الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كان العُذْرُ يُبِيحُ الفِطر كالسَّفَرِ، فهل يقْطعُ التَّتابُعَ؟ ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يقْطَعُه؛ لأنَّه يُفْطِرُ باخْتيارِه. والثانى، لا يقْطَعُه؛ لأنَّه عُذْرٌ فى فِطْرِ رمضانَ، فأشْبَهَ المرضَ. والثانى (1)، أن يُفْطِرَ لغيرِ عُذْرٍ، فهذا يَلْزَمُه اسْتِئْنافُ الصيامِ، ولا كفَّارةَ عليه؛ لأنَّه تَرَكَ التَّتابُعَ المنْذُورَ لغيرِ عُذْرٍ، مع إِمْكانِ الإِتْيانِ به، فلَزِمَه فِعْلُه، كما لو نَذَرَ صومًا مُعَيَّنًا فصامَ قبلَه. وبهذا ال
فَصْلِ
قال الشافعىُّ، إلا فى الكفَّارةِ، فإنَّه لا يُوجِبُها فى المَنْذورِ (2)، وقد ذكرنا دليلَ وجوبِها (3).
فصل: إذا صامَ شهرًا من أوَّلِ الهلالِ، أَجْزَأَه، ناقِصًا كان أو تامًّا؛ لأنَّ ما بينَ الهِلاليْنِ شهرٌ، ولذلك قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ"(4). وإِنْ بدأَ من أثْناءِ شَهرٍ، لَزِمَه شهرٌ بالعدَدِ، ثلاثون يومًا؛ لِقَوْلِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأكْمِلُوا ثَلَاثِينَ"(5). فإنْ صامَ شوَّالَ، لَزِمَه إكْمالُه ثلاثينَ؛ لأنَّه بدأَ من أَثْنائِه، وإن كان ناقصًا، قضَى يَوميْنِ، وإن كان تامًّا أتمَّ يومًا واحدًا. وإِنْ صامَ ذا الحِجَّةِ، أفْطَرَ يومَ الأَضْحَى وأيَّامَ التَّشْرِيقِ، ولم ينْقَطِعْ تَتابُعه، كما لو أفْطرَتِ المرأةُ بحَيْضٍ، وعليه كفارةٌ، ويقْضِى أربعةَ أيام إن كان تامًّا، وخمسةً إن كان ناقصًا. ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَه إِلَّا الأَرْبَعةُ، وإن كان ناقصًا؛ لأنَّه بدأَه مِن أوَّلِه، فَيقْضِى المتْروكَ منه لا
(1) أى: والحال الثانى.
(2)
فى ب: "النذر".
(3)
تقدم فى صفحة 622 وما بعدها.
(4)
أخرجه البخارى، فى: باب الصلاة فى السطوح. . .، من كتاب الصلاة، وفى: باب الغرفة والعلية المشرفة. . .، من كتاب المظالم، وفى: باب موعظة الرجل ابنته. . .، من كتاب النكاح، وفى: باب من حلف أن لا يدخل على أهله. . .، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخارى 1/ 106، 3/ 176، 7/ 38، 8/ 173. والترمذى، فى: باب ما جاء أن الشهر يكون تسعًا وعشرين. عارضة الأحوذى 3/ 205. والنسائى، فى: باب كم الشهر، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 111 - 113. وابن ماجه، فى: باب ما جاء فى الشهر تسع وعشرون، من كتاب الصيام، وفى: باب الإيلاء، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 530، 664. والدارمى، فى: باب الشهر تسع وعشرون، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 4، والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى رؤية الهلال للصوم. . .، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 286. والإمام أحمد، فى: المسند 1/ 281، 258، 340، 2/ 31، 40، 56، 75، 78، 251، 298، 3/ 200، 341، 6/ 33، 51، 105، 163، 243، 315. وانظر ما تقدم فى: 4/ 331، 10/ 503.
(5)
تقدم تخريجه، فى: 4/ 330.