما حُبسَ فى الماءِ بحَظِيرَةٍ حتَّى يموتَ، فلا خلافَ أيضًا فى حِلِّه. قال أحمدُ: الطَّافِى يُؤْكَلُ، وما جَزَرَ عنه الماءُ أجودُ، والسَّمَكُ الذى نَبَذَه البحرُ لم يَخْتَلِفِ النَّاسُ فيه، وإنَّما اخْتَلَفُوا فى الطَّافِى، وليس به بأْسٌ. وممَّن أباحَ الطَّافِىَ من السَّمكِ أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وأبو أيُّوبَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما. وبه قال [مالِكٌ، و](5) الشافِعِىُّ. وممَّنْ أباحَ ما وُجدَ من الْحِيتانِ عَطاءٌ، ومَكْحولٌ، والثَّوْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ. وكرِهَ الطَّافِىَ جابِرٌ، وطاوسٌ، وابنُ سِيربنَ، وجابِرُ بنُ زَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ جابرًا قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا أَلْقَى البَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، فكُلُوهُ، ومَا مَاتَ فيه وَطَفَا، فلا تَأْكُلُوهُ". روَاه أبو داودَ (6). ولَنا، قَوْلُ اللَّهِ تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (7). قال ابنُ عبّاسٍ: طعامُه ما ماتَ فيه (8). وأيضًا الحديثُ الذى قَدَّمْناه. وقال أبو بكرٍ الصِّدِّيق، رَضِىَ اللَّهُ عنه: الطَّافِى حَلالٌ (8). ولأنَّه لو ماتَ فى البرِّ أُبِيحَ، فإذا ماتَ فى البحرِ أبِيحَ، كالجرادِ. فأمَّا حديثُ جابِرٍ، فإنَّما هو مَوْقُوفٌ عليه، كذلك قال أبو داود: روَاه
(3) تقدم تخريجه، فى: 1/ 13، 14.
(4)
فى ب: "يصيده".
(5)
سقط من: م.
(6)
فى: باب فى أكل الطافى من السمك، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 322.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الطافى من صيد البحر، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه 2/ 1081.
(7)
سورة المائدة 96.
(8)
أخرجهما البخارى تعليقا، فى: باب قول اللَّه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} ، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى 7/ 116. والدارقطنى، فى: كتاب الصيد والذبائح. سنن الدارقطنى 4/ 269، 270. والبيهقى، فى: باب ما لفظ البحر وطفا. . .، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى 9/ 253، 255. وابن أبى شيبة، فى: باب من رخص فى الطافى من السمك، وباب قوله تعالى: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} من كتاب الصيد. المصنف 5/ 381، 582.